( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )
قوله تعالى :( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )
اعلم أنه تعالى لما بين أنه حصل في الأعراب من يتخذ إنفاقه في سبيل الله مغرما ، بين أيضا أن فيهم قوما مؤمنين صالحين مجاهدين يتخذ إنفاقه في سبيل الله مغنما .
واعلم أنه تعالى وصف هذا الفريق بوصفين :
فالأول : كونه مؤمنا بالله واليوم الآخر ، والمقصود التنبيه على أنه ، وفي الجهاد أيضا كذلك . لا بد في جميع الطاعات من تقديم الإيمان
والثاني : كونه بحيث يتخذ ما ينفقه قربات عند الله وصلوات الرسول ، وفيه بحثان :
الأول : قال الزجاج : يجوز في القربات ثلاثة أوجه ، ضم الراء ، وإسكانها وفتحها .
الثاني : قال صاحب " الكشاف " : قربات مفعول ثان ليتخذ ، والمعنى : أن ما ينفقه لسبب حصول القربات عند الله تعالى وصلوات الرسول ؛ لأن الرسول كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ، ويستغفر لهم . كقوله : " آل أبي أوفى " وقال تعالى :( اللهم صل على وصل عليهم ) [ التوبة : 103 ] فلما كان ، قيل : إنه يتخذ ما ينفق قربات وصلوات . وقال تعالى :( ما ينفق سببا لحصول القربات والصلوات ألا إنها قربة لهم ) [ التوبة : 99 ] وهذا شهادة من الله تعالى للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات ، وقد أكد تعالى هذه الشهادة بحرف التنبيه ، وهو قوله :( ألا إنها ) ثم زاد في التأكيد ، فقال :( سيدخلهم الله في رحمته ) وقد ذكرنا أن إدخال هذا السين يوجب مزيد التأكيد . ثم قال :( إن الله غفور ) لسيئاتهم( رحيم ) بهم حيث وفقهم لهذه الطاعات . وقرأ نافع ( ألا إنها قربة ) بضم الراء وهو الأصل ، ثم خففت نحو : كتب ، ورسل ، وطنب ، والأصل هو الضم ، والإسكان تخفيف .