الصفة الخامسة : قوله : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الضمير في قوله : ( بين أيديهم ) عائد إلى الذين يتبعون الداعي ومن قال إن قوله : ( من أذن له الرحمن ) المراد به الشافع ، قال : ذلك الضمير عائد إليه والمعنى لا تنفع إلا لمن أذن له الرحمن في أن تشفع له الملائكة والأنبياء ، ثم قال : ( شفاعة الملائكة والأنبياء يعلم ما بين أيديهم ) يعني ما بين أيدي الملائكة كما قال في آية الكرسي ، وهذا قول الكلبي ومقاتل وفيه تقريع لمن يعبد الملائكة ليشفعوا له ، قال مقاتل : يعلم ما كان قبل أن يخلق الملائكة وما كان منهم بعد خلقهم .
المسألة الثانية : ذكروا في قوله تعالى : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) وجوها : أحدها : قال الكلبي : ( ما بين أيديهم ) من أمر الآخرة ( وما خلفهم ) من أمر الدنيا . وثانيها : قال : ( مجاهد ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا والأعمال ( وما خلفهم ) من أمر الآخرة والثواب والعقاب . وثالثها : قال الضحاك : يعلم ما مضى وما بقي ومتى تكون القيامة .
المسألة الثالثة : ذكروا في قوله : ( ولا يحيطون به علما ) وجهين : الأول : أنه تعالى بين أنه يعلم ما بين أيدي العباد وما خلفهم ، ثم قال : ( ولا يحيطون به علما ) أي العباد لا يحيطون بما بين أيديهم وما خلفهم [ ص: 104 ] علما . الثاني : المراد لا يحيطون بالله علما والأول أولى لوجهين : أحدهما : أن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات والأقرب ههنا قوله : ( ما بين أيديهم وما خلفهم ) . وثانيهما : أنه تعالى أورد ذلك مورد الزجر ليعلم أن سائر ما يقدمون عليه وما يستحقون به المجازاة معلوم لله تعالى .