[ ص: 44 ] ذكر شيث ولادة
ومن الأحداث في أيامه ولادة شيث ، وكانت بعد مضي مائة وعشرين سنة لآدم ، وبعد قتل هابيل بخمس سنين ، وقيل : ولد فردا بغير توأم . وتفسير شيث : هبة الله ، ومعناه أنه خلف من هابيل ، وهو وصي آدم . وقال : كان معه توأم . ولما حضرت ابن عباس آدم الوفاة عهد إلى شيث وعلمه ساعات الليل ، والنهار ، وعبادة الخلوة في كل ساعة منها وأعلمه بالطوفان ، وصارت الرياسة بعد آدم إليه ، وأنزل الله عليه خمسين صحيفة ، وإليه أنساب بني آدم كلهم اليوم .
وأما الفرس الذين قالوا إن جيومرث هو آدم ، فإنهم قالوا : ولد لجيومرث ابنته ميشان أخت ميشى ، وتزوج ميشى أخته ميشان ، فولدت له سيامك ، وسيامي ، فولد لسيامك بن جيومرث أفروال ، ودقس ، وبواسب ، وأجراب ، وأوراش ، وأمهم [ ص: 45 ] جميعا سيامي ابنة ميشى ، وهي أخت أبيهم .
وذكروا أن الأرض كلها سبعة أقاليم ، فأرض بابل وما يوصل إليه مما يأتيه الناس برا وبحرا فهو من إقليم واحد وسكانه ولد أفروال بن سيامك من أفرى ابنة سيامك أوشهنج بيشداد الملك ، وهو الذي خلف جده جيومرث في الملك ، وهو أول من جمع ملك الأقاليم السبعة ، وسنذكر أخباره .
وكان بعضهم يزعم أن أوشهنج هذا هو ابن آدم لصلبه من حواء .
وأما فإنه زعم أن أول من ملك الأرض ابن الكلبي أوشهنج بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، قال : والفرس تزعم أنه كان بعد آدم بمائتي سنة ، وإنما كان بعد نوح بمائتي سنة ، ولم تعرف الفرس ما كان قبل نوح .
والذي ذكره لا وجه له ، لأن هشام بن الكلبي أوشهنج مشهور عند الفرس ، وكل قوم أعلم بأنسابهم ، وأيامهم من غيرهم .
قال : وقد زعم بعض نسابة الفرس أن أوشهنج هذا هو مهلائيل ، وأن أباه أفروال هو قينان ، وأن سيامك هو أنوش أبو فينان ، وأن ميشى هو شيث أبو أنوش ، وأن جيومرث هو آدم . فإن كان الأمر كما زعم فلا شك أن أوشهنج كان في زمن آدم رجلا ، وذلك لأن مهلائيل فيما ذكر في الكتب الأولى كانت ولادة أمه دينة ابنة براكيل بن محويل بن [ ص: 46 ] حنوخ بن قين بن آدم إياه بعدما مضى من عمر آدم ثلاثمائة سنة وخمس وتسعون سنة ، وقد كان له حين وفاة أبيه آدم ستمائة سنة وخمس وستون سنة ، على حساب أن عمر آدم كان ألف سنة ، وقد زعمت الفرس أن ملك أوشهنج كان أربعين سنة ، فإن كان الأمر على ما ذكره النسابة الذي ذكرت عنه ما ذكرت فما يبعد من قال : إن ملكه كان بعد وفاة آدم بمائتي سنة .