أما قوله تعالى : ( وما للظالمين من أنصار ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : المعتزلة تمسكوا به في نفي ، وذلك لأن الشفاعة نوع نصرة ، ونفي الجنس يقتضي نفي النوع . الشفاعة للفساق
والجواب من وجوه :
الأول : أن ، قال تعالى : ( القرآن دل على أن الظالم بالإطلاق هو الكافر والكافرون هم الظالمون ) [ البقرة : 254 ] ومما يؤكد هذا أنه تعالى حكى عن الكفار أنهم خصصوا أنفسهم بنفي الشفعاء والأنصار حيث قالوا : ( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ) [ الشعراء : 100 ] .
وثانيها : أن الشفيع لا يمكنه أن يشفع إلا بإذن الله ، قال تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [ البقرة : 255 ] وإذا كان كذلك لم يكن الشفيع قادرا على النصرة إلا بعد الإذن ، وإذا حصل الإذن لم يكن في شفاعته فائدة في الحقيقة ، وعند ذلك يظهر أن العفو إنما حصل من الله تعالى ، وتلك الشفاعة ما كان لها تأثير في نفس الأمر ، وليس الحكم إلا لله ، فقوله : ( وما للظالمين من أنصار ) يفيد أنه لا حكم إلا لله كما قال : ( ألا له الحكم ) [ الأنعام : 62 ] وقال : ( والأمر يومئذ لله ) [ الانفطار : 19 ] لا يقال : فعلى هذا التقدير لا يبقى لتخصيص الظالمين بهذا الحكم فائدة ، لأنا نقول : بل فيه فائدة لأنه وعد المؤمنين المتقين في الدنيا بالفوز بالثواب والنجاة من العقاب ، فلهم يوم القيامة هذه الحجة ، أما الفساق فليس لهم ذلك ، فصح تخصيصهم بنفي الأنصار على الإطلاق . الثالث : أن هذه الآية عامة وواردة بثبوت الشفاعة خاصة والخاص مقدم على العام ، والله أعلم .
المسألة الثانية : المعتزلة تمسكوا في أن ، قالوا : لو خرج من النار لكان من أخرجه منها ناصرا له ، والآية دالة على أنه لا ناصر له البتة . الفاسق لا يخرج من النار
والجواب : المعارضة بالآيات الدالة على العفو كما ذكرناه في سورة البقرة .
النوع الثالث : من دعواتهم :