( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )
قوله تعالى : ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )
اعلم أنه تعالى لما ذكر أن الملك له يوم القيامة وأنه يحكم بينهم ويدخل المؤمنين الجنات ، أتبعه بذكر وعده الكريم للمهاجرين ، وأفردهم بالذكر تفخيما لشأنهم ، فقال عز من قائل : ( والذين هاجروا ) واختلفوا فيمن أريد بذلك ، فقال بعضهم : من هاجر إلى المدينة طالبا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقربا إلى الله تعالى . وقال آخرون : بل المراد من جاهد فخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم أو في سراياه لنصرة الدين ، ولذلك ذكر القتل بعده . ومنهم من حمله على الأمرين . واختلفوا من وجه آخر فقال قوم : المراد قوم مخصوصون ، روى أنها نزلت في طوائف خرجوا من مجاهد مكة إلى المدينة للهجرة فتبعهم المشركون فقاتلوهم ، وظاهر الكلام للعموم . ثم إنه سبحانه وتعالى وصفهم برزقهم ومسكنهم . أما الرزق فقوله تعالى : ( ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : لا شبهة في أن ، وقال الرزق الحسن هو نعيم الجنة الأصم : إنه العلم والفهم كقول شعيب عليه السلام : ( ورزقني منه رزقا حسنا ) [ هود : 88 ] فهذا في الدنيا وفي الآخرة الجنة ، وقال الكلبي : رزقا حسنا حلالا وهو الغنيمة . وهذان الوجهان ضعيفان ؛ لأنه تعالى جعله جزاء على هجرتهم في سبيل الله بعد القتل والموت وبعدهما لا يكون إلا نعيم الجنة .