المسألة الثالثة : اختلفوا في معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=32413_29703وإن الله لهو خير الرازقين ) مع العلم بأن كل الرزق من عنده على وجوه :
أحدها : التفاوت إنما كان بسبب أنه سبحانه مختص بأن يرزق ما لا يقدر عليه غيره . وثانيها : أن يكون المراد أنه الأصل في الرزق ، وغيره إنما يرزق بما تقدم من الرزق من جهة الله تعالى . وثالثها : أن غيره ينقل الرزق من يده إلى يد غيره لا أنه يفعل نفس الرزق . ورابعها : أن غيره إذا رزق فإنما يرزق لانتفاعه به ، إما لأجل أن يخرج عن الواجب ، وإما لأجل أن يستحق به حمدا أو ثناء ، وإما لأجل دفع الرقة الجنسية . فكان الواحد منا إذا رزق فقد طلب العوض ، أما الحق سبحانه فإن كماله صفة ذاتية له ، فلا يستفيد من شيء كمالا زائدا ، فكان الرزق الصادر منه لمحض الإحسان . وخامسها : أن غيره إنما يرزق لو حصل في قلبه إرادة ذلك الفعل ، وتلك الإرادة من الله ، فالرازق في الحقيقة هو الله تعالى . وسادسها : أن المرزوق يكون تحت منة الرازق ، ومنة الله تعالى أسهل تحملا من منة الغير ، فكان هو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58خير الرازقين ) . وسابعها : أن الغير إذا رزق فلولا أن الله تعالى أعطى ذلك الإنسان أنواع الحواس وأعطاه السلامة والصحة والقدرة على الانتفاع بذلك الرزق لما أمكنه الانتفاع به ، ورزق الغير لا بد وأن يكون مسبوقا برزق الله وملحوقا به حتى يحصل الانتفاع . وأما رزق الله تعالى فإنه لا حاجة به إلى رزق غيره ، فثبت أنه سبحانه (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58خير الرازقين ) .
المسألة الثَّالِثَةُ : اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=32413_29703وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كُلَّ الرِّزْقِ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : التَّفَاوُتُ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُخْتَصٌّ بِأَنْ يَرْزُقَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ . وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الرِّزْقِ ، وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَرْزُقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الرِّزْقِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَثَالِثُهَا : أَنَّ غَيْرَهُ يَنْقُلُ الرِّزْقَ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ غَيْرِهِ لَا أَنَّهُ يَفْعَلُ نَفْسَ الرِّزْقِ . وَرَابِعُهَا : أَنَّ غَيْرَهُ إِذَا رَزَقَ فَإِنَّمَا يَرْزُقُ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ ، إِمَّا لِأَجْلِ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْوَاجِبِ ، وَإِمَّا لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ حَمْدًا أَوْ ثَنَاءً ، وَإِمَّا لِأَجْلِ دَفْعِ الرِّقَّةِ الْجِنْسِيَّةِ . فَكَانَ الْوَاحِدُ مِنَّا إِذَا رَزَقَ فَقَدْ طَلَبَ الْعِوَضَ ، أَمَّا الْحَقُّ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ كَمَالَهُ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لَهُ ، فَلَا يَسْتَفِيدُ مِنْ شَيْءٍ كَمَالًا زَائِدًا ، فَكَانَ الرِّزْقُ الصَّادِرُ مِنْهُ لِمَحْضِ الْإِحْسَانِ . وَخَامِسُهَا : أَنَّ غَيْرَهُ إِنَّمَا يَرْزُقُ لَوْ حَصَلَ فِي قَلْبِهِ إِرَادَةُ ذَلِكَ الْفِعْلِ ، وَتِلْكَ الْإِرَادَةُ مِنَ اللَّهِ ، فَالرَّازِقُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى . وَسَادِسُهَا : أَنَّ الْمَرْزُوقَ يَكُونُ تَحْتَ مِنَّةِ الرَّازِقِ ، وَمِنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى أَسْهَلُ تَحَمُّلًا مِنْ مِنَّةِ الْغَيْرِ ، فَكَانَ هُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) . وَسَابِعُهَا : أَنَّ الْغَيْرَ إِذَا رُزِقَ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى ذَلِكَ الْإِنْسَانَ أَنْوَاعَ الْحَوَاسِّ وَأَعْطَاهُ السَّلَامَةَ وَالصِّحَّةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ الرِّزْقِ لَمَا أَمْكَنَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ، وَرِزْقُ الْغَيْرِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِرِزْقِ اللَّهِ وَمَلْحُوقًا بِهِ حَتَّى يَحْصُلَ الِانْتِفَاعُ . وَأَمَّا رِزْقُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى رِزْقِ غَيْرِهِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=58خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .