قوله تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ) .
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : المعنى : فإن خفتم أن لا تعدلوا بين هذه الأعداد كما خفتم ترك العدل فيما فوقها ، فاكتفوا بزوجة واحدة أو بالمملوكة ، سوى في السهولة واليسر بين الحرة الواحدة وبين الإماء من غير حصر ، ولعمري إنهن أقل تبعة وأخف مئونة من المهائر ، لا عليك أكثرت منهم أم أقللت ، عدلت بينهن في القسم أم لم تعدل ، عزلت عنهن أم لم تعزل .
المسألة الثانية : قرئ ( فواحدة ) بنصب التاء والمعنى : فالتزموا أو فاختاروا واحدة وذروا الجمع رأسا ، فإن الأمر كله يدور مع العدل ، فأينما وجدتم العدل فعليكم به ، وقرئ ( فواحدة ) بالرفع ، والتقدير : فكفت واحدة ، أو فحسبكم واحدة أو ما ملكت أيمانكم .
المسألة الثالثة : رحمه الله أن يحتج بهذه الآية في بيان أن للشافعي ، وذلك لأن الله تعالى خير في هذه الآية بين التزوج بالواحدة وبين التسري ، والتخيير بين الشيئين مشعر بالمساواة بينهما في الحكمة المطلوبة ، كما إذا قال الطبيب : كل التفاح أو الرمان ، فإن ذلك يشعر بكون كل واحد منهما قائما مقام الآخر في تمام الغرض ، وكما أن الآية دلت على هذه التسوية ، فكذلك العقل يدل عليها ؛ لأن المقصود هو السكن والازدواج وتحصين الدين ومصالح البيت ، وكل ذلك حاصل بالطريقين ، وأيضا إن فرضنا الكلام فيما إذا كانت المرأة مملوكة ثم أعتقها وتزوج بها ، فههنا يظهر جدا حصول الاستواء بين التزوج وبين التسري ، وإذا ثبت بهذه الآية أن التزوج والتسري متساويان . فنقول : أجمعنا على أن الاشتغال بالنوافل أفضل من التسري فوجب أن يكون أفضل من النكاح ؛ لأن الزائد على أحد المتساويين يكون زائدا على المساوي الثاني لا محالة . الاشتغال بنوافل العبادات [ ص: 144 ] أفضل من النكاح