( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم    ) 
ثم قال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم    ) المراد من الإنسان هذه الماهية والتقويم تصيير الشيء على ما ينبغي أن يكون في التأليف والتعديل ، يقال : قومته تقويما فاستقام وتقوم ، وذكروا في شرح ذلك الحسن وجوها : 
أحدها : أنه تعالى خلق كل ذي روح مكبا على وجهه إلا الإنسان فإنه تعالى خلقه مديد القامة  يتناول مأكوله بيده ، وقال الأصم    : في أكمل عقل وفهم وأدب وعلم وبيان ، والحاصل أن القول الأول راجع إلى الصورة الظاهرة ، والثاني إلى السيرة الباطنة ، وعن  يحيى بن أكثم القاضي  أنه فسر التقويم بحسن الصورة ، فإنه حكى أن ملك زمانه خلا بزوجته في ليلة مقمرة ، فقال : إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت كذا ، فأفتى الكل بالحنث إلا  يحيى بن أكثم  فإنه قال : لا يحنث ، فقيل له : خالفت شيوخك ، فقال : الفتوى بالعلم ولقد أفتى من هو أعلم منا وهو الله تعالى فإنه يقول : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم    ) وكان بعض الصالحين يقول : إلهنا أعطيتنا في الأولى أحسن الأشكال ، فأعطنا في الآخرة أحسن الفعال ، وهو العفو عن الذنوب ، والتجاوز عن العيوب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					