( فوسطن به جمعا )
أما قوله تعالى : ( فوسطن به جمعا ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال الليث : وسطت النهر والمفازة أوسطها وسطا وسطة ، أي صرت في وسطها ، وكذلك وسطتها وتوسطتها ، ونحو هذا ، قال الفراء : والضمير في قوله : ( به ) إلى ماذا يرجع ؟ فيه وجوه :
أحدها : قال مقاتل : أي بالعدو ، وذلك أن العاديات تدل على العدو ، فجازت الكناية عنه ، وقوله : ( جمعا ) يعني جمع العدو ، والمعنى صرن بعد وهن وسط جمع العدو ، ومن حمل الآيات على الإبل ، قال : يعني جمع منى .
وثانيها : أن الضمير عائد إلى النقع أي : ( فوسطن ) بالنقع الجمع .
وثالثها : المراد أن العاديات وسطن ملبسا بالنقع جمعا من جموع الأعداء .
المسألة الثانية : قرئ " فوسطن " بالتشديد للتعدية ، والباء مزيدة للتوكيد كقوله : ( فأتوا به ) [ الأنبياء : 61 ] وهي مبالغة في وسطن ، واعلم أن الناس أكثروا في صفة الفرس ، وهذا القدر الذي ذكره الله أحسن ، وقال عليه الصلاة والسلام : الخيل معقود بنواصيها الخير ، وقال أيضا : ظهرها حرز وبطنها كنز واعلم أنه تعالى لما ذكر المقسم به ، ذكر المقسم عليه وهو أمور ثلاثة :