الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : الآية تدل على فضل التسبيح والتحميد حيث جعل كافيا في أداء ما وجب عليه من شكر نعمة النصر والفتح ، ولم لا يكون كذلك وقوله : الصوم لي من أعظم الفضائل للصوم فإنه أضافه إلى ذاته ، ثم إنه جعل صدف الصلاة مساويا للصوم في هذا التشريف : ( وأن المساجد لله ) [ الجن : 18 ] فهذا يدل على أن الصلاة أفضل من الصوم بكثير ، ثم إن الصلاة صدف للأذكار ولذلك قال : ( ولذكر الله أكبر ) [ العنكبوت : 45 ] وكيف لا يكون كذلك ، والثناء عليه مما مدحه معلوم عقلا وشرعا أما كيفية الصلاة فلا [ ص: 148 ] سبيل إليها إلا بالشرع ولذلك جعلت الصلاة كالمرصعة من التسبيح والتكبير ، فإن قيل : عدم وجوب التسبيحات يقتضي أنها أقل درجة من سائر أعمال الصلاة ، قلنا : الجواب عنه من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن سائر أفعال الصلاة مما لا يميل القلب إليه فاحتيج فيها إلى الإيجاب ، أما التسبيح والتهليل فالعقل داع إليه والروح عاشق عليه فاكتفى بالحب الطبيعي ولذلك قال : ( والذين آمنوا أشد حبا ) [ البقرة : 165 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أن قوله : ( فسبح ) أمر والأمر المطلق للوجوب عند الفقهاء ، ومن قال : الأمر المطلق للندب قال : إنه ههنا للوجوب بقرينة أنه عطف عليه الاستغفار ، والاستغفار واجب ومن حق العطف التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أنها لو وجبت لكان العقاب الحاصل بتركها أعظم إظهارا لمزيد تعظيمها فترك الإيجاب خوفا من هذا المحذور .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية