الحق الخامس : العفو عن الزلات والهفوات
هفوة الصديق إن كانت في دينه فلا بد من التلطف في نصحه كما قدمنا ، فإن أصر فمن السلف من رأى مقاطعته ، ومنهم من رأى إدامة حق مودته وبغض عمله ، وأما زلته في حقه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أن الأولى العفو والاحتمال ، بل كان ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد فهو واجب بحق الأخوة ، فقد قيل : " ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا ، فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك فتقول لقلبك : ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك " وقال " " : " حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا : ظلم الغضب وظلم الدالة وظلم الهفوة " ، ومهما اعتذر إليك أخوك كاذبا كان أو صادقا فاقبل عذره ، فالمؤمن إن غضب فهو سريع الرضاء . وينبغي أن لا يبالغ في البغضة عند الوقيعة ، قال تعالى : ( الأحنف عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) [ الممتحنة : 7 ] وقال " عمر " رضي الله عنه : " لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا " . وهو أن تحب تلف صاحبك .