( إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين )
قوله تعالى : ( إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين )
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في المحادة قولان : قال : المبرد الممانعة ، ومنه يقال للبواب : حداد ، وللممنوع الرزق محدود . أصل المحادة
قال أبو مسلم الأصفهاني : المحادة مفاعلة من لفظ الحديد ، والمراد المقابلة بالحديد سواء كان ذلك في الحقيقة أو كان ذلك منازعة شديدة شبيهة بالخصومة بالحديد ، أما المفسرون فقالوا : يحادون أي يعادون ويشاقون ، وذلك تارة بالمحاربة مع أولياء الله ، وتارة بالتكذيب والصد عن دين الله .
المسألة الثانية : الضمير في قوله : ( يحادون ) يمكن أن يكون راجعا إلى المنافقين ، فإنهم كانوا يوادون [ ص: 229 ] الكافرين ويظاهرون على الرسول عليه السلام ، فأذلهم الله تعالى ، ويحتمل سائر الكفار ، فأعلم الله رسوله أنهم ( كبتوا ) أي خذلوا ، قال : يقال : كبت الله فلانا إذا أذله ، والمردود بالذل يقال له : مكبوت ، ثم قال : ( المبرد كما كبت الذين من قبلهم ) من أعداء الرسل ( وقد أنزلنا آيات بينات ) تدل على صدق الرسول : ( وللكافرين ) بهذه الآيات ( عذاب مهين ) يذهب بعزهم وكبرهم ، فبين سبحانه أن في الدنيا الذل والهوان ، وفي الآخرة العذاب الشديد . عذاب هؤلاء المحادين
ثم ذكر تعالى ما به يتكامل هذا الوعيد فقال :