ثم قال تعالى : ( بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ) والمعنى أنكم إنما تطيعون الكفار لينصروكم ويعينوكم على مطالبكم وهذا جهل ؛ لأنهم عاجزون متحيرون ، والعاقل يطلب ؛ لأنه هو الذي ينصركم على العدو ويدفع عنكم كيده ، ثم بين أنه خير الناصرين ، ولو لم يكن المراد بقوله : ( النصرة من الله تعالى مولاكم وهو خير الناصرين ) النصرة ، لم يصح أن يتبعه بهذا القول ، وإنما كان تعالى خير الناصرين لوجوه :
الأول : أنه تعالى هو القادر على نصرتك في كل ما تريد ، والعالم الذي لا يخفى عليه دعاؤك وتضرعك ، والكريم الذي لا يبخل في جوده ، ونصرة العبيد بعضهم لبعض بخلاف ذلك في كل هذه الوجوه .
والثاني : أنه ينصرك في الدنيا والآخرة ، وغيره ليس كذلك .
والثالث : أنه ينصرك قبل سؤالك ومعرفتك بالحاجة ، كما قال : ( قل من يكلؤكم بالليل والنهار ) [الأنبياء : 42] وغيره ليس كذلك .
واعلم أن قوله : ( وهو خير الناصرين ) ظاهره يقتضي أن يكون من جنس سائر الناصرين وهو منزه عن ذلك ، لكنه ورد الكلام على حسب تعارفهم كقوله : ( وهو أهون عليه ) [الروم : 27] .