( بل الذين كفروا يكذبون  والله أعلم بما يوعون  فبشرهم بعذاب أليم  إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون    ) 
أما قوله : ( بل الذين كفروا يكذبون    ) فالمعنى أن الدلائل الموجبة للإيمان ، وإن كانت جلية ظاهرة لكن الكفار يكذبون بها  إما لتقليد الأسلاف ، وإما للحسد وإما للخوف من أنهم لو أظهروا الإيمان لفاتتهم مناصب الدنيا ومنافعها . 
أما قوله تعالى : ( والله أعلم بما يوعون    ) فأصل الكلمة من الوعاء ، فيقال : أوعيت الشيء أي جعلته في وعاء كما قال : ( وجمع فأوعى    ) والله أعلم بما يجمعون في صدورهم من الشرك والتكذيب فهو مجازيهم عليه في الدنيا والآخرة . 
ثم قال تعالى : ( فبشرهم بعذاب أليم    ) استحقوه على تكذيبهم وكفرهم . 
أما قوله : ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون    ) ففيه قولان : 
قال صاحب " الكشاف " : الاستثناء منقطع ، وقال : الأكثرون معناه إلا من تاب منهم فإنهم وإن كانوا في الحال كفارا إلا أنهم   [ ص: 103 ] متى تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر وهو الثواب العظيم . 
وفي معنى : ( غير ممنون    ) وجوه : 
أحدها : أن ذلك الثواب يصل إليهم بلا من ولا أذى . 
وثانيها : من غير انقطاع . 
وثالثها : من غير تنغيص . 
ورابعها : من غير نقصان ; والأولى أن يحمل اللفظ على الكل ، لأن من شرط الثواب حصول الكل ، فكأنه تعالى وعدهم بأجر خالص من الشوائب دائم لا انقطاع فيه ولا نقص ولا بخس ، وهذا نهاية الوعد فصار ذلك ترغيبا في العبادات ، كما أن الذي تقدم هو زجر عن المعاصي والله سبحانه وتعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين . 
				
						
						
