( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ) قوله تعالى :( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون )
اعلم أن المقصود من ذكر هذه الآية أن يكون جوابا عن شبهة أخرى ذكروها في أن غير ممكنة ، وتلك الشبهة أن قالوا : إن الرجل المسلم قد يكون أبوه كافرا ، والرجل الكافر قد يكون أبوه أو أخوه مسلما ، وحصول المقاطعة التامة بين الرجل وأبيه وأخيه كالمتعذر الممتنع ، وإذا كان الأمر كذلك كانت تلك البراءة التي أمر الله بها ، كالشاق الممتنع المتعذر ، فذكر الله تعالى هذه الآية ليزيل هذه الشبهة ، ونقل البراءة من الكفار الواحدي عن أنه قال : لما أمر المؤمنون بالهجرة قبل فتح ابن عباس مكة فمن لم يهاجر لم يقبل الله إيمانه حتى يجانب الآباء والأقارب إن كانوا كفارا ، قال المصنف رضي الله عنه : هذا مشكل ؛ لأن الصحيح أن هذه السورة إنما نزلت بعد فتح مكة ، فكيف يمكن حمل هذه الآية على ما ذكروه ؟ والأقرب عندي أن يكون محمولا على ما ذكرته ، وهو أنه تعالى لما أمر المؤمنين بالتبري عن المشركين وبالغ في إيجابه ، قالوا : كيف تمكن هذه المقاطعة التامة بين الرجل وبين أبيه وأمه وأخيه ، فذكر الله تعالى : أن وهو قوله :( الانقطاع عن الآباء والأولاد [ ص: 16 ] والإخوان واجب بسبب الكفر إن استحبوا الكفر على الإيمان ) والاستحباب طلب المحبة يقال : استحب له ، بمعنى أحبه ، كأنه طلب محبته ، ثم إنه تعالى بعد أن نهى عن مخالطتهم ، وكان لفظ النهي يحتمل أن يكون نهي تنزيه ، وأن يكون نهي تحريم ، ذكر ما يزيل الشبهة ، فقال :( ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ) قال : يريد مشركا مثلهم ؛ لأنه رضي بشركهم ، ابن عباس ، كما أن والرضا بالكفر كفر ، قال القاضي : هذا النهي لا يمنع من أن يتبرأ المرء من أبيه في الدنيا ، كما لا يمنع من قضاء دين الكافر ومن استعماله في أعماله . الرضا بالفسق فسق