ذكر نصر بن سيار خراسان للوليد ولاية
في هذه السنة ولى الوليد نصر بن سيار خراسان كلها وأفرده بها ، ثم وفد على يوسف بن عمر الوليد فاشترى منه نصرا وعماله ، فرد إليه الوليد ولاية خراسان ، وكتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم ، ويحمل معه ما قدر عليه من الهدايا والأموال ، وأن يقدم معه بعياله أجمعين ، وكتب الوليد إلى نصر يأمره أن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة ، وأن يجمع له كل صناجة بخراسان ، وكل بازي وبرذون فاره ، ثم يسير بكل ذلك بنفسه في وجوه أهل خراسان .
وكان المنجمون قد أخبروا نصرا بفتنة تكون ، وألح يوسف على نصر بالقدوم ، وأرسل إليه رسولا في ذلك ، وأمره أن يستحثه أو ينادي في الناس أنه قد خلع . فأرضى [ ص: 290 ] نصر الرسول وأجازه ، فلم يمض لذلك إلا يسير حتى وقعت الفتنة . فتحول إلى قصره بماجان واستخلف عصمة بن عبد الله الأسدي على خراسان ، وموسى بن ورقاء بالشاش ، وحسان من أهل الصغانيان بسمرقند ، ومقاتل بن علي السغدي بآمل ، وأمرهم إذا بلغهم خروجه من مرو أن يستجلبوا الترك ليعبروا على ما وراء النهر ليرجع إليهم . وسار إلى العراق .
فبينا هو يسير إلى العراق طرقه مولى لبني ليث وأعلمه بقتل الوليد ، فلما أصبح أذن للناس ، وأحضر رسل الوليد وقال لهم : قد كان من مسيري ما علمتم ، وبعثي بالهدايا ما رأيتم ، وكان قد قدم الهدايا فبلغت بيهق ، وطرقني فلان ليلا فأخبرني أن الوليد قد قتل ، ووقعت الفتنة بالشام ، وقدم منصور بن جمهور العراق ، وهرب ، ونحن بالبلاد التي قد علمتم حالها وكثرة عدونا . فقال يوسف بن عمر سالم بن أحوز : أيها الأمير إنه بعض مكايد قريش ، أرادوا تهجين طاعتك ، فسر ولا تمتحنا . فقال : يا سالم أنت رجل لك علم بالحرب وحسن طاعة لبني أمية ، فأما مثل هذه الأمور فرأيك فيها رأي أمة هتماء . ورجع بالناس .