[ ص: 19 ] nindex.php?page=treesubj&link=31745القول فيما خلق بعد القلم
ثم إن الله خلق - بعد القلم ، وبعد أن أمره فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة - سحابا رقيقا ، وهو الغمام الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025782سأله أبو رزين العقيلي : أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ فقال : في غمام ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق عرشه على الماء . وهو الغمام الذي ذكره الله في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام .
قلت هذا فيه نظر ، لأنه قد تقدم أن أول ما خلق الله تعالى القلم ، وقال له : اكتب . فجرى في تلك الساعة . ثم ذكر في أول هذا الفصل أن الله خلق بعد القلم ، وبعد أن جرى بما هو كائن سحابا ، ومن المعلوم أن الكتابة لا بد فيها من آلة يكتب بها ، وهو القلم ، ومن شيء يكتب فيه ، وهو الذي يعبر عنه ههنا باللوح المحفوظ . وكان ينبغي أن يذكر اللوح المحفوظ ثانيا للقلم ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكون ترك ذكره لأنه معلوم من مفهوم اللفظ بطريقة الملازمة .
ثم اختلف العلماء فيمن خلق الله بعد الغمام ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أول ما خلق الله العرش ، فاستوى عليه .
وقال آخرون : خلق الله الماء قبل العرش ، وخلق العرش فوضعه على الماء ، وهو قول
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه .
وقد قيل : إن الذي خلق الله تعالى بعد القلم الكرسي ، ثم العرش ، ثم الهواء ، ثم الظلمات ، ثم الماء فوضع العرش عليه .
قال : وقول من قال : إن الماء خلق قبل العرش أولى بالصواب ؛ لحديث
أبي رزين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قيل : إن الماء كان على متن الريح حين خلق العرش ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فإنه كان كذلك فقد خلقا قبل العرش .
وقال غيره : إن الله خلق القلم قبل أن يخلق شيئا بألف عام .
[ ص: 20 ] واختلفوا أيضا في اليوم الذي ابتدأ الله تعالى فيه خلق السماوات والأرض ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ،
وكعب ،
والضحاك ،
ومجاهد : ابتداء الخلق يوم الأحد .
وقال
محمد بن إسحاق : ابتداء الخلق يوم السبت . وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة .
واختلفوا أيضا فيما خلق كل يوم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : إن الله تعالى بدأ الخلق يوم الأحد ، فخلق الأرضين يوم الأحد والاثنين ، وخلق الأقوات ، والرواسي في الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السماوات يوم الخميس والجمعة ، ففرغ آخر ساعة من الجمعة فخلق فيها
آدم - عليه السلام - فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة .
ومثله قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس من رواية
أبي صالح عنه ، إلا أنهما لم يذكرا خلق
آدم ، ولا الساعة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
علي بن أبي طلحة عنه : إن الله تعالى خلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها ، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، فذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=30والأرض بعد ذلك دحاها وهذا القول عندي هو الصواب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا من رواية
عكرمة عنه : إن الله تعالى وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت . ومثله قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي صالح ، وعن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات قال : إن الله عز وجل كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء . فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء
[ ص: 21 ] دخانا ، فارتفع فوق الماء ، فسما عليه ، فسماه سماء ، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين : يوم الأحد ، ويوم الاثنين . فخلق الأرض على حوت ، والحوت النون الذي ذكره الله تعالى في القرآن في قوله : ن والقلم والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكرها
لقمان ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت ، فاضطربت ، وتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها الجبال ، فقرت . والجبال تفخر على الأرض ، فذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=31وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
والضحاك ،
ومجاهد ،
وكعب ، وغيرهم : كل يوم من هذه الأيام الستة التي خلق الله في السماء والأرض كألف سنة .
قلت : أما ما ورد في هذه الأخبار من أن الله تعالى خلق الأرض في يوم كذا ، فإنما هو مجاز ، وإلا فلم يكن ذلك الوقت أيام وليال ، لأن الأيام عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها ، والليالي عبارة عما بين غروبها وطلوعها ، ولم يكن ذلك الوقت سماء ، ولا شمس . وإنما المراد به أنه خلق كل شيء بمقدار يوم ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وليس في الجنة بكرة وعشي .
( سلام : والد عبد الله ، بتخفيف اللام ) .
[ ص: 19 ] nindex.php?page=treesubj&link=31745الْقَوْلُ فِيمَا خُلِقَ بَعْدَ الْقَلَمِ
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ - بَعْدَ الْقَلَمِ ، وَبَعْدَ أَنْ أَمَرَهُ فَكَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - سَحَابًا رَقِيقًا ، وَهُوَ الْغَمَامُ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025782سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ الْعَقِيلِيُّ : أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ ؟ فَقَالَ : فِي غَمَامٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ . وَهُوَ الْغَمَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ .
قُلْتُ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمُ ، وَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ . فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ . ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ بَعْدَ الْقَلَمِ ، وَبَعْدَ أَنْ جَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ سَحَابًا ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ آلَةٍ يُكْتَبُ بِهَا ، وَهُوَ الْقَلَمُ ، وَمِنْ شَيْءٍ يُكْتَبُ فِيهِ ، وَهُوَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ هَهُنَا بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ . وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ ثَانِيًا لِلْقَلَمِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ بِطَرِيقَةِ الْمُلَازَمَةِ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ خَلَقَ اللَّهُ بَعْدَ الْغَمَامِ ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشُ ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ قَبْلَ الْعَرْشِ ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ فَوَضَعَهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ .
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ الْقَلَمِ الْكُرْسِيُّ ، ثُمَّ الْعَرْشُ ، ثُمَّ الْهَوَاءُ ، ثُمَّ الظُّلُمَاتُ ، ثُمَّ الْمَاءُ فَوَضَعَ الْعَرْشَ عَلَيْهِ .
قَالَ : وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمَاءَ خُلِقَ قَبْلَ الْعَرْشِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ؛ لِحَدِيثِ
أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمَاءَ كَانَ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ حِينَ خُلِقَ الْعَرْشُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ خُلِقَا قَبْلَ الْعَرْشِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْقَلَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِأَلْفِ عَامٍ .
[ ص: 20 ] وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الَّذِي ابْتَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ،
وَكَعْبٌ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَمُجَاهِدٌ : ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ يَوْمَ السَّبْتِ . وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ .
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا خُلِقَ كُلَّ يَوْمٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، فَخَلَقَ الْأَرَضِينَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْأَقْوَاتَ ، وَالرَّوَاسِيَ فِي الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ ، فَفَرَغَ آخِرَ سَاعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ فَخَلَقَ فِيهَا
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَتِلْكَ السَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ .
وَمِثْلَهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ ، إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا خَلْقَ
آدَمَ ، وَلَا السَّاعَةَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=30وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي هُوَ الصَّوَابُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ
عِكْرِمَةَ عَنْهُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الْبَيْتَ عَلَى الْمَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الدُّنْيَا بِأَلْفَيْ عَامٍ ، ثُمَّ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْبَيْتِ . وَمِثْلَهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، وَعَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ . فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ
[ ص: 21 ] دُخَانًا ، فَارْتَفَعَ فَوْقَ الْمَاءِ ، فَسَمَا عَلَيْهِ ، فَسَمَّاهُ سَمَاءً ، ثُمَّ أَيْبَسَ الْمَاءَ فَجَعَلَهُ أَرْضًا وَاحِدَةً ، ثُمَّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ أَرَضِينَ فِي يَوْمَيْنِ : يَوْمِ الْأَحَدِ ، وَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ . فَخَلَقَ الْأَرْضَ عَلَى حُوتٍ ، وَالْحُوتُ النُّونُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ : ن وَالْقَلَمِ وَالْحُوتُ فِي الْمَاءِ ، وَالْمَاءُ عَلَى ظَهْرِ صَفَاةٍ ، وَالصَّفَاةُ عَلَى ظَهْرِ مَلَكٍ ، وَالْمَلَكُ عَلَى صَخْرَةٍ ، وَالصَّخْرَةُ فِي الرِّيحِ ، وَهِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا
لُقْمَانُ لَيْسَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ، فَتَحَرَّكَ الْحُوتُ ، فَاضْطَرَبَتْ ، وَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ ، فَأَرْسَى عَلَيْهَا الْجِبَالَ ، فَقَرَّتْ . وَالْجِبَالُ تَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=31وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَكَعْبٌ ، وَغَيْرُهُمْ : كُلُّ يَوْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ كَأَلْفِ سَنَةٍ .
قُلْتُ : أَمَّا مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ كَذَا ، فَإِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ ، وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَيَّامٌ وَلَيَالٍ ، لِأَنَّ الْأَيَّامَ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا ، وَاللَّيَالِي عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ غُرُوبِهَا وَطُلُوعِهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَقْتَ سَمَاءٌ ، وَلَا شَمْسٌ . وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِمِقْدَارِ يَوْمٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ بُكْرَةٌ وَعَشِيٌّ .
( سَلَامٌ : وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ ، بِتَخْفِيفِ اللَّامِ ) .