المسألة الرابعة : الصحيح عندنا وجوب ، والدليل عليه قوله تعالى :( الزكاة في الحلي والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) .
فإن قيل : هذا الوعيد إنما يتناول الرجال لا النساء .
قلنا : نتكلم في الرجل الذي اتخذ الحلي لنسائه ، وأيضا ترتيب هذا الوعيد على جمع الذهب والفضة حكم مرتب على وصف يناسبه ، وهو أن جمع ذلك المال يمنعه من صرفه إلى المحتاجين مع أنه لا حاجة إليه ، إذ لو احتاج إلى إنفاقه لما قدر على جمعه ، وإقدام غير المحتاج على منع المال من المحتاج يناسب أن يمنع منه ، فثبت أن هذا الوعيد مرتب على وصف يناسبه ، والحكم المذكور عقيب وصف يناسبه يجب كونه معللا به ، فثبت أن هذا الوعيد لذلك الجمع ، فأينما حصل ذلك الوصف وجب أن يحصل معه ذلك الوعيد ، وأيضا إن العمومات الواردة في إيجاب الزكاة موجودة في الحلي المباح قال عليه السلام : " " وقال : " هاتوا ربع عشر أموالكم " وقال : "يا في الرقة ربع العشر علي عليك زكاة ، فإذا ملكت عشرين مثقالا ، فأخرج نصف مثقال " وقال : " " وقال : " ليس في المال حق سوى الزكاة " فهذه الآية مع جميع هذه الأخبار توجب لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ، ثم نقول : ولم يوجد لهذا الدليل معارض من الكتاب ، وهو ظاهر ؛ لأنه ليس في القرآن ما يدل على أنه زكاة في الحلي المباح ، ولم يوجد في الأخبار أيضا معارض إلا أن أصحابنا نقلوا فيه خبرا ، وهو قوله عليه السلام : الزكاة في الحلي المباح " لا زكاة في الحلي المباح " إلا أن قال : لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلي خبر صحيح ، وأيضا بتقدير أن يصح هذا الخبر فنحمله على اللآلئ ؛ لأنه قال : لا زكاة في الحلي ، ولفظ الحلي مفرد محلى بالألف واللام ، وقد دللنا على أنه لو كان هناك معهود سابق ، وجب انصرافه إليه ، والمعهود في القرآن في لفظ الحلي اللآلئ ، قال تعالى :( أبا عيسى الترمذي وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) [النحل : 14] وإذا كان كذلك انصرف لفظ الحلي إلى اللآلئ ، فسقطت دلالته ، وأيضا الاحتياط في القول بوجوب الزكاة ، وأيضا لا يمكن معارضة هذا النص بالقياس ؛ لأن النص خير من القياس ، فثبت أن الحق ما ذكرناه .