ذكر عامر بن ضبارة ودخول قحطبة أصبهان قتل
وكان سبب قتله أن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر لما هزمه ابن ضبارة مضى هاربا نحو خراسان ، وسلك إليها طريق كرمان وسار عامر في أثره . وبلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بن حنظلة بجرجان ، فلما بلغه خبره كتب إلى ابن ضبارة وإلى ابنه داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة أن يسيرا إلى قحطبة ، وكانا بكرمان ، فسارا في خمسين ألفا ، فنزلوا بأصبهان ، وكان يقال لعسكر ابن ضبارة عسكر العساكر .
فبعث قحطبة إليهم جماعة من القواد ، وعليهم جميعا مقاتل بن حكيم العكي ، فساروا حتى نزلوا قم .
وبلغ ابن ضبارة نزول الحسن بن قحطبة بنهاوند فسار ليعين من بها من أصحاب مروان ، فأرسل العكي من قم إلى قحطبة يعلمه بذلك ، فأقبل قحطبة من الري حتى لحق مقاتل بن حكيم العكي ، ثم سار فالتقوا هم وابن ضبارة وداود بن يزيد بن هبيرة ، وكان عسكر قحطبة عشرين ألفا ، فيهم ! وكان عسكر خالد بن برمك ابن ضبارة مائة ألف ، وقيل : خمسين ومائة ألف ، فأمر قحطبة بمصحف فنصب على رمح ، ونادى : يا أهل الشام ! إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف ! فشتموه وأفحشوه في القول .
[ ص: 392 ] فأرسل قحطبة إلى أصحابه يأمرهم بالحملة ، فحمل عليهم العكي ، وتهايج الناس ، ولم يكن بينهم كثير قتال ، حتى انهزم أهل الشام وقتلوا قتلا ذريعا ، وانهزم ابن ضبارة حتى دخل عسكره وتبعه قحطبة ، فنزل ابن ضبارة ونادى : إلي إلي ! فانهزم الناس عنه وانهزم داود بن هبيرة ، فسأل عن ابن ضبارة فقيل : انهزم . فقال : لعن الله شرنا منقلبا ! وقاتل حتى قتل .
وأصابوا عسكره ، وأخذوا منه ما لا يعلم قدره من السلاح والمتاع والرقيق والخيل ، وما رئي عسكر قط كان فيه من أصناف الأشياء ما في هذا العسكر كأنه مدينة . وكان فيه من البرابط والطنابير والمزامير والخمر ما لا يحصى .
وأرسل قحطبة بالظفر إلى ابنه الحسن وهو بنهاوند ، وكانت الوقعة بنواحي أصبهان في رجب .