ثم قال تعالى :( يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في تفسير هذه الآية وجوه :
الأول : أن المراد أن هذا القول من اليهود والنصارى يضاهي قول المشركين : الملائكة بنات الله .
الثاني : أن الضمير للنصارى أي : قولهم : المسيح ابن الله يضاهي قول اليهود : عزير ابن الله ؛ لأنهم أقدم منهم .
الثالث : أن هذا القول من النصارى يضاهي قول قدمائهم ، يعني [ ص: 30 ] أنه كفر قديم ، فهو غير مستحدث .
المسألة الثانية : المضاهاة : المشابهة . قال الفراء : يقال ضاهيته ضهيا ومضاهاة ، هذا قول أكثر أهل اللغة في المضاهاة .
وقال شمر : المضاهاة : المتابعة ، يقال : فلان يضاهي فلانا أي : يتابعه .
المسألة الثالثة : قرأ عاصم :( يضاهئون ) بالهمزة وبكسر الهاء ، والباقون بغير همزة وضم الهاء ، يقال : ضاهيته وضاهأته لغتان مثل أرجيت وأرجأت ، وقال أحمد بن يحيى : لم يتابع عاصما أحد على الهمزة .
ثم قال تعالى :( قاتلهم الله أنى يؤفكون ) أي : هم أحقاء بأن يقال لهم هذا القول تعجبا من بشاعة قولهم كما يقال : القوم ركبوا سبعا ، قاتلهم الله ما أعجب فعلهم!( أنى يؤفكون ) الإفك الصرف يقال : أفك الرجل عن الخير ، أي : قلب وصرف ، ورجل مأفوك أي : مصروف عن الخير .
فقوله تعالى :( أنى يؤفكون ) معناه كيف يصدون ، ويصرفون عن الحق بعد وضوح الدليل ، حتى يجعلوا لله ولدا! وهذا التعجب إنما هو راجع إلى الخلق ، والله تعالى لا يتعجب من شيء ، ولكن هذا الخطاب على عادة العرب في مخاطباتهم ، والله تعالى عجب نبيه من تركهم الحق وإصرارهم على الباطل .