455
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار
قال الشيخ
أبو نعيم رحمه الله تعالى : ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار رحمه الله تعالى كان لآلاء الله واصفا ، وعلى بابه عاكفا ، يحوش العباد إليه ويلح في المسألة عليه .
حدثنا
إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا
إبراهيم بن يوسف بن خالد ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت
عبد الرحمن بن المطوف يقول : " رئي
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار بعد موته فقيل له : يا
منصور ما فعل بك ربك . قال : غفر لي
[ ص: 326 ] وقال لي : يا
منصور قد
nindex.php?page=treesubj&link=24582_18066_18068_29694غفرت لك على تخليط منك كثير ، إلا أنك كنت تحوش الناس إلى ذكري " .
حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا
مسلم بن عصام ، ثنا
عبد الرحمن بن عمر رسته ، ثنا
يوسف بن عبد الله الحراني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار ، قال : " كتب إلي
بشر المريسي أعلمني ما قولكم في القرآن مخلوق هو أو غير مخلوق ؟ فكتبت إليه : بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد ، عافانا الله وإياك من كل فتنة ، فإن يفعل فأعظم بها نعمة ، وإن لم يفعل فهو الهلكة ، كتبت إلي أن أعلمك ؛ القرآن مخلوق أو غير مخلوق ، فاعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28424_33685_30196الكلام في القرآن بدعة ، يشترك فيها السائل والمجيب ، فتعاطى السائل ما ليس له بتكلف والمجيب ما ليس عليه ، والله تعالى الخالق وما دون الله مخلوق ، والقرآن كلام الله غير مخلوق فانته بنفسك وبالمختلفين في القرآن إلى أسمائه التي سماه الله بها تكن من المهتدين ، ولا تبتدع في القرآن من قلبك اسما فتكون من الضالين ، وذر الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ، جعلنا الله وإياكم ممن يخشونه بالغيب وهم من الساعة مشفقون " .
حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا
عبد الله بن محمد بن الحجاج ، ثنا
محمد بن علي بن خلف ، ثنا
زهير بن عباد ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار ، قال : " قال
سليمان بن داود : إن
nindex.php?page=treesubj&link=19574_32514الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده " .
حدثنا
عثمان بن محمد العثماني ، ثنا
أبو الحسن البغدادي ، عن بعض إخوانه ، قال : قال
سليمان بن منصور : " كنت في مجلس
أبي منصور فوقعت رقعة في المجلس ، فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم ، يا
أبا السري ، أنا رجل من إخوانك تبت على يديك وأنا
nindex.php?page=treesubj&link=32242اشتريت من الله عز وجل حورا على صداق ثلاثين ختمة ، فختمت منها تسعا وعشرين ، فأنا في الثلاثين إذ حملتني عيناي فرأيت كأن حوراء خرجت علي من المحراب ، فلما رأتني أنظر إليها أنشأت تقول برخيم صوتها :
أتخطب مثلي وعني تنام ونوم المحبين عني حرام لأنا خلقنا لكل امرئ
كثير الصلاة براه الصيام
[ ص: 327 ] فانتبهت وأنا مذعور .
حدثنا
عثمان بن محمد العثماني ، ثنا
أبو القاسم بن الأسود ، ثنا
أبو علي بن دسيم الزقاق ، قال : سمعت عبدك العابد ، يقول : قيل
nindex.php?page=showalam&ids=17158لمنصور بن عمار : تكلم بهذا الكلام ونرى منك أشياء . فقال : " احسبوني ذرة وجدتموها على كناسة مكانها " .
حدثنا
عبد الله بن محمد ، قال : سمعت
محمد بن عبد الرحيم بن شبيب ، يقول : سمعت
سليم بن منصور بن عمار ، سمعت أبي يقول : دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة فحدثني ووعظته ، فلما أثارت الأحزان دموعه رفع رأسه إلى السماء فرددها في عينيه : فأنشأت أقول : رحمك الله يا
أبا محمد هلا أسبلتها إسبالا ؟! وتركتها تجري على خديك سجالا ؟! فقال لي : " يا
منصور إن
nindex.php?page=treesubj&link=19280_19497_30306_29486الدمعة إذا بقيت في الجفون كان أبقى للحزن في الجوف ، لقد رأى
سفيان أن يعمر قلبه بالأحزان ، وأن يجعل أيام الحياة عليه أشجانا ، ولولا ذلك لاستراح إلى إسبال الدموع ومشاركة ما أرى من الجوع " .
سمعت
الحسين بن عبد الله النيسابوري ، يقول :
سمعت محمد بن الحسين بن موسى ، يقول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار : "
nindex.php?page=treesubj&link=30481_29559_29563قلوب العباد كلها روحانية ، فإذا دخلها الشك والخبث امتنع منها روحها " .
وقال : " إن
nindex.php?page=treesubj&link=19511الحكمة تنطق في قلوب العارفين بلسان التصديق ، وفي قلوب الزاهدين بلسان التفضيل ، وفي قلوب العباد بلسان التوفيق ، وفي قلوب المريدين بلسان التفكير ، وفي قلوب العلماء بلسان التذكير ، ومن جزع من مصائب الدنيا تحولت مصيبته في دينه " .
وقال : "
nindex.php?page=treesubj&link=33135_24626_19649سبحان من جعل قلوب العارفين أوعية الذكر ، وقلوب أهل الدنيا أوعية الطمع ، وقلوب الزاهدين أوعية التوكل ، وقلوب الفقراء أوعية القناعة ، وقلوب المتوكلين أوعية الرضا " .
وقال : "
nindex.php?page=treesubj&link=19540أحسن لباس العبد التواضع والانكسار ،
nindex.php?page=treesubj&link=19863وأحسن لباس العارفين التقوى . قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26ولباس التقوى ذلك خير ) " .
وقال
منصور : "
nindex.php?page=treesubj&link=19853_19691_19574سلامة النفس في مخالفاتها ، وبلاؤها في متابعاتها .
حدثنا
إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14474محمد بن إسحاق السراج ، قال :
[ ص: 328 ] سمعت
أحمد بن موسى الأنصاري ، يقول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار : " حججت حجة فنزلت سكة من سكك
الكوفة ، فخرجت في ليلة مظلمة طخيا مسحنككة فإذا بصارخ يصرخ في جوف الليل ، وهو يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=19673_27342_19718إلهي وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بنكالك جاهل ، ولكن خطيئة عرضت وأعانني عليها شقائي ، وغرني سترك المرخى علي ، وقد عصيتك بجهدي وخالفتك بجهلي ، فالآن عن عذابك من يستنقذني ؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك ، واشباباه ، واشباباه !! قال : فلما فرغ من قوله تلوت آية من كتاب الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نارا وقودها الناس والحجارة ) الآية .
فسمعت دكدكة لم أسمع بعدها حسا ، فمضيت فلما كان من الغد رجعت في مدرجتي فإذا أنا بجنازة ، قد أخرجت وإذا أنا بعجوز قد ذهب متنها - يعني قوتها - فسألتها عن أمر الميت - ولم تكن عرفتني - فقالت : هذا رجل لا جزاه إلا جزاءه مر بابني البارحة وهو قائم يصلي ، فتلا آية من كتاب الله تعالى ؛ فتفطرت مرارته فوقع ميتا رحمه الله تعالى " . حدث به
nindex.php?page=showalam&ids=12355إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، عن
ابن أبي الدنيا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14474محمد بن إسحاق السراج .
وحدثنا أبي ، ثنا خالي
أحمد بن محمد بن يوسف ، حدثني أبي قال : أخبرت عن
nindex.php?page=showalam&ids=17158منصور بن عمار ، أنه قال : " خرجت ليلة من الليالي وظننت أن النهار قد أضاء فإذا الصبح علا ، فقعدت إلى دهليز يشرف ، فإذا أنا بصوت شاب يدعو ويبكي ، وهو يقول : اللهم وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، ولكن عصيتك إذ عصيتك بجهلي ، وما أنا بنكالك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا بنظرك مستخف ، ولكن سولت لي نفسي وأعانني عليها شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ، فقد عصيتك وخالفتك بجهلي ، فمن عذابك من يستنقذني ، ومن أيدي زبانيتك من يخلصني ، وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ، واسوءتاه إذا قيل للمخفين جوزوا ، وقيل للمثقلين حطوا ، فيا ليت شعري مع المثقلين أحط أم مع المخفين أجوز ، ويحي كلما طال عمري كثرت ذنوبي ، ويحي كلما كبر سني كثرت خطاياي ، فيا ويلي كم أتوب ، وكم أعود ولا أستحي من ربي .
قال
منصور : فلما سمعت كلام الشاب وضعت
[ ص: 329 ] فمي على باب داره ، وقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم : إن الله هو السميع العليم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نارا وقودها الناس والحجارة ) الآية . قال
منصور : ثم سمعت للصوت اضطرابا شديدا وسكن الصوت . فقلت : إن هناك بلية ، فعلمت على الباب علامة ومضيت لحاجتي ، فلما رجعت من الغداة إذ أنا بجنازة منصوبة ، وعجوز تدخل وتخرج باكية ، فقلت لها : يا أمة الله من هذا الميت منك ؟ قالت : إليك عني ، لا تجدد علي أحزاني ، قلت : إني رجل غريب أخبريني . قالت : والله لولا أنك غريب ما خبرتك ، هذا ولدي من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا جن عليه الليل قام في محرابه يبكي على ذنوبه ، وكان يعمل هذا الخوص فيقسم كسبه ثلاثا ؛ فثلث يطعمني وثلث للمساكين وثلث يفطر عليه ، فمر علينا البارحة رجل لا جزاه الله خيرا فقرأ عند ولدي آيات فيها النار فلم يزل يضطرب ويبكي حتى مات رحمه الله . قال
منصور : فهذه
nindex.php?page=treesubj&link=19718_29489_27342_19984صفة الخائفين إذا خافوا السطوة " .
455
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ
قَالَ الشَّيْخُ
أبو نعيم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ لِآلَاءِ اللَّهِ وَاصِفًا ، وَعَلَى بَابِهِ عَاكِفًا ، يَحُوشُ الْعِبَادَ إِلَيْهِ وَيُلِحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ .
حَدَّثَنَا
إسحاق بن أحمد بن علي ، ثَنَا
إبراهيم بن يوسف بن خالد ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ
عبد الرحمن بن المطوف يَقُولُ : " رُئِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ : يَا
منصور مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ . قَالَ : غَفَرَ لِي
[ ص: 326 ] وَقَالَ لِي : يَا
منصور قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=24582_18066_18068_29694غَفَرْتُ لَكَ عَلَى تَخْلِيطٍ مِنْكَ كَثِيرٍ ، إِلَّا أَنَّكَ كُنْتَ تَحُوشُ النَّاسَ إِلَى ذِكْرِي " .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثَنَا
مسلم بن عصام ، ثَنَا
عبد الرحمن بن عمر رسته ، ثَنَا
يوسف بن عبد الله الحراني ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ : " كَتَبَ إِلَيَّ
بشر المريسي أَعْلِمْنِي مَا قَوْلُكُمْ فِي الْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ هُوَ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ؟ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أَمَّا بَعْدُ ، عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ ، فَإِنْ يَفْعَلْ فَأَعْظِمْ بِهَا نِعْمَةً ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْهَلَكَةُ ، كَتَبْتَ إِلَيَّ أَنْ أُعْلِمَكَ ؛ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، فَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28424_33685_30196الْكَلَامَ فِي الْقُرْآنِ بِدْعَةٌ ، يَشْتَرِكُ فِيهَا السَّائِلُ وَالْمُجِيبُ ، فَتَعَاطَى السَّائِلُ مَا لَيْسَ لَهُ بِتَكَلُّفٍ وَالْمُجِيبُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْخَالِقُ وَمَا دُونَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَانْتَهِ بِنَفْسِكَ وَبِالْمُخْتَلِفِينَ فِي الْقُرْآنِ إِلَى أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ اللَّهُ بِهَا تَكُنْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ، وَلَا تَبْتَدِعْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَلْبِكَ اسْمًا فَتَكُونَ مِنَ الضَّالِّينَ ، وَذَرِ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَخْشَوْنَهُ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ " .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثَنَا
عبد الله بن محمد بن الحجاج ، ثَنَا
محمد بن علي بن خلف ، ثَنَا
زهير بن عباد ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : " قَالَ
سليمان بن داود : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19574_32514الْغَالِبَ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَحُ الْمَدِينَةَ وَحْدَهُ " .
حَدَّثَنَا
عثمان بن محمد العثماني ، ثَنَا
أبو الحسن البغدادي ، عَنْ بَعْضِ إِخْوَانِهِ ، قَالَ : قَالَ
سليمان بن منصور : " كُنْتُ فِي مَجْلِسِ
أبي منصور فَوَقَعَتْ رُقْعَةٌ فِي الْمَجْلِسِ ، فَإِذَا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، يَا
أبا السري ، أَنَا رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِكَ تُبْتُ عَلَى يَدَيْكَ وَأَنَا
nindex.php?page=treesubj&link=32242اشْتَرَيْتُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُورًا عَلَى صَدَاقٍ ثَلَاثِينَ خَتْمَةً ، فَخَتَمْتُ مِنْهَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ ، فَأَنَا فِي الثَّلَاثِينَ إِذْ حَمَلَتْنِي عَيْنَايَ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ حَوْرَاءَ خَرَجَتْ عَلَيَّ مِنَ الْمِحْرَابِ ، فَلَمَّا رَأَتْنِي أَنْظُرُ إِلَيْهَا أَنْشَأَتْ تَقُولُ بِرَخِيمِ صَوْتِهَا :
أَتَخْطُبُ مِثْلِي وَعَنِّي تَنَامُ وَنَوْمُ الْمُحِبِّينَ عَنِّي حَرَامٌ لِأَنَّا خُلِقْنَا لِكُلِّ امْرِئٍ
كَثِيرِ الصَّلَاةِ بَرَاهُ الصِّيَامُ
[ ص: 327 ] فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مَذْعُورٌ .
حَدَّثَنَا
عثمان بن محمد العثماني ، ثَنَا
أبو القاسم بن الأسود ، ثَنَا
أبو علي بن دسيم الزقاق ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَكَ الْعَابِدَ ، يَقُولُ : قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17158لِمَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ : تَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَنَرَى مِنْكَ أَشْيَاءَ . فَقَالَ : " احْسِبُونِي ذَرَّةً وَجَدْتُمُوهَا عَلَى كُنَاسَةٍ مَكَانَهَا " .
حَدَّثَنَا
عبد الله بن محمد ، قَالَ : سَمِعْتُ
محمد بن عبد الرحيم بن شبيب ، يَقُولُ : سَمِعْتُ
سليم بن منصور بن عمار ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : دَخَلْتُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنِي وَوَعَظْتُهُ ، فَلَمَّا أَثَارَتِ الْأَحْزَانُ دُمُوعَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَرَدَّدَهَا فِي عَيْنَيْهِ : فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا
أبا محمد هَلَّا أَسْبَلْتَهَا إِسْبَالًا ؟! وَتَرَكْتَهَا تَجْرِي عَلَى خَدَّيْكَ سِجَالًا ؟! فَقَالَ لِي : " يَا
منصور إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19280_19497_30306_29486الدَّمْعَةَ إِذَا بَقِيَتْ فِي الْجُفُونِ كَانَ أَبْقَى لِلْحُزْنِ فِي الْجَوْفِ ، لَقَدْ رَأَى
سفيان أَنْ يَعْمُرَ قَلْبُهُ بِالْأَحْزَانِ ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ عَلَيْهِ أَشْجَانًا ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاسْتَرَاحَ إِلَى إِسْبَالِ الدُّمُوعِ وَمُشَارَكَةِ مَا أَرَى مِنَ الْجُوعِ " .
سَمِعْتُ
الحسين بن عبد الله النيسابوري ، يَقُولُ :
سمعت محمد بن الحسين بن موسى ، يَقُولُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ : "
nindex.php?page=treesubj&link=30481_29559_29563قُلُوبُ الْعِبَادِ كُلُّهَا رُوحَانِيَّةٌ ، فَإِذَا دَخَلَهَا الشَّكُّ وَالْخُبْثُ امْتَنَعَ مِنْهَا رُوحُهَا " .
وَقَالَ : " إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19511الْحِكْمَةَ تَنْطِقُ فِي قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِلِسَانِ التَّصْدِيقِ ، وَفِي قُلُوبِ الزَّاهِدِينَ بِلِسَانِ التَّفْضِيلِ ، وَفِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بِلِسَانِ التَّوْفِيقِ ، وَفِي قُلُوبِ الْمُرِيدِينَ بِلِسَانِ التَّفْكِيرِ ، وَفِي قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ بِلِسَانِ التَّذْكِيرِ ، وَمَنْ جَزِعَ مِنْ مَصَائِبِ الدُّنْيَا تَحَوَّلَتْ مُصِيبَتُهُ فِي دِينِهِ " .
وَقَالَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=33135_24626_19649سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ قُلُوبَ الْعَارِفِينَ أَوْعِيَةَ الذِّكْرِ ، وَقُلُوبَ أَهْلِ الدُّنْيَا أَوْعِيَةَ الطَّمَعِ ، وَقُلُوبَ الزَّاهِدِينَ أَوْعِيَةَ التَّوَكُّلِ ، وَقُلُوبَ الْفُقَرَاءِ أَوْعِيَةَ الْقَنَاعَةِ ، وَقُلُوبَ الْمُتَوَكِّلِينَ أَوْعِيَةَ الرِّضَا " .
وَقَالَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=19540أَحْسَنُ لِبَاسِ الْعَبْدِ التَّوَاضُعُ وَالِانْكِسَارُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19863وَأَحْسَنُ لِبَاسِ الْعَارِفِينَ التَّقْوَى . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=26وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) " .
وَقَالَ
منصور : "
nindex.php?page=treesubj&link=19853_19691_19574سَلَامَةُ النَّفْسِ فِي مُخَالَفَاتِهَا ، وَبَلَاؤُهَا فِي مُتَابَعَاتِهَا .
حَدَّثَنَا
إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14474مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ ، قَالَ :
[ ص: 328 ] سَمِعْتُ
أحمد بن موسى الأنصاري ، يَقُولُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ : " حَجَجْتُ حَجَّةً فَنَزَلْتُ سِكَّةً مِنْ سِكَكِ
الْكُوفَةِ ، فَخَرَجْتُ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ طَخْيَا مُسْحَنْكِكَةٌ فَإِذَا بِصَارِخٍ يَصْرُخُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، وَهُوَ يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19673_27342_19718إِلَهِي وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ ، وَقَدْ عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَمَا أَنَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ ، وَلَكِنْ خَطِيئَةٌ عَرَضَتْ وَأَعَانَنِي عَلَيْهَا شَقَائِي ، وَغَرَّنِي سَتْرُكَ الْمُرْخَى عَلَيَّ ، وَقَدْ عَصَيْتُكَ بِجَهْدِي وَخَالَفْتُكَ بِجَهْلِي ، فَالْآنَ عَنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي ؟ وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ ، وَاشَبَابَاهُ ، وَاشَبَابَاهُ !! قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ تَلَوْتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) الْآيَةَ .
فَسَمِعْتُ دَكْدَكَةً لَمْ أَسْمَعْ بَعْدَهَا حِسًّا ، فَمَضَيْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَجَعْتُ فِي مَدْرَجَتِي فَإِذَا أَنَا بِجِنَازَةٍ ، قَدْ أُخْرِجَتْ وَإِذَا أَنَا بِعَجُوزٍ قَدْ ذَهَبَ مَتْنُهَا - يَعْنِي قُوَّتَهَا - فَسَأَلْتُهَا عَنْ أَمْرِ الْمَيِّتِ - وَلَمْ تَكُنْ عَرَفَتْنِي - فَقَالَتْ : هَذَا رَجُلٌ لَا جَزَاهُ إِلَّا جَزَاءَهُ مَرَّ بِابْنِي الْبَارِحَةَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَتَلَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ فَتَفَطَّرَتْ مَرَارَتُهُ فَوَقَعَ مَيِّتًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى " . حَدَّثَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12355إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، عَنِ
ابن أبي الدنيا ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14474مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ .
وَحَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا خَالِي
أحمد بن محمد بن يوسف ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : أُخْبِرْتُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17158مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ ، أَنَّهُ قَالَ : " خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي وَظَنَنْتُ أَنَّ النَّهَارَ قَدْ أَضَاءَ فَإِذَا الصُّبْحُ عَلَا ، فَقَعَدْتُ إِلَى دِهْلِيزٍ يُشْرِفُ ، فَإِذَا أَنَا بِصَوْتِ شَابٍّ يَدْعُو وَيَبْكِي ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ وَجَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ ، وَلَكِنْ عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ بِجَهْلِي ، وَمَا أَنَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ ، وَلَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ ، وَلَا بِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ ، وَلَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَأَعَانَنِي عَلَيْهَا شِقْوَتِي ، وَغَرَّنِي سَتْرُكَ الْمُرْخَى عَلَيَّ ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَخَالَفْتُكَ بِجَهْلِي ، فَمِنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي ، وَمِنْ أَيْدِي زَبَانِيَتِكَ مَنْ يُخَلِّصُنِي ، وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي ، وَاسَوْءَتَاهُ إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا ، وَقِيلَ لِلْمُثْقِلِينَ حُطُّوا ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحَطُّ أَمْ مَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ ، وَيْحِي كُلَّمَا طَالَ عُمْرِي كَثُرَتْ ذُنُوبِي ، وَيْحِي كُلَّمَا كَبِرَ سِنِّي كَثُرَتْ خَطَايَايَ ، فَيَا وَيْلِي كَمْ أَتُوبُ ، وَكَمْ أَعُودُ وَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي .
قَالَ
منصور : فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَ الشَّابِّ وَضَعْتُ
[ ص: 329 ] فَمِي عَلَى بَابِ دَارِهِ ، وَقُلْتُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) الْآيَةَ . قَالَ
منصور : ثُمَّ سَمِعْتُ لِلصَّوْتِ اضْطِرَابًا شَدِيدًا وَسَكَنَ الصَّوْتُ . فَقُلْتُ : إِنَّ هُنَاكَ بَلِيَّةً ، فَعَلَّمْتُ عَلَى الْبَابِ عَلَامَةً وَمَضَيْتُ لِحَاجَتِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنَ الْغَدَاةِ إِذْ أَنَا بِجِنَازَةٍ مَنْصُوبَةٍ ، وَعَجُوزٍ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ بَاكِيَةً ، فَقُلْتُ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الْمَيِّتُ مِنْكِ ؟ قَالَتْ : إِلَيْكَ عَنِّي ، لَا تُجَدِّدْ عَلَيَّ أَحْزَانِي ، قُلْتُ : إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ أَخْبِرِينِي . قَالَتْ : وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ غَرِيبٌ مَا خَبَّرْتُكَ ، هَذَا وَلَدِي مِنْ مَوَالِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ قَامَ فِي مِحْرَابِهِ يَبْكِي عَلَى ذُنُوبِهِ ، وَكَانَ يَعْمَلُ هَذَا الْخُوصَ فَيُقَسِّمُ كَسْبَهُ ثَلَاثًا ؛ فَثُلُثٌ يُطْعِمُنِي وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ وَثُلُثٌ يُفْطِرُ عَلَيْهِ ، فَمَرَّ عَلَيْنَا الْبَارِحَةَ رَجُلٌ لَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَقَرَأَ عِنْدَ وَلَدِي آيَاتٍ فِيهَا النَّارُ فَلَمْ يَزَلْ يَضْطَرِبُ وَيَبْكِي حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ . قَالَ
منصور : فَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=19718_29489_27342_19984صِفَةُ الْخَائِفِينَ إِذَا خَافُوا السَّطْوَةَ " .