الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : الفقهاء تمسكوا بهذه الآية في إثبات أن الأصل في الإمساك البقاء والاستمرار ؛ لأن اللام في قوله : ( لها ما كسبت ) يدل على ثبوت هذا الاختصاص ، وتأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " كل امرئ أحق بكسبه من والده وولده وسائر الناس أجمعين " وإذا تمهد هذا الأصل خرج عليه شيء كثير من مسائل الفقه .

                                                                                                                                                                                                                                            منها أن المضمونات لا تملك بأداء الضمان ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : ( لها ما كسبت ) والعارض الموجود ، إما الغضب ، وإما الضمان ، وهما لا يوجبان زوال الملك بدليل أم الولد والمدبرة .

                                                                                                                                                                                                                                            ومنها أنه إذا غصب ساحة وأدرجها في بنائه ، أو غصب حنطة فطحنها لا يزول الملك لقوله ( لها ما كسبت ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ومنها أنه لا شفعة للجار ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : ( لها ما كسبت ) والفرق بين الشريك والجار ظاهر بدليل أن الجار لا يقدم على الشريك ، وذلك يمنع من حصول الاستواء ولأن التضرر [ ص: 125 ] بمخالطة الجار أقل ولأن في الشركة يحتاج إلى تحمل مؤنة القسمة وهذا المعنى مفقود في الجار .

                                                                                                                                                                                                                                            ومنها أن القطع لا يمنع وجوب الضمان ؛ لأن المقتضي لبقاء الملك قائم ، وهو قوله : ( لها ما كسبت ) والقطع لا يوجب زوال الملك بدليل أن المسروق متى كان باقيا قائما ، فإنه يجب رده على المالك ، ولا يكون القطع مقتضيا زوال ملكه عنه .

                                                                                                                                                                                                                                            ومنها أن منكري وجوب الزكاة احتجوا به ، وجوابه أن الدلائل الموجبة للزكاة أخص ، والخاص مقدم على العام ، وبالجملة فهذه الآية أصل كبير في فروع الفقه والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية