[ ص: 125 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 [ سورة ق ]
أربعون وخمس آيات ، مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد )
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد ) وقبل التفسير نقول : ما يتعلق بالسورة وهي أمور :
الأول : أن هذه السورة
nindex.php?page=treesubj&link=1122تقرأ في صلاة العيد ؛ لقوله تعالى فيها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=42ذلك يوم الخروج ) [ ق : 42 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=11كذلك الخروج ) [ ق : 11 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=44ذلك حشر علينا يسير ) [ ق : 44 ] فإن العيد يوم الزينة ، فينبغي أن لا ينسى الإنسان خروجه إلى عرصات الحساب ، ولا يكون في ذلك اليوم فرحا فخورا ، ولا يرتكب فسقا ولا فجورا ، ولما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتذكير بقوله في آخر السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) [ ق : 45 ] ذكرهم بما يناسب حالهم في يومهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن ) .
الثاني : هذه السورة ، وسورة " ص " تشتركان في افتتاح أولهما بالحروف المعجم ، والقسم بالقرآن ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بل ) [ ق : 2 ] ، والتعجب ، ويشتركان في شيء آخر ، وهو أن أول السورتين وآخرهما متناسبان ، وذلك لأن في " ص " قال في أولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1والقرآن ذي الذكر ) [ ص : 1 ] وقال في آخرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين ) [ ص : 87 ] وفي " ق " قال في أولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1والقرآن المجيد ) وقال في آخرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) [ ق : 45 ] فافتتح بما اختتم به .
والثالث : وهو أن في تلك السورة صرف العناية إلى تقرير الأصل الأول وهو التوحيد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا ) [ ص : 5 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أن امشوا واصبروا على آلهتكم ) [ ص : 6 ] وفي هذه السورة إلى تقرير الأصل الآخر وهو الحشر بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) [ ق : 3 ] ولما كان افتتاح السورة في " ص " في تقرير المبدأ ، قال في آخرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين )
[ ص: 126 ] [ ص : 71 ] وختمه بحكاية بدء [ خلق ]
آدم ؛ لأنه دليل الوحدانية . ولما كان افتتاح هذه لبيان الحشر ، قال في آخرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=44يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ) [ ق : 44 ] وأما التفسير ، ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) اسم جبل محيط بالعالم ، وقيل : معناه حكمة ، هي قولنا : قضي الأمر . وفي " ص " : صدق الله ، وقد ذكرنا أن الحروف تنبيهات قدمت على القرآن ، ليبقى السامع مقبلا على استماع ما يرد عليه ، فلا يفوته شيء من الكلام الرائق والمعنى الفائق .
وذكرنا أيضا أن
nindex.php?page=treesubj&link=29530العبادة منها قلبية ، ومنها لسانية ، ومنها خارجية ظاهرة ، ووجد في الجارحية ما عقل معناه ، ووجد منها ما لم يعقل معناه ، كأعمال الحج من الرمي والسعي وغيرهما ، ووجد في القلبية ما عقل بدليل ، كعلم التوحيد ، وإمكان الحشر ، وصفات الله تعالى ، وصدق الرسل ، ووجد فيها ما يبعدها عن كونها معقولة المعنى ، أمور لا يمكن التصديق والجزم بها لولا السمع ، كالصراط الممدود الأحد من السيف الأرق من الشعر ، والميزان الذي يوزن به الأعمال ، فكذلك كان ينبغي أن تكون الأذكار التي هي العبادة اللسانية منها ما يعقل معناه كجميع القرآن إلا قليلا منه ، ومنها ما لا يعقل ولا يفهم كحرف التهجي ؛ لكون التلفظ به محض الانقياد للأمر ، لا لما يكون في الكلام من طيب الحكاية والقصد إلى غرض ، كقولنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286واغفر لنا وارحمنا ) [ البقرة : 286 ] بل يكون النطق به تعبدا محضا ، ويؤيد هذا وجه آخر ، وهو أن هذه الحروف مقسم بها ؛ وذلك لأن الله تعالى لما أقسم بالتين والزيتون كان تشريفا لهما ، فإذا أقسم بالحروف التي هي أصل الكلام الشريف الذي هو دليل المعرفة وآلة التعريف كان أولى ، وإذا عرفت هذا فنقول على هذا فيه مباحث :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=28904القسم من الله وقع بأمر واحد ، كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=1والعصر ) [ العصر : 1 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم ) [ النجم : 1 ] وبحرف واحد ، كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) ، ووقع بأمرين كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2والليل إذا سجى ) [ الضحى : 1 ] وفي قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1والسماء والطارق ) [ الطارق : 1 ] ، وبحرفين كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=1طه ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1طس ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=1حم ) ، وبثلاثة أمور كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات ((
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ) ، وبثلاثة أحرف كما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ) وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=1طسم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=1الر ) ، وبأربعة أمور كما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1والذاريات ) [ الذاريات : 1 ] وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1والسماء ذات البروج ) [ البروج : 1 ] وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1والتين ) [ التين : 1 ] ، وبأربعة أحرف كما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر ) ، وبخمسة أمور كما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور ) [ الطور : 1 ] وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=1والمرسلات ) [ المرسلات : 1 ] وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=1والنازعات ) [ النازعات : 1 ] وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=1والفجر ) [ الفجر : 1 ] ، وبخمسة أحرف كما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=2عسق ) ولم يقسم بأكثر من خمسة أشياء إلا في سورة واحدة وهي (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها ) [ الشمس : 1 ] ولم يقسم بأكثر من خمسة أصول ؛ لأنه يجمع كلمة الاستثقال ، ولما استثقل حين ركب لمعنى كان استثقالها حين ركب من غير إحاطة العلم بالمعنى أو لا لمعنى كان أشد .
البحث الثاني : عند القسم بالأشياء المعهودة ، ذكر حرف القسم وهي الواو ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس ) وعند القسم بالحروف لم يذكر حرف القسم ، فلم يقل: و (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم ) لأن القسم لما كان بنفس الحروف كان الحرف مقسما به ، فلم يورده في موضع كونه آلة القسم تسوية بين الحروف .
[ ص: 127 ] البحث الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=28904أقسم الله بالأشياء : كالتين والطور ، ولم يقسم بأصولها ، وهي الجواهر الفردة والماء والتراب . وأقسم بالحروف من غير تركيب ؛ لأن الأشياء عنده يركبها على أحسن حالها ، وأما الحروف إن ركبت بمعنى ، يقع الحلف بمعناه لا باللفظ ، كقولنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=16السماء والأرض ) [ الأنبياء : 16 ] وإن ركبت لا بمعنى ، كان المفرد أشرف ، فأقسم بمفردات الحروف .
البحث الرابع : أقسم بالحروف في أول ثمانية وعشرين سورة ، وبالأشياء التي عددها عدد الحروف ، وهي غير (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس ) [ الشمس : 1 ] في أربع عشرة سورة ؛ لأن القسم بالأمور غير الحروف وقع في أوائل السور وفي أثنائها ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=32كلا والقمر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=33والليل إذ أدبر ) [ المدثر : 33 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17والليل وما وسق ) [ الانشقاق : 17 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=17والليل إذا عسعس ) [ التكوير : 17 ] والقسم بالحروف لم يوجد ولم يحسن إلا في أوائل السور ؛ لأن ذكر ما لا يفهم معناه في أثناء الكلام المنظوم المفهوم يخل بالفهم ، ولما كان القسم بالأشياء له موضعان والقسم بالحروف له موضع واحد ، جعل القسم بالأشياء في أوائل السور على نصف القسم بالحروف في أوائلها .
البحث الخامس : القسم بالحروف وقع في النصفين جميعا ، بل في كل سبع ، وبالأشياء المعدودة لم يوجد إلا في النصف الأخير ، بل لم يوجد إلا في السبع الأخير غير والصافات ، وذلك لأنا بينا أن القسم بالحروف لم ينفك عن ذكر القرآن أو الكتاب أو التنزيل بعده إلا نادرا ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم ) [ يس : 2 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب ) [ غافر : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب ) [ البقرة : 1 ] ولما كان جميع القرآن معجزة مؤداة بالحروف وجد ذلك عاما في جميع المواضع ولا كذلك القسم بالأشياء المعدودة ، وقد ذكرنا شيئا من ذلك في سورة العنكبوت . ولنذكر ما يختص بقاف ، قيل : إنه اسم جبل محيط بالأرض عليه أطراف السماء ، وهو ضعيف لوجوه :
أحدها : أن القراءة الكثيرة الوقف ، ولو كان اسم جبل لما جاز الوقف في الإدراج ؛ لأن من قال ذلك قال بأن الله تعالى أقسم به .
وثانيها : أنه لو كان كذلك لذكر بحرف القسم كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور ) [ الطور : 1 ] وذلك لأن حرف القسم يحذف حيث يكون المقسم به مستحقا لأن يقسم به ، كقولنا : الله لأفعلن كذا ، واستحقاقه لهذا غني عن الدلالة عليه باللفظ ، ولا يحسن أن يقال : زيد لأفعلن .
ثالثها : هو أنه لو كان كما ذكر لكان يكتب قاف مع الألف والفاء كما يكتب (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=12عين جارية ) [ الغاشية : 12 ] ويكتب (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أليس الله بكاف عبده ) [ الزمر : 36 ] وفي جميع المصاحف يكتب حرف (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) .
ورابعها : هو أن الظاهر أن الأمر فيه كالأمر في (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم ) وهي حروف لا كلمات ، وكذلك في (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) فإن قيل : هو منقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، نقول : المنقول عنه أن ( قاف ) اسم جبل ، وأما أن المراد في هذا الموضع به ذلك فلا ، وقيل : إن معناه قضي الأمر ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) صدق الله ، وقيل : هو اسم الفاعل من قفا يقفو و " ص " من صاد من المصاداة ، وهي المعارضة ، معناه هذا قاف جميع الأشياء بالكشف ، ومعناه حينئذ هو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] إذا قلنا : إن الكتاب هناك القرآن . هذا
nindex.php?page=treesubj&link=29021ما قيل في ( nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) وأما القراءة فيه فكثيرة وحصرها بيان معناها ، فنقول : إن قلنا هي مبنية على ما بينا فحقها الوقف ، إذ لا عامل فيها فيشبه بناء الأصوات ، ويجوز الكسر حذرا من التقاء الساكنين ، ويجوز الفتح اختيارا للأخف ، فإن قيل : كيف جاز اختيار الفتح ههنا ولم يجز عند التقاء الساكنين إذا كان أحدهما آخر كلمة ، والآخر أول أخرى كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا ) [ البينة : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين ) [ الأنعام : 52 ] ؟ نقول : لأن هناك إنما وجب التحريك وعين الكسر في الفعل
[ ص: 128 ] لشبهة تحرك الإعراب ؛ لأن الفعل محل يرد عليه الرفع والنصب ولا يوجد فيه الجر ، فاختيرت الكسرة التي لا يخفى على أحد أنها ليست بجر ؛ لأن الفعل لا يجوز فيه الجر ولو فتح لاشتبه بالنصب ، وأما في أواخر الأسماء ، فلا اشتباه ، لأن الأسماء محل ترد عليه الحركات الثلاث فلم يكن يمكن الاحتراز فاختاروا الأخف ، وأما إن قلنا : إنها حرف مقسم به ، فحقها الجر ، ويجوز النصب بجعله مفعولا بأقسم على وجه الاتصال ، وتقدير الباء كأن لم يوجد ، وإن قلنا : هي اسم السورة ، فإن قلنا : مقسم بها مع ذلك فحقها الفتح ؛ لأنها لا تنصرف حينئذ ، ففتح في موضع الجر ، كما تقول : وإبراهيم وأحمد ، في القسم بهما ، وإن قلنا : إنه ليس مقسما بها وقلنا : اسم السورة ، فحقها الرفع إن جعلناها خبرا تقديره : هذه ق ، وإن قلنا : هو من قفا يقفو ، فحقه التنوين كقولنا : هذا داع وراع ، وإن قلنا : اسم جبل ، فالجر والتنوين ، وإن كان قسما .
ولنعد إلى التفسير ، فنقول : الوصف قد يكون للتمييز ، وهو الأكثر ، كقولنا : " الكلام القديم " ؛ ليتميز عن الحادث ، و " الرجل الكريم " ؛ ليمتاز عن اللئيم ، وقد يكون لمجرد المدح ، كقولنا : الله الكريم ، إذ ليس في الوجود إله آخر حتى نميزه عنه بالكريم ، وفي هذا الموضع يحتمل الوجهين ، والظاهر أنه لمجرد المدح ، وأما التمييز فبأن نجعل القرآن اسما للمقروء ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ) [ الرعد : 31 ] والمجيد العظيم ، وقيل : المجيد هو كثير الكرم ، وعلى الوجهين القرآن مجيد ، أما على قولنا : المجيد هو العظيم ، فلأن القرآن عظيم الفائدة ، ولأنه ذكر الله العظيم ، وذكر العظيم عظيم ، ولأنه لم يقدر عليه أحد من الخلق ، وهو آية العظمة ، يقال : ملك عظيم ، إذا لم يكن يغلب ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) [ الحجر : 87 ] أي الذي لا يقدر على مثله أحد ليكون معجزة دالة على نبوتك ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بل هو قرآن مجيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22في لوح محفوظ ) [ البروج : 22 ] أي محفوظ من أن يطلع عليه أحد إلا بإطلاعه تعالى ، فلا يبدل ولا يغير ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) [ فصلت : 42 ] فهو غير مقدور عليه فهو عظيم ، وأما على قولنا : المجيد هو كثير الكرم ،
nindex.php?page=treesubj&link=28890_29568فالقرآن كريم ، كل من طلب منه مقصوده وجده ، وإنه مغن كل من لاذ به ، وإغناء المحتاج غاية الكرم ، ويدل عليه هو أن المجيد مقرون بالحميد في قولنا : إنك حميد مجيد ، فالحميد هو المشكور ، والشكر على الإنعام والمنعم كريم ، فالمجيد هو الكريم البالغ في الكرم ، وفيه مباحث :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=34077القرآن مقسم به ، فالمقسم عليه ماذا ؟ نقول : فيه وجوه وضبطها بأن نقول : ذلك إما أن يفهم بقرينة حالية أو قرينة مقالية ، والمقالية إما أن تكون متقدمة على المقسم به أو متأخرة ، فإن قلنا بأنه مفهوم من قرينة مقالية متقدمة فلا متقدم هناك لفظا إلا (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) فيكون التقدير : هذا ق والقرآن المجيد ، أو " ق " أنزلها الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1والقرآن ) كما يقول هذا حاتم والله ، أي هو المشهور بالسخاء ، ويقول : الهلال رأيته والله ، وإن قلنا بأنه مفهوم من قرينة مقالية متأخرة ، فنقول : ذلك أمران : أحدهما : المنذر ، والثاني : الرجع ، فيكون التقدير : والقرآن المجيد إنك المنذر ، أو : والقرآن المجيد إن الرجع لكائن ؛ لأن الأمرين ورد القسم عليهما ظاهرا ، أما الأول : فيدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إنك لمن المرسلين ) [ يس : 2 ] إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم ) [ يس : 6 ] . وأما الثاني : فدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1والطور nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وكتاب مسطور ) [ الطور : 2 ] إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع ) وهذا الوجه يظهر عليه غاية الظهور على قول من قال : " ق " اسم جبل ، فإن القسم يكون بالجبل والقرآن ، وهناك القسم بالطور والكتاب المسطور ، وهو الجبل والقرآن ، فإن قيل : أي الوجهين منهما أظهر عندك ؟ قلت : ( الأول ) ؛ لأن المنذر أقرب من الرجع ، ولأن الحروف رأيناها مع القرآن والمقسم كونه
[ ص: 129 ] مرسلا ومنذرا ، وما رأينا الحروف ذكرت وبعدها الحشر ، واعتبر ذلك في سورة منها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=2تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر ) [ السجدة : 1 ] ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=28899القرآن معجزة دالة على كون محمد رسول الله ، فالقسم به عليه يكون إشارة إلى الدليل على طريقة القسم ، وليس هو بنفسه دليلا على الحشر ، بل فيه أمارات مفيدة للجزم بالحشر بعد معرفة صدق الرسول ، وأما إن قلنا : هو مفهوم بقرينة حالية ، فهو كون محمد - صلى الله عليه وسلم - على الحق ولكلامه صفة الصدق ، فإن الكفار كانوا ينكرون ذلك ، والمختار ما ذكرناه .
والثاني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بل عجبوا ) يقتضي أن يكون هناك أمر مضرب عنه فما ذلك ؟ نقول : قال
الواحدي ، ووافقه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنه تقدير قوله : ما الأمر ، كما يقولون ، ونزيده وضوحا ، فنقول على ما اخترناه : فإن التقدير - والله أعلم - (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد ) إنك لتنذر ، فكأنه قال بعده : وإنهم شكوا فيه فاضرب عنه .
[ ص: 125 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 [ سُورَةُ ق ]
أَرْبَعُونَ وَخَمْسُ آيَاتٍ ، مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) وَقَبْلَ التَّفْسِيرِ نَقُولُ : مَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّورَةِ وَهِيَ أُمُورٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=1122تُقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=42ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) [ ق : 42 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=11كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ) [ ق : 11 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=44ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ) [ ق : 44 ] فَإِنَّ الْعِيدَ يَوْمُ الزِّينَةِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْسَى الْإِنْسَانُ خُرُوجَهُ إِلَى عَرْصَاتِ الْحِسَابِ ، وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَرِحًا فَخُورًا ، وَلَا يَرْتَكِبُ فِسْقًا وَلَا فُجُورًا ، وَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّذْكِيرِ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ) [ ق : 45 ] ذَكَّرَهُمْ بِمَا يُنَاسِبُ حَالَهُمْ فِي يَوْمِهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ ) .
الثَّانِي : هَذِهِ السُّورَةُ ، وَسُورَةُ " ص " تَشْتَرِكَانِ فِي افْتِتَاحِ أَوَّلِهِمَا بِالْحُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، وَالْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بَلْ ) [ ق : 2 ] ، وَالتَّعَجُّبِ ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي شَيْءٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنْ أَوَّلَ السُّورَتَيْنِ وَآخِرَهُمَا مُتَنَاسِبَانِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي " ص " قَالَ فِي أَوَّلِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) [ ص : 1 ] وَقَالَ فِي آخِرِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) [ ص : 87 ] وَفِي " ق " قَالَ فِي أَوَّلِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) وَقَالَ فِي آخِرِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=45فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ) [ ق : 45 ] فَافْتَتَحَ بِمَا اخْتَتَمَ بِهِ .
وَالثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّ فِي تِلْكَ السُّورَةِ صَرْفَ الْعِنَايَةِ إِلَى تَقْرِيرِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ) [ ص : 5 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ ) [ ص : 6 ] وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى تَقْرِيرِ الْأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْحَشْرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) [ ق : 3 ] وَلَمَّا كَانَ افْتِتَاحُ السُّورَةِ فِي " ص " فِي تَقْرِيرِ الْمَبْدَأِ ، قَالَ فِي آخِرِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=71إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ )
[ ص: 126 ] [ ص : 71 ] وَخَتَمَهُ بِحِكَايَةِ بَدْءِ [ خَلْقِ ]
آدَمَ ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْوَحْدَانِيَّةِ . وَلَمَّا كَانَ افْتِتَاحُ هَذِهِ لِبَيَانِ الْحَشْرِ ، قَالَ فِي آخِرِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=44يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ) [ ق : 44 ] وَأَمَّا التَّفْسِيرُ ، فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) اسْمُ جَبَلٍ مُحِيطٍ بِالْعَالَمِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ حِكْمَةٌ ، هِيَ قَوْلُنَا : قُضِيَ الْأَمْرُ . وَفِي " ص " : صَدَقَ اللَّهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُرُوفَ تَنْبِيهَاتٌ قُدِّمَتْ عَلَى الْقُرْآنِ ، لِيَبْقَى السَّامِعُ مُقْبِلًا عَلَى اسْتِمَاعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ ، فَلَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ الرَّائِقِ وَالْمَعْنَى الْفَائِقِ .
وَذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29530الْعِبَادَةَ مِنْهَا قَلْبِيَّةٌ ، وَمِنْهَا لِسَانِيَّةٌ ، وَمِنْهَا خَارِجِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ ، وَوُجِدَ فِي الْجَارِحِيَّةِ مَا عُقِلَ مَعْنَاهُ ، وَوُجِدَ مِنْهَا مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ ، كَأَعْمَالِ الْحَجِّ مِنَ الرَّمْيِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِمَا ، وَوُجِدَ فِي الْقَلْبِيَّةِ مَا عُقِلَ بِدَلِيلٍ ، كَعِلْمِ التَّوْحِيدِ ، وَإِمْكَانِ الْحَشْرِ ، وَصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَصِدْقِ الرُّسُلِ ، وَوُجِدَ فِيهَا مَا يُبْعِدُهَا عَنْ كَوْنِهَا مَعْقُولَةَ الْمَعْنَى ، أُمُورٌ لَا يُمْكِنُ التَّصْدِيقُ وَالْجَزْمُ بِهَا لَوْلَا السَّمْعُ ، كَالصِّرَاطِ الْمَمْدُودِ الْأَحَدِّ مِنَ السَّيْفِ الْأَرَقِّ مِنَ الشَّعْرِ ، وَالْمِيزَانُ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ الْأَعْمَالُ ، فَكَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَذْكَارُ الَّتِي هِيَ الْعِبَادَةُ اللِّسَانِيَّةُ مِنْهَا مَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ كَجَمِيعِ الْقُرْآنِ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُ ، وَمِنْهَا مَا لَا يُعْقَلُ وَلَا يُفْهَمُ كَحَرْفِ التَّهَجِّي ؛ لِكَوْنِ التَّلَفُّظِ بِهِ مَحْضَ الِانْقِيَادِ لِلْأَمْرِ ، لَا لِمَا يَكُونُ فِي الْكَلَامِ مِنْ طِيبِ الْحِكَايَةِ وَالْقَصْدِ إِلَى غَرَضٍ ، كَقَوْلِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ) [ الْبَقَرَةِ : 286 ] بَلْ يَكُونُ النُّطْقُ بِهِ تَعَبُّدًا مَحْضًا ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ مُقْسَمٌ بِهَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَقْسَمَ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ كَانَ تَشْرِيفًا لَهُمَا ، فَإِذَا أَقْسَمَ بِالْحُرُوفِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْكَلَامِ الشَّرِيفِ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ وَآلَةُ التَّعْرِيفِ كَانَ أَوْلَى ، وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ عَلَى هَذَا فِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28904الْقَسَمُ مِنَ اللَّهِ وَقَعَ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=1وَالْعَصْرِ ) [ الْعَصْرِ : 1 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ ) [ النَّجْمِ : 1 ] وَبِحَرْفٍ وَاحِدٍ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) ، وَوَقَعَ بِأَمْرَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) [ الضُّحَى : 1 ] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ) [ الطَّارِقِ : 1 ] ، وَبِحَرْفَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=1طه ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=1طس ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=1حم ) ، وَبِثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ ((
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ) ، وَبِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ كَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ) وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=1طسم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=1الر ) ، وَبِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ كَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1وَالذَّارِيَاتِ ) [ الذَّارِيَاتِ : 1 ] وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) [ الْبُرُوجِ : 1 ] وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالتِّينِ ) [ التِّينِ : 1 ] ، وَبِأَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ كَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر ) ، وَبِخَمْسَةِ أُمُورٍ كَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ ) [ الطَّوْرِ : 1 ] وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=1وَالْمُرْسَلَاتِ ) [ الْمُرْسَلَاتِ : 1 ] وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=1وَالنَّازِعَاتِ ) [ النَّازِعَاتِ : 1 ] وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=1وَالْفَجْرِ ) [ الْفَجْرِ : 1 ] ، وَبِخَمْسَةِ أَحْرُفٍ كَمَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=2عسق ) وَلَمْ يُقْسِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ إِلَّا فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) [ الشَّمْسِ : 1 ] وَلَمْ يُقْسِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أُصُولٍ ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ كَلِمَةَ الِاسْتِثْقَالِ ، وَلَمَّا اسْتُثْقِلَ حِينَ رُكِّبَ لِمَعْنًى كَانَ اسْتِثْقَالُهَا حِينَ رُكِّبَ مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِالْمَعْنَى أَوْ لَا لِمَعْنًى كَانَ أَشَدَّ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : عِنْدَ الْقَسَمِ بِالْأَشْيَاءِ الْمَعْهُودَةِ ، ذَكَرَ حَرْفَ الْقَسَمِ وَهِيَ الْوَاوُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ ( (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ ) وَعِنْدَ الْقَسَمِ بِالْحُرُوفِ لَمْ يَذْكُرْ حَرْفَ الْقَسَمِ ، فَلَمْ يَقُلْ: وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم ) لِأَنَّ الْقَسَمَ لَمَّا كَانَ بِنَفْسِ الْحُرُوفِ كَانَ الْحَرْفُ مُقْسَمًا بِهِ ، فَلَمْ يُورِدْهُ فِي مَوْضِعِ كَوْنِهِ آلَةَ الْقَسَمِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْحُرُوفِ .
[ ص: 127 ] الْبَحْثُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28904أَقْسَمَ اللَّهُ بِالْأَشْيَاءِ : كَالتِّينِ وَالطُّورِ ، وَلَمْ يُقْسِمْ بِأُصُولِهَا ، وَهِيَ الْجَوَاهِرُ الْفَرْدَةُ وَالْمَاءُ وَالتُّرَابُ . وَأَقْسَمَ بِالْحُرُوفِ مِنْ غَيْرِ تَرْكِيبٍ ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عِنْدَهُ يُرَكِّبُهَا عَلَى أَحْسَنِ حَالِهَا ، وَأَمَّا الْحُرُوفُ إِنْ رُكِّبَتْ بِمَعْنًى ، يَقَعُ الْحَلِفُ بِمَعْنَاهُ لَا بِاللَّفْظِ ، كَقَوْلِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=16السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 16 ] وَإِنْ رُكِّبَتْ لَا بِمَعْنًى ، كَانَ الْمُفْرَدُ أَشْرَفَ ، فَأَقْسَمَ بِمُفْرَدَاتِ الْحُرُوفِ .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : أَقْسَمَ بِالْحُرُوفِ فِي أَوَّلِ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً ، وَبِالْأَشْيَاءِ الَّتِي عَدَدُهَا عَدَدُ الْحُرُوفِ ، وَهِيَ غَيْرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ ) [ الشَّمْسِ : 1 ] فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً ؛ لِأَنَّ الْقَسَمَ بِالْأُمُورِ غَيْرُ الْحُرُوفِ وَقَعَ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَفِي أَثْنَائِهَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=32كَلَّا وَالْقَمَرِ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=33وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) [ الْمُدَّثِّرِ : 33 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=17وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ) [ الِانْشِقَاقِ : 17 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=17وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ) [ التَّكْوِيرِ : 17 ] وَالْقَسَمُ بِالْحُرُوفِ لَمْ يُوجَدْ وَلَمْ يَحْسُنْ إِلَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ الْمَنْظُومِ الْمَفْهُومِ يُخِلُّ بِالْفَهْمِ ، وَلَمَّا كَانَ الْقَسَمُ بِالْأَشْيَاءِ لَهُ مَوْضِعَانِ وَالْقَسَمُ بِالْحُرُوفِ لَهُ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ ، جُعِلَ الْقَسَمُ بِالْأَشْيَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ عَلَى نِصْفِ الْقَسَمِ بِالْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِهَا .
الْبَحْثُ الْخَامِسُ : الْقَسَمُ بِالْحُرُوفِ وَقَعَ فِي النِّصْفَيْنِ جَمِيعًا ، بَلْ فِي كُلِّ سَبْعٍ ، وَبِالْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ ، بَلْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا فِي السَّبْعِ الْأَخِيرِ غَيْرَ وَالصَّافَّاتِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَسَمَ بِالْحُرُوفِ لَمْ يَنْفَكَّ عَنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ أَوِ الْكِتَابِ أَوِ التَّنْزِيلِ بَعْدَهُ إِلَّا نَادِرًا ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) [ يس : 2 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ) [ غَافِرٍ : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ ) [ الْبَقَرَةِ : 1 ] وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ مُعْجِزَةً مُؤَدَّاةً بِالْحُرُوفِ وُجِدَ ذَلِكَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَلَا كَذَلِكَ الْقَسَمُ بِالْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ . وَلْنَذْكُرْ مَا يَخْتَصُّ بِقَافٍ ، قِيلَ : إِنَّهُ اسْمُ جَبَلٍ مُحِيطٍ بِالْأَرْضِ عَلَيْهِ أَطْرَافُ السَّمَاءِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْكَثِيرَةَ الْوَقْفُ ، وَلَوْ كَانَ اسْمَ جَبَلٍ لَمَا جَازَ الْوَقْفُ فِي الْإِدْرَاجِ ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَذُكِرَ بِحَرْفِ الْقَسَمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ ) [ الطُّورِ : 1 ] وَذَلِكَ لِأَنَّ حَرْفَ الْقَسَمِ يُحْذَفُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُقْسَمُ بِهِ مُسْتَحِقًّا لِأَنْ يُقْسَمَ بِهِ ، كَقَوْلِنَا : اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ، وَاسْتِحْقَاقُهُ لِهَذَا غَنِيٌّ عَنِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ : زَيْدٍ لَأَفْعَلَنَّ .
ثَالِثُهَا : هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ لَكَانَ يُكْتَبُ قَافٌ مَعَ الْأَلِفِ وَالْفَاءِ كَمَا يُكْتَبُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=12عَيْنٌ جَارِيَةٌ ) [ الْغَاشِيَةِ : 12 ] وَيُكْتَبُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) [ الزُّمَرِ : 36 ] وَفِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ يُكْتَبُ حَرْفُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) .
وَرَابِعُهَا : هُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ كَالْأَمْرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم ) وَهِيَ حُرُوفٌ لَا كَلِمَاتٌ ، وَكَذَلِكَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) فَإِنْ قِيلَ : هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، نَقُولُ : الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّ ( قَافْ ) اسْمُ جَبَلٍ ، وَأَمَّا أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِهِ ذَلِكَ فَلَا ، وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ قُضِيَ الْأَمْرُ ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص ) صَدَقَ اللَّهُ ، وَقِيلَ : هُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ قَفَا يَقْفُو وَ " ص " مِنْ صَادَ مِنَ الْمُصَادَاةِ ، وَهِيَ الْمُعَارَضَةُ ، مَعْنَاهُ هَذَا قَافٍ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالْكَشْفِ ، وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [ الْأَنْعَامِ : 59 ] إِذَا قُلْنَا : إِنَّ الْكِتَابَ هُنَاكَ الْقُرْآنُ . هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=29021مَا قِيلَ فِي ( nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِيهِ فَكَثِيرَةٌ وَحَصْرُهَا بَيَانُ مَعْنَاهَا ، فَنَقُولُ : إِنْ قُلْنَا هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَحَقُّهَا الْوَقْفُ ، إِذْ لَا عَامِلَ فِيهَا فَيُشْبِهُ بِنَاءَ الْأَصْوَاتِ ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ حَذَرًا مِنِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ اخْتِيَارًا لِلْأَخَفِّ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ جَازَ اخْتِيَارُ الْفَتْحِ هَهُنَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا آخِرَ كَلِمَةٍ ، وَالْآخَرُ أَوَّلَ أُخْرَى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ الْبَيِّنَةِ : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ ) [ الْأَنْعَامِ : 52 ] ؟ نَقُولُ : لِأَنَّ هُنَاكَ إِنَّمَا وَجَبَ التَّحْرِيكُ وَعُيِّنَ الْكَسْرُ فِي الْفِعْلِ
[ ص: 128 ] لِشُبْهَةِ تَحَرُّكِ الْإِعْرَابِ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَحَلٌّ يَرِدُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَلَا يُوجَدُ فِيهِ الْجَرُّ ، فَاخْتِيرَتِ الْكَسْرَةُ الَّتِي لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِجَرٍّ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ وَلَوْ فُتِحَ لَاشْتَبَهَ بِالنَّصْبِ ، وَأَمَّا فِي أَوَاخِرِ الْأَسْمَاءِ ، فَلَا اشْتِبَاهَ ، لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ مَحَلٌّ تَرِدُ عَلَيْهِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ فَلَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ فَاخْتَارُوا الْأَخَفَّ ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا : إِنَّهَا حَرْفٌ مُقْسَمٌ بِهِ ، فَحَقُّهَا الْجَرُّ ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ بِجَعْلِهِ مَفْعُولًا بِأَقْسَمَ عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ ، وَتَقْدِيرُ الْبَاءِ كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ ، وَإِنْ قُلْنَا : هِيَ اسْمُ السُّورَةِ ، فَإِنْ قُلْنَا : مُقْسَمٌ بِهَا مَعَ ذَلِكَ فَحَقُّهَا الْفَتْحُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِفُ حِينَئِذٍ ، فَفَتَحَ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ ، كَمَا تَقُولُ : وَإِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدَ ، فِي الْقَسَمِ بِهِمَا ، وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّهُ لَيْسَ مُقْسَمًا بِهَا وَقُلْنَا : اسْمُ السُّورَةِ ، فَحَقُّهَا الرَّفْعُ إِنْ جَعَلْنَاهَا خَبَرًا تَقْدِيرُهُ : هَذِهِ ق ، وَإِنْ قُلْنَا : هُوَ مِنْ قَفَا يَقْفُو ، فَحَقُّهُ التَّنْوِينُ كَقَوْلِنَا : هَذَا دَاعٍ وَرَاعٍ ، وَإِنْ قُلْنَا : اسْمُ جَبَلٍ ، فَالْجَرُّ وَالتَّنْوِينُ ، وَإِنْ كَانَ قَسَمًا .
وَلْنَعُدْ إِلَى التَّفْسِيرِ ، فَنَقُولُ : الْوَصْفُ قَدْ يَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ ، كَقَوْلِنَا : " الْكَلَامُ الْقَدِيمُ " ؛ لِيَتَمَيَّزَ عَنِ الْحَادِثِ ، وَ " الرَّجُلُ الْكَرِيمُ " ؛ لِيَمْتَازَ عَنِ اللَّئِيمِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِمُجَرَّدِ الْمَدْحِ ، كَقَوْلِنَا : اللَّهُ الْكَرِيمُ ، إِذْ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ إِلَهٌ آخَرُ حَتَّى نُمَيِّزَهُ عَنْهُ بِالْكَرِيمِ ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْمَدْحِ ، وَأَمَّا التَّمْيِيزُ فَبِأَنْ نَجْعَلَ الْقُرْآنَ اسْمًا لِلْمَقْرُوءِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ) [ الرَّعْدِ : 31 ] وَالْمَجِيدُ الْعَظِيمُ ، وَقِيلَ : الْمَجِيدُ هُوَ كَثِيرُ الْكَرَمِ ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْقُرْآنُ مَجِيدٌ ، أَمَّا عَلَى قَوْلِنَا : الْمَجِيدُ هُوَ الْعَظِيمُ ، فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ ، وَلِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ الْعَظِيمِ ، وَذِكْرُ الْعَظِيمِ عَظِيمٌ ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ ، وَهُوَ آيَةُ الْعَظَمَةِ ، يُقَالُ : مَلِكٌ عَظِيمٌ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ يُغْلَبُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) [ الْحِجْرِ : 87 ] أَيِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَثَلِهِ أَحَدٌ لِيُكُونَ مُعْجِزَةً دَالَّةً عَلَى نُبُوَّتِكَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) [ الْبُرُوجِ : 22 ] أَيْ مَحْفُوظٌ مِنْ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا بِإِطْلَاعِهِ تَعَالَى ، فَلَا يُبَدَّلُ وَلَا يُغَيَّرُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=42لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ) [ فُصِّلَتْ : 42 ] فَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَهُوَ عَظِيمٌ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا : الْمَجِيدُ هُوَ كَثِيرُ الْكَرَمِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28890_29568فَالْقُرْآنُ كَرِيمٌ ، كُلُّ مَنْ طَلَبَ مِنْهُ مَقْصُودَهُ وَجَدَهُ ، وَإِنَّهُ مُغْنٍ كُلَّ مَنْ لَاذَ بِهِ ، وَإِغْنَاءُ الْمُحْتَاجِ غَايَةُ الْكَرَمِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْمَجِيدَ مَقْرُونٌ بِالْحَمِيدِ فِي قَوْلِنَا : إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، فَالْحَمِيدُ هُوَ الْمَشْكُورُ ، وَالشُّكْرُ عَلَى الْإِنْعَامِ وَالْمُنْعِمُ كَرِيمٌ ، فَالْمَجِيدُ هُوَ الْكَرِيمُ الْبَالِغُ فِي الْكَرَمِ ، وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077الْقُرْآنُ مُقْسَمٌ بِهِ ، فَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ مَاذَا ؟ نَقُولُ : فِيهِ وُجُوهٌ وَضَبْطُهَا بِأَنْ نَقُولَ : ذَلِكَ إِمَّا أَنْ يُفْهَمَ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ مَقَالِيَّةٍ ، وَالْمَقَالِيَّةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ أَوْ مُتَأَخِّرَةً ، فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَرِينَةٍ مَقَالِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَلَا مُتَقَدِّمَ هُنَاكَ لَفْظًا إِلَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق ) فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : هَذَا ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ، أَوْ " ق " أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1وَالْقُرْآنِ ) كَمَا يَقُولُ هَذَا حَاتِمٌ وَاللَّهِ ، أَيْ هُوَ الْمَشْهُورُ بِالسَّخَاءِ ، وَيَقُولُ : الْهِلَالُ رَأَيْتُهُ وَاللَّهِ ، وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَرِينَةٍ مَقَالِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ ، فَنَقُولُ : ذَلِكَ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا : الْمُنْذِرُ ، وَالثَّانِي : الرَّجْعُ ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِنَّكَ الْمُنْذِرُ ، أَوْ : وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِنَّ الرَّجْعَ لَكَائِنٌ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَيْنِ وَرَدَ الْقَسَمُ عَلَيْهِمَا ظَاهِرًا ، أَمَّا الْأَوَّلُ : فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) [ يس : 2 ] إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ) [ يس : 6 ] . وَأَمَّا الثَّانِي : فَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ) [ الطُّورِ : 2 ] إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) وَهَذَا الْوَجْهُ يَظْهَرُ عَلَيْهِ غَايَةَ الظُّهُورِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : " ق " اسْمُ جَبَلٍ ، فَإِنَّ الْقَسَمَ يَكُونُ بِالْجَبَلِ وَالْقُرْآنِ ، وَهُنَاكَ الْقَسَمُ بِالطُّورِ وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ ، وَهُوَ الْجَبَلُ وَالْقُرْآنُ ، فَإِنْ قِيلَ : أَيُّ الْوَجْهَيْنِ مِنْهُمَا أَظْهَرُ عِنْدَكَ ؟ قُلْتُ : ( الْأَوَّلُ ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْذِرَ أَقْرَبُ مِنَ الرَّجْعِ ، وَلِأَنَّ الْحُرُوفَ رَأَيْنَاهَا مَعَ الْقُرْآنِ وَالْمُقْسَمُ كَوْنُهُ
[ ص: 129 ] مُرْسِلًا وَمُنْذِرًا ، وَمَا رَأَيْنَا الْحُرُوفَ ذُكِرَتْ وَبَعْدَهَا الْحَشْرُ ، وَاعْتَبِرْ ذَلِكَ فِي سُورَةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ ) [ السَّجْدَةِ : 1 ] وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28899الْقُرْآنَ مُعْجِزَةٌ دَالَّةٌ عَلَى كَوْنِ مُحَمَّدٍ رَسُولَ اللَّهِ ، فَالْقَسَمُ بِهِ عَلَيْهِ يَكُونُ إِشَارَةً إِلَى الدَّلِيلِ عَلَى طَرِيقَةِ الْقَسَمِ ، وَلَيْسَ هُوَ بِنَفْسِهِ دَلِيلًا عَلَى الْحَشْرِ ، بَلْ فِيهِ أَمَارَاتٌ مُفِيدَةٌ لِلْجَزْمِ بِالْحَشْرِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ صِدْقِ الرَّسُولِ ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا : هُوَ مَفْهُومٌ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ ، فَهُوَ كَوْنُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحَقِّ وَلِكَلَامِهِ صِفَةُ الصِّدْقِ ، فَإِنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ ، وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَالثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بَلْ عَجِبُوا ) يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَمْرٌ مُضْرَبٌ عَنْهُ فَمَا ذَلِكَ ؟ نَقُولُ : قَالَ
الْوَاحِدِيُّ ، وَوَافَقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِنَّهُ تَقْدِيرُ قَوْلِهِ : مَا الْأَمْرُ ، كَمَا يَقُولُونَ ، وَنَزِيدُهُ وُضُوحًا ، فَنَقُولُ عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ : فَإِنَّ التَّقْدِيرَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) إِنَّكَ لَتُنْذِرُ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ : وَإِنَّهُمْ شَكُّوا فِيهِ فَاضْرِبْ عَنْهُ .