ثم قال تعالى :( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال الواحدي : ، وهي فعلة من جزى يجزي إذا قضى ما عليه ، واختلفوا في قوله :( الجزية هي ما يعطي المعاهد على عهده عن يد ) قال صاحب "الكشاف" قوله :( عن يد ) إما أن يراد به يد المعطي أو يد الآخذ ، فإن كان المراد به المعطي ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد( عن يد ) مؤاتية غير ممتنعة ؛ لأن من أبى وامتنع لم يعط يده بخلاف المطيع المنقاد ، ولذلك يقال : أعطى يده إذا انقاد وأطاع ، ألا ترى إلى قولهم : نزع يده عن الطاعة ، كما يقال : خلع ربقة الطاعة من عنقه .
وثانيهما : أن يكون المراد حتى يعطوها عن يد إلى يد نقدا غير نسيئة ولا مبعوثا على يد أحد ، بل على يد المعطي إلى يد الآخذ .
وأما إذا كان المراد يد الآخذ ففيه أيضا وجهان :
الأول : أن يكون المراد حتى يعطوا الجزية عن يد قاهرة مستولية للمسلمين عليهم كما تقول : اليد في هذا لفلان .
وثانيهما : أن يكون المراد عن إنعام عليهم ؛ لأن قبول الجزية منهم وترك أرواحهم عليهم نعمة عظيمة .