( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين )
قوله تعالى : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين )
[ ص: 13 ] واعلم أن هذا من تمام قوله : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ) فبين تعالى أن ، وذلك لأنه كما أصابهم ذلك فقد أصاب عدوهم مثله قبل ذلك ، فإذا كانوا مع باطلهم ، وسوء عاقبتهم لم يفتروا لأجل ذلك في الحرب ، فبأن لا يلحقكم الفتور مع حسن العاقبة والتمسك بالحق أولى ، وفي الآية مسائل : الذي يصيبهم من القرح لا يجب أن يزيل جدهم واجتهادهم في جهاد العدو
المسألة الأولى : قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ( قرح ) بضم القاف وكذلك قوله : ( من بعد ما أصابهم القرح ) [آل عمران : 172] والباقون بفتح القاف فيهما واختلفوا على وجوه :
فالأول : معناهما واحد ، وهما لغتان : كالجهد والجهد ، والوجد والوجد ، والضعف والضعف .
والثاني : أن الفتح لغة تهامة والحجاز والضم لغة نجد .
والثالث : أنه بالفتح مصدر وبالضم اسم .
والرابع : وهو قول الفراء أنه بالفتح الجراحة بعينها وبالضم ألم الجراحة .
والخامس : قال ابن مقسم : هما لغتان إلا أن المفتوحة توهم أنها جمع قرحة .
المسألة الثانية : في الآية قولان :
أحدهما : إن يمسسكم قرح يوم أحد فقد مسهم يوم بدر ، وهو كقوله تعالى : ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ) [آل عمران : 165] .
والثاني : أن ؛ لأنه قتل منهم نيف وعشرون رجلا ، وقتل صاحب لوائهم والجراحات كثرت فيهم وعقر عامة خيلهم بالنبل ، وقد كانت الهزيمة عليهم في أول النهار . الكفار قد نالهم يوم أحد مثل ما نالكم من الجراح والقتل
فإن قيل كيف قال : ( قرح مثله ) وما كان قرحهم يوم أحد مثل قرح المشركين ؟
قلنا : يجب أن يفسر القرح في هذا التأويل بمجرد الانهزام لا بكثرة القتلى .