المسألة الرابعة : قالت المعتزلة : الآية تدل على أمور ثلاثة :
أحدها : أن الله تعالى قادر .
وثانيها : أن غير الله يصح منه أن يرزق ويملك ، ولولا كونه قادرا فاعلا لما صح ذلك .
وثالثها : أن الرزق لا يكون إلا حلالا ؛ لأن قوله ( خير الرازقين ) دلالة على كونهم ممدوحين ، والجواب : لا نزاع في كون العبد قادرا ، فإن عندنا القدرة مع الداعي مؤثرة في الفعل بمعنى الاستلزام . وأما الثالث فبحث لفظي وقد سبق الكلام فيه .
المسألة الخامسة : لما قال تعالى : ( ثم قتلوا أو ماتوا ) فسوى بينهما في الوعد ، ظن قوم أن حال المقتول في الجهاد والميت على فراشه سواء ، وهذا إن أخذوه من الظاهر فلا دلالة فيه ؛ لأن الجمع بينهما في الوعد لا يدل على تفضيل ولا تسوية ، كما أن الجمع بين المؤمنين لا يدل على ذلك . وإن أخذوه من دليل آخر فهو حق ، فإنه روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المقتول في سبيل الله تعالى ، والمتوفى في سبيل الله بغير قتل ، هما في الخير والأجر شريكان ولفظ الشركة مشعر بالتسوية ، وإلا فلا يبقى لتخصيصهما بالذكر فائدة . وروي أيضا : أن طوائف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا ، فما لنا إن متنا معك ؟ فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين . وهذا يدل على التسوية ؛ لأنهم لما طلبوا مقدار الأجر ، فلولا التسوية لم يكن الجواب مفيدا .


