المسألة الرابعة : اعلم أن هذه الآية تدل على ، لأنه تعالى نص على أن تثاقلهم عن الجهاد أمر منكر ، ولو لم يكن الجهاد واجبا لما كان هذا التثاقل منكرا ، وليس لقائل أن يقول : الجهاد إنما يجب في الوقت الذي يخاف هجوم الكفار فيه ؛ لأنه عليه السلام ما كان يخاف هجوم وجوب الجهاد في كل حال الروم عليه ، ومع ذلك فقد أوجب الجهاد معهم ، ومنافع الجهاد مستقصاة في سورة آل عمران ، وأيضا هو واجب على الكفاية ، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين .
المسألة الخامسة : لقائل أن يقول : إن قوله :( ياأيها الذين آمنوا ) خطاب مع كل المؤمنين .
ثم قال :( ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ) وهذا يدل على أن كل المؤمنين كانوا متثاقلين في ذلك التكليف ، وذلك التثاقل معصية ، وهذا يدل على إطباق كل الأمة على المعصية ، وذلك يقدح في أن إجماع الأمة حجة .
الجواب : أن خطاب الكل لإرادة البعض مجاز مشهور في القرآن ، وفي سائر أنواع الكلام كقوله :
إياك أعني واسمعي يا جارة