( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين )
قوله تعالى :( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين )
اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية الأولى أنه( اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) بين في هذه الآية أن أولئك المؤمنين هم الموصوفون بهذه الصفات التسعة . وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في رفع قوله :( التائبون العابدون الحامدون السائحون ) وجوه :
الأول : أنه رفع على المدح ، والتقدير : هم التائبون ، يعني المؤمنين المذكورين في قوله :( اشترى من المؤمنين أنفسهم ) هم التائبون .
الثاني : قال الزجاج : لا يبعد أن يكون قوله :( التائبون ) مبتدأ ، وخبره محذوف أي أيضا وإن لم يجاهدوا كقوله تعالى :( التائبون العابدون من أهل الجنة وكلا وعد الله الحسنى ) [ النساء : 95 ] وهذا وجه حسن ; لأن على هذا التقدير يكون الوعد بالجنة حاصلا لجميع المؤمنين ، وإذا جعلنا قوله :( التائبون ) تابعا لأول الكلام كان الوعد بالجنة حاصلا للمجاهدين .
الثالث :( التائبون ) مبتدأ أو رفع على البدل من الضمير في قوله :( يقاتلون ) .
الرابع : قوله :( التائبون ) مبتدأ ، وقوله :( العابدون ) إلى آخر الآية خبر بعد خبر ، أي التائبون من الكفر على الحقيقة هم الجامعون لهذه الخصال . وقرأ أبي وعبد الله ( التائبين ) بالياء إلى قوله :( والحافظين ) وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون ذلك نصبا على المدح .
الثاني : أن يكون جرا ، صفة للمؤمنين .