[ ص: 122 ] وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بقتل ثمانية رجال وأربع نسوة ، فأما الرجال فمنهم
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ، كان يشبه أباه في إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعداوته والإنفاق على محاربته ، فلما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة خافه على نفسه ، فهرب إلى
اليمن ، وأسلمت أمرأته
أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، فاستأمنت له ، وخرجت في طلبه ومعها غلام لها رومي ، فراودها عن نفسها ، فأطمعته ولم تمكنه ، حتى أتت حيا من العرب فاستعانتهم عليه ، فأوثقوه ، وأدركت
عكرمة وهو يريد ركوب البحر فقالت : جئتك من عند أوصل الناس ، وأحلمهم ، وأكرمهم ، وقد آمنك ، فرجع ، وأخبرته خبر الرومي ، فقتله قبل أن يسلم . فلما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سر به ، فأسلم وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر له ، فاستغفر .
ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية بن خلف ، وكان أيضا شديدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فهرب خوفا منه إلى
جدة ، فقال
عمير بن وهب الجمحي : يا رسول الله ، إن
صفوان سيد قومي ، وقد خرج هاربا منك فآمنه . قال : هو آمن ، وأعطاه عمامته التي دخل بها
مكة ليعرف بها أمانه ، فخرج بها عمير فأدركه
بجدة ، فأعلمه بأمانه وقال : إنه أحلم الناس وأوصلهم ، وإنه ابن عمك ، وعزه عزك ، وشرفه شرفك . قال : إني أخافه على نفسي . قال : هو أحلم من ذلك . فرجع صفوان وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن هذا يزعم أنك آمنتني . قال : صدق . قال : اجعلني بالخيار شهرين . قال : أنت فيه أربعة أشهر . فأقام معه كافرا ، وشهد معه
حنينا والطائف ، ثم أسلم وحسن إسلامه ، وتوفي
بمكة عند خروج الناس إلى
البصرة ليوم الجمل .
ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح من
بني عامر بن لؤي ، وكان قد أسلم وكتب الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا أملى عليه : عزيز حكيم ، يكتب : عليم حكيم ، وأشباه ذلك ، ثم ارتد وقال
لقريش : إني أكتب أحرف
محمد في قرآنه حيث شئت ، ودينكم خير من دينه ، فلما كان يوم الفتح فر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، وكان أخاه من الرضاعة ، فغيبه
عثمان حتى اطمأن الناس ، ثم أحضره عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلب له الأمان ، فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويلا ثم آمنه ، فأسلم وعاد ، فلما انصرف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : لقد صمت ليقتله أحدكم . فقال أحدهم : هلا أومأت إلينا ؟ فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025920 [ ص: 123 ] ما كان للنبي أن يقتل بالإشارة ، إن الأنبياء لا يكون لهم خائنة الأعين .
ومنهم
عبد الله بن خطل ، وكان قد أسلم ، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقا ومعه رجل من
الأنصار وغلام له رومي قد أسلم ، فكان الرومي يخدمه ويصنع الطعام ، فنسي يوما أن يصنع له طعاما ، فقتله وارتد ، وكان له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتله
سعيد بن حريث المخزومي ، أخو
nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث ،
nindex.php?page=showalam&ids=88وأبو برزة الأسلمي .
ومنهم
الحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي ، وكان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمكة ، وينشد الهجاء فيه ، فلما كان يوم الفتح هرب من بيته ، فلقيه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، فقتله .
ومنهم
مقيس بن صبابة ، وإنما أمر بقتله لأنه قتل الأنصاري الذي قتل أخاه
هشاما خطأ وارتد ، فلما انهزم
أهل مكة يوم الفتح اختفى بمكان هو وجماعة ، وشربوا الخمر ، فعلم به
نميلة بن عبد الله الكناني ، فأتاه فضربه بالسيف حتى قتله .
ومنهم
عبد الله بن الزبعرى السهمي ، وكان يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمكة ويعظم القول فيه ، فهرب يوم الفتح هو
وهبيرة بن أبي وهب المخزومي زوج
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب - إلى
نجران ، فأما
هبيرة فأقام بها مشركا حتى هلك ، وأما
ابن الزبعرى فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتذر ، فقبل عذره ، فقال حين أسلم :
يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أباري الشيطان في سنن الغي
ومن مال ميله مثبور [ ص: 124 ] آمن اللحم والعظام بربي
ثم نفسي الشهيد أنت النذير
في أشعار له كثيرة يعتذر فيها .
ومنهم
وحشي بن حرب قاتل
حمزة ، فهرب يوم الفتح إلى
الطائف ، ثم قدم في وفد أهله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن
محمدا رسول الله . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025921أوحشي ؟ قال : نعم . قال : أخبرني كيف قتلت عمي ؟ فأخبره ، فبكى وقال : غيب وجهك عني . وهو أول من جلد في الخمر ، وأول من لبس المعصفر المصقول في الشام .
وهرب
nindex.php?page=showalam&ids=2207حويطب بن عبد العزى ، فرآه
أبو ذر في حائط ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكانه ، فقال : أوليس قد آمنا الناس إلا من قد أمرنا بقتله ؟ فأخبره بذلك ، فجاء إلى النبي فأسلم . قيل : إنه دخل يوما على
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم وهو على
المدينة ، فقال له
مروان : يا شيخ ، تأخر إسلامك . فقال : لقد هممت به غير مرة فكان يصدني عنه أبوك .
فأما النساء فمنهن
هند بنت عتبة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلها لما فعلت بحمزة ، ولما كانت تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمكة ، فجاءت إليه مع النساء متخفية فأسلمت ، وكسرت كل صنم في بيتها وقالت : لقد كنا منكم في غرور ، وأهدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جديين ، واعتذرت من قلة ولادة غنمها ، فدعا لها بالبركة في غنمها فكثرت ، فكانت تهب وتقول : هذا من بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالحمد لله الذي هدانا للإسلام .
ومنهن
سارة ، وهي مولاة
عمرو بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وهي التي حملت كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة في قول بعضهم ، وكانت قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمة فوصلها ، فعادت إلى مكة مرتدة ، فأمر بقتلها ، فقتلها
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
ومنهن
قينتا عبد الله بن خطل ، وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقتلهما ، فقتلت إحداهما واسمها
قريبة ، وفرت الأخرى وتنكرت وجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 125 ] فأسلمت ، وبقيت إلى خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فأوطأها رجل فرسه خطأ فماتت ، وقيل : بقيت إلى خلافة
عثمان ، فكسر رجل ضلعا من أضلاعها خطأ فماتت ، فأغرمه
عثمان ديتها .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025922ولما nindex.php?page=treesubj&link=30887دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة كانت عليه عمامة سوداء ، فوقف على باب الكعبة وقال : لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل دم أو مأثرة أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت ، وسقاية الحج . ثم قال : يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم . قال : اذهبوا ، فأنتم الطلقاء . فعفا عنهم ، وكان الله قد أمكنه منهم ، وكانوا له فيئا ، فلذلك سمي أهل مكة الطلقاء . nindex.php?page=treesubj&link=30889وطاف بالكعبة سبعا ، ودخلها وصلى فيها ، ورأى فيها صور الأنبياء ، فأمر بها فمحيت ، وكان على الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، وكان بيده قضيب ، فكان يشير به إلى الأصنام وهو يقرأ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فلا يشير إلى صنم منها إلا سقط لوجهه . وقيل : بل أمر بها وخدمت وكسرت .
ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للبيعة على
الصفا nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب تحته ، واجتمع الناس لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، فكان يبايعهم على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ، فكانت هذه بيعة الرجال .
وأما بيعة النساء ، فإنه لما فرغ من الرجال بايع النساء ، فأتاه منهن نساء من نساء
قريش ، منهن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب ،
وأم حبيب بنت العاص بن أمية ، وكانت عند
عمرو بن عبد ود العامري ،
وأروى بنت أبي العيص عمة
عتاب بن أسيد ، وأختها
عاتكة بنت أبي العيص ، وكانت عند
المطلب بن أبي وداعة السهمي ، وأمه
بنت عفان بن أبي العاص أخت عثمان ، وكانت عند
سعد حليف
بني مخزوم ،
وهند بنت عتبة ، وكانت عند
أبي سفيان ،
ويسيرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ،
وأم حكيم بنت [ ص: 126 ] الحارث بن هشام ، وكانت عند
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ،
وفاختة بنت الوليد بن المغيرة أخت خالد ، وكانت عند
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية بن خلف ،
وريطة بنت الحجاج ، وكانت عند عمرو بن العاص في غيرهن ، وكانت
هند متنكرة لصنيعها
بحمزة ، فهي تخاف أن تؤخذ به ، وقال لهن : تبايعنني على أن لا تشركن بالله شيئا . قالت
هند : إنك والله لتأخذ علينا ما لا تأخذه على الرجال ، فسنؤتيكه . قال : ولا تسرقن . قالت : والله إن كنت لأصيب من مال
أبي سفيان الهنة والهنة . فقال
أبو سفيان ، وكان حاضرا : أما ما مضى فأنت منه في حل . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
أهند ؟ قالت أنا
هند فاعف عما سلف ، عفا الله عنك . قال ولا تزنين . قالت : وهل تزني الحرة ؟ قال : ولا تقتلن أولادكن . قالت : ربيناهم صغارا ، وقتلتهم يوم بدر كبارا ، فأنت وهم أعلم . فضحك
عمر . قال : ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن . قالت : والله إن إتيان البهتان لقبيح ، ولبعض التجاوز أمثل . قال : ولا تعصينني في معروف . قالت ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لعمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025923بايعهن . واستغفر لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمس النساء ، ولا يصافح امرأة ، ولا تمسه امرأة إلا امرأة أحلها الله له ، أو ذات محرم منه .
ولما جاء وقت الظهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة وقريش فوق الجبال ، فمنهم من يطلب الأمان ، ومنهم من قد أمن ، فلما أذن وقال : أشهد أن
محمدا رسول الله ، قالت
جويرة بنت أبي جهل : لقد أكرم الله أبي حين لم يشهد نهيق
بلال فوق
الكعبة . وقيل : إنها قالت : لقد رفع الله ذكر
محمد ، وأما نحن فسنصلي ، ولكنا لا نحب من قتل الأحبة .
وقال
خالد بن أسد ، أخو
عثمان بن أسد : لقد أكرم الله أبي ، فلم ير هذا اليوم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14062الحارث بن هشام : ليتني مت قبل هذا اليوم .
وقال جماعة نحو هذا القول . ثم أسلموا وحسن إسلامهم ، ورضي الله عنهم .
( وأما الأسماء المشكلة ،
فحاطب بن أبي بلتعة بالحاء والطاء المهملتين ، والباء الموحدة ، وبلتعة بالباء الموحدة ، وبعد اللام تاء مثناة من فوقها .
وعيينة بن حصن [ ص: 127 ] بضم العين المهملة ، وياءين مثناتين من تحت ، ثم نون ، تصغير عين ،
وبديل بن ورقاء بضم الباء الموحدة .
وعتاب بالتاء فوقها نقطتان ، وآخره باء موحدة . وأسيد بفتح الهمزة ، وكسر السين ) .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : ابن عمك وابن عمتك ، فتعني بابن عمه
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وابن عمته
عبد الله بن أبي أمية ، وهو أخوها لأبيها ، وكانت أمه
nindex.php?page=showalam&ids=10982عاتكة بنت عبد المطلب . وقوله : قال في
مكة ما قال : فإنه قال
بمكة : لن نؤمن لك حتى ترقى في السماء ، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه . وقد غلط هنا بعض العلماء الكبار فقال : معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : ابن عمتك ، أن جدة النبي
أم عبد الله كانت مخزومية ،
وعبد الله بن أبي أمية مخزومي ، فعلى هذا يكون ابن خالته لا ابن عمته ، والصواب ما ذكرناه .
( وحبيش بن
خالد بضم الحاء المهملة ، وبالباء الموحدة ، ثم بالياء المثناة من تحت ، وآخره شين معجمة .
ومقيس بن صبابة بكسر الميم ، وسكون القاف ، وبالياء المثناة من تحت المفتوحة ، وآخره سين مهملة .
وصبابة بضم الصاد المهملة ، وباءين موحدتين بينهما ألف .
خطم الجبل روي بالخاء المعجمة ، وبالحاء المهملة ، فأما بالخاء المعجمة فهو الأنف الخارج من الجبل ، وأما بالحاء المهملة فهو الموضع الذي ثلم منه وقطع ، فبقي منقطعا ، وقد روي حطم الخيل بالحاء المهملة ، والخيل هذه هي التي تركب ، يعني أنه يحبسه في الموضع الضيق الذي يحطم الخيل فيه بعضها بعضا لضيقه ) .
[ ص: 122 ] وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ ثَمَانِيَةِ رِجَالٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ ، فَأَمَّا الرِّجَالُ فَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ، كَانَ يُشْبِهُ أَبَاهُ فِي إِيذَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَاوَتِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى مُحَارَبَتِهِ ، فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ خَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَهَرَبَ إِلَى
الْيَمَنِ ، وَأَسْلَمَتِ أَمِرْأَتُهُ
أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، فَاسْتَأْمَنَتْ لَهُ ، وَخَرَجَتْ فِي طَلَبِهِ وَمَعَهَا غُلَامٌ لَهَا رُومِيٌّ ، فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا ، فَأَطْمَعَتْهُ وَلَمْ تُمَكِّنْهُ ، حَتَّى أَتَتْ حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَاسْتَعَانَتْهُمْ عَلَيْهِ ، فَأَوْثَقُوهُ ، وَأَدْرَكَتْ
عِكْرِمَةَ وَهُوَ يُرِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ فَقَالَتْ : جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَوْصَلِ النَّاسِ ، وَأَحْلَمِهِمْ ، وَأَكْرَمِهِمْ ، وَقَدْ آمَنَكَ ، فَرَجَعَ ، وَأَخْبَرَتْهُ خَبَرَ الرُّومِيِّ ، فَقَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ . فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُرَّ بِهِ ، فَأَسْلَمَ وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ ، فَاسْتَغْفَرَ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَكَانَ أَيْضًا شَدِيدًا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَرَبَ خَوْفًا مِنْهُ إِلَى
جُدَّةَ ، فَقَالَ
عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ
صَفْوَانَ سَيِّدُ قَوْمِي ، وَقَدْ خَرَجَ هَارِبًا مِنْكَ فَآمِنْهُ . قَالَ : هُوَ آمِنٌ ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَتَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا
مَكَّةَ لِيَعْرِفَ بِهَا أَمَانَهُ ، فَخَرَجَ بِهَا عُمَيْرٌ فَأَدْرَكَهُ
بِجُدَّةَ ، فَأَعْلَمَهُ بِأَمَانِهِ وَقَالَ : إِنَّهُ أَحْلَمُ النَّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ ، وَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكَ ، وَعِزُّهُ عِزُّكَ ، وَشَرَفُهُ شَرَفُكَ . قَالَ : إِنِّي أَخَافُهُ عَلَى نَفْسِي . قَالَ : هُوَ أَحْلَمُ مِنْ ذَلِكَ . فَرَجَعَ صَفْوَانُ وَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ آمَنْتَنِي . قَالَ : صَدَقَ . قَالَ : اجْعَلْنِي بِالْخِيَارِ شَهْرَيْنِ . قَالَ : أَنْتَ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ . فَأَقَامَ مَعَهُ كَافِرًا ، وَشَهِدَ مَعَهُ
حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَتُوفِيَّ
بِمَكَّةَ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى
الْبَصْرَةِ لِيَوْمِ الْجَمَلِ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=16436عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ مِنْ
بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَكَتَبَ الْوَحْيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ إِذَا أَمْلَى عَلَيْهِ : عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، يَكْتُبُ : عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَقَالَ
لِقُرَيْشٍ : إِنِّي أَكْتُبُ أَحْرُفَ
مُحَمَّدٍ فِي قُرْآنِهِ حَيْثُ شِئْتُ ، وَدِينُكُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَغَيَّبَهُ
عُثْمَانُ حَتَّى اطْمَأَنَّ النَّاسُ ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ ، فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَوِيلًا ثُمَّ آمَنَهُ ، فَأَسْلَمَ وَعَادَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ : لَقَدْ صَمَتُّ لِيَقْتُلَهُ أَحَدُكُمْ . فَقَالَ أَحَدُهُمْ : هَلَّا أَوْمَأَتْ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025920 [ ص: 123 ] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَقْتُلَ بِالْإِشَارَةِ ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَكُونُ لَهُمْ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ .
وَمِنْهُمْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ ، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصَدِّقًا وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ وَغُلَامٌ لَهُ رُومِيٌّ قَدْ أَسْلَمَ ، فَكَانَ الرُّومِيُّ يَخْدُمُهُ وَيَصْنَعُ الطَّعَامَ ، فَنَسِيَ يَوْمًا أَنْ يَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَتَلَهُ وَارْتَدَّ ، وَكَانَ لَهُ قَيْنَتَانِ تُغْنِيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَهُ
سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيُّ ، أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=146عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=88وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ .
وَمِنْهُمُ
الْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَكَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَكَّةَ ، وَيُنْشِدُ الْهِجَاءَ فِيهِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ هَرَبَ مِنْ بَيْتِهِ ، فَلَقِيَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَتَلَهُ .
وَمِنْهُمْ
مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ قَتَلَ الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ
هِشَامًا خَطَأً وَارْتَدَّ ، فَلَمَّا انْهَزَمَ
أَهْلُ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ اخْتَفَى بِمَكَانٍ هُوَ وَجَمَاعَةٌ ، وَشَرِبُوا الْخَمْرَ ، فَعَلِمَ بِهِ
نُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ ، فَأَتَاهُ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ .
وَمِنْهُمْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ ، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَكَّةَ وَيُعَظِّمُ الْقَوْلَ فِيهِ ، فَهَرَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ هُوَ
وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ زَوْجُ
nindex.php?page=showalam&ids=94أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ - إِلَى
نَجْرَانَ ، فَأَمَّا
هُبَيْرَةُ فَأَقَامَ بِهَا مُشْرِكًا حَتَّى هَلَكَ ، وَأَمَّا
ابْنُ الزِّبَعْرَى فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتَذَرَ ، فَقَبِلَ عُذْرَهُ ، فَقَالَ حِينَ أَسْلَمَ :
يَا رَسُولَ الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِي رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُورُ إِذْ أُبَارِي الشَّيْطَانَ فِي سُنَنِ الْغَيِّ
وَمَنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ [ ص: 124 ] آمَنَ اللَّحْمُ وَالْعِظَامُ بِرَبِّي
ثُمَّ نَفْسِي الشَّهِيدُ أَنْتَ النَّذِيرُ
فِي أَشْعَارٍ لَهُ كَثِيرَةٌ يَعْتَذِرُ فِيهَا .
وَمِنْهُمْ
وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَاتِلُ
حَمْزَةَ ، فَهَرَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى
الطَّائِفِ ، ثُمَّ قَدِمَ فِي وَفْدِ أَهْلِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025921أَوَحْشِيُّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : أَخْبِرْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ عَمِّي ؟ فَأَخْبَرَهُ ، فَبَكَى وَقَالَ : غَيِّبْ وَجْهَكَ عَنِّي . وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جُلِدَ فِي الْخَمْرِ ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ الْمُعَصْفَرَ الْمَصْقُولَ فِي الشَّامِ .
وَهَرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=2207حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، فَرَآهُ
أَبُو ذَرٍّ فِي حَائِطٍ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَانِهِ ، فَقَالَ : أَوَلَيْسَ قَدْ آمَنَّا النَّاسَ إِلَّا مَنْ قَدْ أَمَرْنَا بِقَتْلِهِ ؟ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَأَسْلَمَ . قِيلَ : إِنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ عَلَى
الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ
مَرْوَانُ : يَا شَيْخُ ، تَأَخَّرَ إِسْلَامُكَ . فَقَالَ : لَقَدْ هَمَمْتُ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَانَ يَصُدُّنِي عَنْهُ أَبُوكَ .
فَأَمَّا النِّسَاءُ فَمِنْهُنَّ
هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِهَا لِمَا فَعَلَتْ بِحَمْزَةَ ، وَلِمَا كَانَتْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِمَكَّةَ ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ مَعَ النِّسَاءِ مُتَخَفِّيَةً فَأَسْلَمَتْ ، وَكَسَرَتْ كُلَّ صَنَمٍ فِي بَيْتِهَا وَقَالَتْ : لَقَدْ كُنَّا مِنْكُمْ فِي غُرُورٍ ، وَأَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَدْيَيْنِ ، وَاعْتَذَرَتْ مِنْ قِلَّةِ وِلَادَةِ غَنَمِهَا ، فَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ فِي غَنَمِهَا فَكَثُرَتْ ، فَكَانَتْ تَهَبُ وَتَقُولُ : هَذَا مِنْ بَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ .
وَمِنْهُنَّ
سَارَةُ ، وَهِيَ مَوْلَاةُ
عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَهِيَ الَّتِي حَمَلَتْ كِتَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ ، وَكَانَتْ قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمَةً فَوَصَلَهَا ، فَعَادَتْ إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدَّةً ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا ، فَقَتَلَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .
وَمِنْهُنَّ
قَيْنَتَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ ، وَكَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا ، فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَاسْمُهَا
قَرِيبَةُ ، وَفَّرَتِ الْأُخْرَى وَتَنَكَّرَتْ وَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 125 ] فَأَسْلَمَتْ ، وَبَقِيَتْ إِلَى خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَوْطَأَهَا رَجُلٌ فَرَسَهُ خَطَأً فَمَاتَتْ ، وَقِيلَ : بَقِيَتْ إِلَى خِلَافَةِ
عُثْمَانَ ، فَكَسَرَ رَجُلٌ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا خَطَأً فَمَاتَتْ ، فَأَغْرَمَهُ
عُثْمَانُ دِيَتَهَا .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025922وَلَمَّا nindex.php?page=treesubj&link=30887دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ كَانَتْ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ، صَدَقَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ، أَلَا كُلُّ دَمٍ أَوْ مَأْثُرَةٍ أَوْ مَالٍ يُدَّعَى فَهُوَ تَحْتُ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، إِلَّا سَدَانَةَ الْبَيْتِ ، وَسِقَايَةَ الْحَجِّ . ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ ؟ قَالُوا : خَيْرًا ، أَخٌ كَرِيمٌ ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ . قَالَ : اذْهَبُوا ، فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ . فَعَفَا عَنْهُمْ ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَمْكَنَهُ مِنْهُمْ ، وَكَانُوا لَهُ فَيْئًا ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَهْلُ مَكَّةَ الطُّلَقَاءَ . nindex.php?page=treesubj&link=30889وَطَافَ بِالْكَعْبَةِ سَبْعًا ، وَدَخَلَهَا وَصَلَّى فِيهَا ، وَرَأَى فِيهَا صُوَرَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَأَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ ، وَكَانَ عَلَى الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا ، وَكَانَ بِيَدِهِ قَضِيبٌ ، فَكَانَ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الْأَصْنَامِ وَهُوَ يَقْرَأُ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا فَلَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ مِنْهَا إِلَّا سَقَطَ لِوَجْهِهِ . وَقِيلَ : بَلْ أَمَرَ بِهَا وَخُدِمَتْ وَكُسِرَتْ .
ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبَيْعَةِ عَلَى
الصَّفَا nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تَحْتَهُ ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَكَانَ يُبَايِعُهُمْ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا ، فَكَانَتْ هَذِهِ بَيْعَةَ الرِّجَالِ .
وَأَمَّا بَيْعَةُ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الرِّجَالِ بَايَعَ النِّسَاءَ ، فَأَتَاهُ مِنْهُنَّ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ
قُرَيْشٍ ، مِنْهُنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=94أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ ،
وَأُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وَدٍّ الْعَامِرِيِّ ،
وَأَرْوَى بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ عَمَّةُ
عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ ، وَأُخْتُهَا
عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ ، وَأُمُّهُ
بِنْتُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أُخْتُ عُثْمَانَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
سَعْدٍ حَلِيفِ
بَنِي مَخْزُومٍ ،
وَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
أَبِي سُفْيَانَ ،
وَيُسَيْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ،
وَأُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ [ ص: 126 ] الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ ،
وَفَاخِتَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أُخْتُ خَالِدٍ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ،
وَرَيْطَةُ بِنْتُ الْحَجَّاجِ ، وَكَانَتْ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي غَيْرِهِنَّ ، وَكَانَتْ
هِنْدُ مُتَنَكِّرَةً لِصَنِيعِهَا
بِحَمْزَةَ ، فَهِيَ تَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَ بِهِ ، وَقَالَ لَهُنَّ : تُبَايِعْنَنِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا . قَالَتْ
هِنْدُ : إِنَّكَ وَاللَّهِ لَتَأْخُذُ عَلَيْنَا مَا لَا تَأْخُذُهُ عَلَى الرِّجَالِ ، فَسَنُؤْتِيكَهُ . قَالَ : وَلَا تَسْرِقْنَ . قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُصِيبُ مِنْ مَالِ
أَبِي سُفْيَانَ الْهَنَةَ وَالْهَنَةَ . فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ ، وَكَانَ حَاضِرًا : أَمَّا مَا مَضَى فَأَنْتِ مِنْهُ فِي حِلٍّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَهِنْدُ ؟ قَالَتْ أَنَا
هِنْدُ فَاعْفُ عَمَّا سَلَفَ ، عَفَا اللَّهُ عَنْكَ . قَالَ وَلَا تَزْنِينَ . قَالَتْ : وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ ؟ قَالَ : وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ . قَالَتْ : رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارًا ، وَقَتَلْتَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كِبَارًا ، فَأَنْتَ وَهُمْ أَعْلَمُ . فَضَحِكَ
عُمَرُ . قَالَ : وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ . قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنَّ إِتْيَانَ الْبُهْتَانِ لَقَبِيحٌ ، وَلَبَعْضُ التَّجَاوُزِ أَمْثَلُ . قَالَ : وَلَا تَعْصِينَنِي فِي مَعْرُوفٍ . قَالَتْ مَا جَلَسْنَا هَذَا الْمَجْلِسَ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَعْصِيَكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِعُمَرَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025923بَايِعْهُنَّ . وَاسْتَغْفَرَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمَسُّ النِّسَاءَ ، وَلَا يُصَافِحُ امْرَأَةً ، وَلَا تَمَسُّهُ امْرَأَةٌ إِلَّا امْرَأَةٌ أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ ، أَوْ ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهُ .
وَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الظُّهْرِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَقُرَيْشٌ فَوْقَ الْجِبَالِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الْأَمَانَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ أَمِنَ ، فَلَمَّا أَذَّنَ وَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَتْ
جُوَيْرَةُ بِنْتُ أَبِي جَهْلٍ : لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبِي حِينَ لَمْ يَشْهَدْ نَهِيقَ
بِلَالٍ فَوْقَ
الْكَعْبَةِ . وَقِيلَ : إِنَّهَا قَالَتْ : لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَ
مُحَمَّدٍ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَسَنُصَلِّي ، وَلَكِّنَا لَا نُحِبُّ مَنْ قَتَلَ الْأَحِبَّةَ .
وَقَالَ
خَالِدُ بْنُ أَسَدٍ ، أَخُو
عُثْمَانَ بْنِ أَسَدٍ : لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبِي ، فَلَمْ يَرَ هَذَا الْيَوْمَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14062الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ : لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ نَحْوَ هَذَا الْقَوْلِ . ثُمَّ أَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
( وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْمُشْكِلَةُ ،
فَحَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ بِالْحَاءِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ، وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَبَلْتَعَةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَبَعْدَ اللَّامِ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقِهَا .
وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ [ ص: 127 ] بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَيَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ مِنْ تَحْتُ ، ثُمَّ نُونٍ ، تَصْغِيرُ عَيْنٍ ،
وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ .
وَعَتَّابٌ بِالتَّاءِ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ ، وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ . وَأَسِيدٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، وَكَسْرِ السِّينِ ) .
وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ : ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ ، فَتَعْنِي بِابْنِ عَمِّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=9809أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَابْنِ عَمَّتِهِ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَهُوَ أَخُوهَا لِأَبِيهَا ، وَكَانَتْ أُمُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10982عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . وَقَوْلُهُ : قَالَ فِي
مَكَّةَ مَا قَالَ : فَإِنَّهُ قَالَ
بِمَكَّةَ : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَرْقَى فِي السَّمَاءِ ، وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ . وَقَدْ غَلِطَ هُنَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكِبَارِ فَقَالَ : مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ : ابْنُ عَمَّتِكَ ، أَنَّ جَدَّةَ النَّبِيِّ
أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ مَخْزُومِيَّةً ،
وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ مَخْزُومِيٌّ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ابْنَ خَالَتِهِ لَا ابْنَ عَمَّتِهِ ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
( وَحُبَيْشُ بْنُ
خَالِدٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، ثُمَّ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ ، وَآخِرُهُ شِينٌ مُعْجَمَةٌ .
وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَسُكُونِ الْقَافِ ، وَبِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ الْمَفْتُوحَةِ ، وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ .
وَصُبَابَةُ بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ .
خَطْمُ الْجَبَلِ رُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، فَأَمَّا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْأَنْفُ الْخَارِجُ مِنَ الْجَبَلِ ، وَأَمَّا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي ثُلِمَ مِنْهُ وَقُطِعَ ، فَبَقِيَ مُنْقَطِعًا ، وَقَدْ رُوِيَ حَطْمُ الْخَيْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمِلَةِ ، وَالْخَيْلُ هَذِهِ هِيَ الَّتِي تُرْكَبُ ، يَعْنِي أَنَّهُ يَحْبِسُهُ فِي الْمَوْضِعِ الضَّيِّقِ الَّذِي يُحَطِّمُ الْخَيْلُ فِيهِ بَعْضُهَا بَعْضًا لِضِيقِهِ ) .