( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون )
ثم قال تعالى : ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا )
فيه مباحث لفظية ومعنوية . أما اللفظية ففيها مسائل :
المسألة الأولى : ( يوم ) منصوب بماذا ؟ نقول الظاهر أنه منصوب بما بعده وهو ما يدل عليه قوله تعالى : ( هذه النار ) [ الطور : 14] تقديره يوم يدعون يقال لهم هذه النار التي كنتم بها تكذبون ، ويحتمل غير هذا وهو أن يكون ( يوم ) بدلا عن ( يوم ) في يومئذ تقريره فويل يومئذ للمكذبين ويوم يدعون أي المكذبون وذلك أن قوله ( يومئذ ) [ الطور : 11] معناه يوم يقع العذاب وذلك اليوم هو ( يوم يدعون ) فيه إلى النار .
المسألة الثانية : قوله ( يدعون إلى نار ) يدل على ، لأن خزنتها لا يقربون منها وإنما يدفعون أهلها إليها من بعيد ويلقونهم فيها وهم لا يقربونها . هول نار جهنم
المسألة الثالثة : ( دعا ) مصدر ، وقد ذكرت فائدة ذكر المصادر وهي الإيذان بأن الدع دع معتبر يقال له دع ولا يقال فيه ليس بدع ، كما يقول القائل في الضرب الخفيف مستحقرا له : هذا ليس بضرب ، والعدو المهين : هذا ليس بعدو في غير المصادر ، والرجل الحقير ليس برجل إلا على قراءة من قرأ " يدعون إلى نار جهنم دعاء " فإن دعاء حينئذ يكون منصوبا على الحال، تقديره يقال لهم هلموا إلى النار مدعوين إليها .
أما المعنوية فنقول : قوله تعالى : ( يوم يدعون إلى نار جهنم ) يدل على أن خزنتها يقذفونهم فيها وهم بعداء عنها ، وقال تعالى : ( يوم يسحبون في النار ) [ القمر : 48] نقول الجواب عنه من وجوه :
أحدها : أن الملائكة يسحبونهم في النار ثم إذا قربوا من نار مخصوصة هي نار جهنم يقذفونهم فيها من بعيد فيكون السحب في النار ، والدفع في نار أشد وأقوى ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ) [ ص: 212 ] [ غافر : 71-72] أي يكون لهم سحب في حموة النار ثم بعد ذلك يكون لهم إدخال . الثاني : جاز أن يكون في كل زمان يتولى أمرهم ملائكة ، فإلى النار يدفعهم ملك وفي النار يسحبهم آخر .
الثالث : جاز أن يكون السحب بسلاسل يسحبون في النار والساحب خارج النار .
الرابع : يحتمل أن يكون ، ثم يدخلون معهم النار ويسحبونهم فيها . الملائكة يدفعون أهل النار إلى النار إهانة واستخفافا بهم
ثم قال تعالى : ( هذه النار التي كنتم بها تكذبون ) على تقدير يقال .