الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : استدلت المعتزلة على أن أفعال العبد غير مخلوقة لله تعالى بقوله : ( قل هو من عند أنفسكم ) من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن بتقدير أن يكون ذلك حاصلا بخلق الله ولا تأثير لقدرة العبد فيه ، كان قوله : ( من عند أنفسكم ) كذبا .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أن القوم تعجبوا أن الله كيف يسلط الكافر على المؤمن ، فالله تعالى أزال التعجب بأن ذكر أنكم إنما وقعتم في هذا المكروه بسبب شؤم فعلكم ، فلو كان فعلهم خلقا لله لم يصح هذا الجواب .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أن القوم قالوا : ( أنى هذا ) ، أي من أين هذا ؟ فهذا طلب لسبب الحدوث ، فلو لم يكن المحدث لها هو العبد لم يكن الجواب مطابقا للسؤال .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : أنه معارض بالآيات الدالة على كون أفعال العبد بإيجاد الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( إن الله على كل شيء قدير ) أي أنه قادر على نصركم لو ثبتم وصبرتم ، كما أنه قادر على التخلية إذا خالفتم وعصيتم ، واحتج أصحابنا بهذا على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، قالوا : إن فعل العبد شيء فيكون مخلوقا لله تعالى قادرا عليه ، وإذا كان الله قادرا على إيجاده ، فلو أوجده العبد امتنع كونه تعالى قادرا على إيجاده لأنه لما أوجده العبد امتنع من الله إيجاده ; لأن إيجاد الموجود محال ، فلما كان كون العبد موجدا له يفضي إلى هذا المحال ، وجب أن لا يكون العبد موجدا له ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية