[ ص: 289 ] الفصل الثالث .
فيما مضى فيه الحكم واستقر أمره ؛ قال - في رواية
حنبل - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015513حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع بكبش وهي جارحة من جملة السباع .
وقال - في رواية
أبي الحارث - : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=3797أصاد المحرم بقرة فقد قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فجزاء مثل ما قتل من النعم ) عليه بقرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3795وفي النعامة بدنة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3796وفي حمار الوحش بدنة كذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : في حمار الوحش بدنة وفي الثيتل بقرة وفي الوعل بقرة ، وفي الأيل بقرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3799وفي الظبي شاة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3800وفي الأرنب جفرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=3802وفي اليربوع جفرة . والجفرة : الصغيرة من الغنم .
وقال - في رواية
أبي طالب - : أذهب إلى حديث
عمر nindex.php?page=treesubj&link=3798في الضبع كبش ، وفي الظبي شاة ، وفي الأرنب جفرة ، وفي اليربوع جدي .
أما النعامة : ففيها بدنة ، وأما حمار الوحش : ففيه روايتان ؛ إحداهما : فيه بدنة نص عليه في رواية
أبي الحارث ، وهو قول
أبي بكر ،
وابن أبي موسى .
والثانية : بقرة وهو قول القاضي وأصحابه .
[ ص: 290 ] والأيل بضم الهمزة وكسرها فيما ذكره
الجوهري - مع فتح الياء المشددة - : ذكر الأوعال ، قال : والثيتل : الوعل المسن ، والوعل : الأروي .
وأما الضبع : ففيها كبش : الجذع من الضأن ، أو الثني من المعز هذا لفظه ، ولفظ أكثر أصحابه ، وكذلك جاء الحديث المرفوع ، وكذلك لفظ
عمر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال
علي : " الضبع صيد وفيه كبش إذا أصابه المحرم " رواه
سعيد ، ولفظ بعض أصحابنا : شاة ، وسوى بينهما وبين الظبي والثعلب . وفي الظبي شاة . هذا لفظ
أحمد .
وقال
أبو الخطاب : في الظبي كبش ، وفي الغزال عنز وكذلك قال
ابن [ ص: 291 ] أبي موسى : في الظبي شاة وفي الغزال عنز ؛ وذلك لما روى
مالك ، عن
أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : " قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة " .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن
أبي الزبير ، عن
جابر قال : " حكم
عمر - رحمه الله - في الضبع شاة ، وفي الظبي شاة وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة " ومعلوم أنه إنما حكم بذلك إلا مع حكم آخر .
وعن
محمد ابن سيرين : " أن رجلا جاء إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فقال : إني
nindex.php?page=treesubj&link=3799أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى ؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه : تعال حتى نحكم أنا وأنت ، قال : فحكما عليه بعنز ، فولى الرجل وهو يقول : هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا حكم معه فسمع
عمر قول الرجل ، فدعاه فسأله ؛ هل تقرأ سورة المائدة ؟ فقال : لا ، قال : فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ فقال : لا ، فقال : لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ، ثم قال : إن الله يقول في كتابه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ) وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف " رواه
مالك .
[ ص: 292 ] وعن
قبيصة بن جابر قال : " خرجنا حجاجا فكثر مراء القوم أيهما أسرع شدا الظبي ، أم الفرس ، فسنح لنا ظبي فرماه رجل منا فما أخطأ حنتاه ، فركب ردغه فأسقط في يدي الرجل ، فانطلقت أنا وهو إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فجلسنا بين يديه ، فقص عليه صاحبي القصة ، فقال : أخطأ أصبته ، أم عمدا ؟ قال : تعمدت رميه وما أردت قتله ، فقال : لقد شركت الخطأ والعمد ، قال : ثم اجتنح إلى رجل يليه كأن على وجهه قلبا ، فساره ثم أقبل على صاحبي ، فقال : عليك شاة تصدق بلحمها وتبقي إهابها سقيا ، فلما قمنا قلت لصاحبي : إن فتيا
ابن الخطاب لا تغني عنك من الله شيئا ، انحر ناقتك وعظم شعائر الله ، فذهب ذو العينين فنما ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فأقبل على صاحبي صفوقا بالدرة ، وقال : قاتلك تقتل الحرام وتعدي الفتيا ، ثم أقبل
[ ص: 293 ] علي فأخذ بمجامع ثوبي ، فقلت له : إنه لا يحل لك مني شيء حرم الله عليك ، فقال : ويحك إني أراك شابا فصيح اللسان فسيح الصدر ، أوما تقرأ في كتاب الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يحكم به ذوا عدل منكم ) ثم قال : قد يكون في الرجل عشرة أخلاق ، تسعة منهن حسنة وواحدة سيئة ، فتفسد الواحدة التسع ، فاتق طيرت الشباب " .
وأما الثعلب : ففيه شاة . هذا لفظه ولفظ أكثر أصحابه ، ولفظ
أبي الخطاب عنز ، والنصوص عنه في عامة كلامه : أنه يؤدي ، وصرح في بعض الروايات أنه يؤدي مع المنع من أكله ، وهذه طريقة
الخلال وغيره .
وأما
أبو بكر والقاضي وغيرهما : فجعلوا جزاءه مبينا على الروايتين في أكله ، وقد دل كلام
أحمد أيضا على هذه الطريقة على ما تقدم .
واختار القاضي : أنه لا يؤدي بناء على أنه لا يؤكل ، وصرح
ابن أبي موسى [ ص: 294 ] فيه بنقل الروايتين ؛ قال : فيه روايتان ؛ إحداهما : أنه صيد وفيه شاة ، والأخرى : ليس بصيد ولا شيء فيه .
وبالجملة : فمن وداه لا بد أن يلتزم أحد شيئين ؛ إما أنه مباح ، وإما أن بعض ما لا يحكم بإباحته يؤدي .
وفي الأرنب : شاة هذا لفظ
أحمد في رواية
أبي الحارث . ولفظه - في رواية
أبي طالب - : فيها جفرة ؛ والجفرة عناق لها أربعة أشهر . وقال
ابن أبي موسى : في الأرنب عناق وقيل : جفرة ، وقال :.... فيها عناق وهي قبل أن تصير جذعة ؛ لما تقدم عن
عمر أنه حكم في الأرنب بعناق .
وقال
الجوهري : العناق الأنثى من ولد المعز .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال : " كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول في طير حمام
مكة : شاة ، وفي الأرنب حمل ، وفي اليربوع حمل ، وفي الجرادة قبضة من طعام أو تمرة جلدة " . رواه
سعيد .
[ ص: 295 ] وأما اليربوع ؛ وهو دابة بيضاء أكبر من الفأرة يمشي برجلين ، فقد قال - في رواية
أبي الحارث - : فيه جفرة وهي الصغيرة من الغنم ، وذلك لما تقدم عن
عمر أن فيه جفرة .
وعن
أبي عبيدة : " أن رجلا ألقى جوالق على يربوع فقتله ، فحكم فيه
عبد الله جفرة " رواه
سعيد .
وقال
أحمد - في رواية
أبي طالب - : في اليربوع جدي .
وقد حكاها
ابن أبي موسى على روايتين ، وليس هذا باختلاف معنى ، فإن الجفر من أولاد المعز : ما بلغ أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أمه . هذا قول
الجوهري ، وبعض أصحابنا كأنه سمي بذلك لإشباع جوفه بما يغذيه من غير
[ ص: 296 ] اللبن ، ومنه الجفر وهو البئر الواسعة التي لم تطو ، ويقال للجوف : جفرة .
وقال القاضي : الجفرة التي فطمت عن اللبن وكذلك قال
أبو الخطاب : الجفرة الجدي حين يفطم .
وفي حل اليربوع : روايتان ، فيكون في جزائه بالإحرام مثل ما في الثعلب على ما تقدم .
وأما الضب : فيؤدي قولا واحدا ، وهل فيه شاة ، أو جدي - وهو ما دون الجذع - على وجهين ؛ أحدهما : شاة . والثاني : جدي وهو المشهور ، ذكره
ابن أبي موسى لما تقدم عن
عمر أنه حكم فيه - هو
وأربد - بجدي قد جمع الماء والشجر ، يعني استغنى عن أمه بالرعي والشرب .
وفي الوبر : جدي قاله أصحابنا ؛ قالوا : وهو دويبة سوداء أكبر من اليربوع ، وحكمه حكم الثعلب ، لأن في حله روايتان .
[ ص: 297 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : " في الوبر شاة " وذكر
ابن أبي موسى في الوبر شاة وفي اليربوع جدي ، وقيل : عنه جفرة .
وفي النسور حكومة .
وفي الثعلب : روايتان ، وأما السنور فقد قال - في رواية
الكوسج - في السنور الأهلي ، وغير الأهلي حكومة ، أما السنور الأهلي : ففي ضمانه روايتان كما تقدم لأنه لا يحل ، وأما الوحشي : ففي حله روايتان فهو كالثعلب في الضمان فإذا قلنا : يضمن ففيه حكومة ؛ لأنه لم يمض من السلف فيه حكم .
والحكومة : أن يحكم بمثله من النعم .
[ ص: 289 ] الْفَصْلُ الثَّالِثُ .
فِيمَا مَضَى فِيهِ الْحُكْمُ وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
حَنْبَلٍ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015513حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَهِيَ جَارِحَةٌ مِنْ جُمْلَةِ السِّبَاعِ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ - : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3797أَصَادَ الْمُحْرِمُ بَقَرَةً فَقَدْ قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) عَلَيْهِ بَقَرَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3795وَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3796وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَدَنَةٌ كَذَلِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ : فِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَدَنَةٌ وَفِي الثَّيْتَلِ بَقَرَةٌ وَفِي الْوَعِلِ بَقَرَةٌ ، وَفِي الْأُيَّلِ بَقَرَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3799وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3800وَفِي الْأَرْنَبِ جَفْرَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3802وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ . وَالْجَفْرَةُ : الصَّغِيرَةُ مِنَ الْغَنَمِ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي طَالِبٍ - : أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ
عُمَرَ nindex.php?page=treesubj&link=3798فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ ، وَفِي الْأَرْنَبِ جَفْرَةٌ ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَدْيٌ .
أَمَّا النَّعَامَةُ : فَفِيهَا بَدَنَةٌ ، وَأَمَّا حِمَارُ الْوَحْشِ : فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إِحْدَاهُمَا : فِيهِ بَدَنَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي بَكْرٍ ،
وَابْنِ أَبِي مُوسَى .
وَالثَّانِيَةُ : بَقَرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ .
[ ص: 290 ] وَالْأُيَّلُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ
الْجَوْهَرِيُّ - مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ - : ذَكَرُ الْأَوْعَالِ ، قَالَ : وَالثَّيْتَلُ : الْوَعْلُ الْمُسِنُّ ، وَالْوَعْلُ : الْأَرْوِيُّ .
وَأَمَّا الضَّبُعُ : فَفِيهَا كَبْشٌ : الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ ، أَوِ الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعْزِ هَذَا لَفْظُهُ ، وَلَفْظُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ
عُمَرَ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ قَالَ
عَلِيٌّ : " الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ " رَوَاهُ
سَعِيدٌ ، وَلَفْظُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا : شَاةٌ ، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الظَّبْيِ وَالثَّعْلَبِ . وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ . هَذَا لَفْظُ
أَحْمَدَ .
وَقَالَ
أَبُو الْخَطَّابِ : فِي الظَّبْيِ كَبْشٌ ، وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ وَكَذَلِكَ قَالَ
ابْنُ [ ص: 291 ] أَبِي مُوسَى : فِي الظَّبْيِ شَاةٌ وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ ؛ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى
مَالِكٌ ، عَنْ
أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : " قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ " .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ
جَابِرٍ قَالَ : " حَكَمَ
عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الضَّبُعِ شَاةٌ ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِذَلِكَ إِلَّا مَعَ حَكَمٍ آخَرَ .
وَعَنْ
مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ : " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : إِنِّي
nindex.php?page=treesubj&link=3799أَجْرَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فَرَسَيْنِ نَسْتَبِقُ إِلَى ثُغْرَةِ ثَنِيَّةٍ فَأَصَبْنَا ظَبْيًا وَنَحْنُ مُحْرِمَانِ فَمَاذَا تَرَى ؟ فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ : تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ أَنَا وَأَنْتَ ، قَالَ : فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ظَبْيٍ حَتَّى دَعَا رَجُلًا حَكَمَ مَعَهُ فَسَمِعَ
عُمَرُ قَوْلَ الرَّجُلِ ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ ؛ هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ ؟ فَقَالَ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي حَكَمَ مَعِي ؟ فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ : لَوْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ لَأَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) وَهَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ " رَوَاهُ
مَالِكٌ .
[ ص: 292 ] وَعَنْ
قَبِيْصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : " خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَكَثُرَ مِرَاءُ الْقَوْمِ أَيُّهُمَا أَسْرَعُ شَدًّا الظَّبْيُ ، أَمِ الْفَرَسُ ، فَسَنَحَ لَنَا ظَبْيٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَّا فَمَا أَخْطَأَ حَنَتَاهُ ، فَرَكِبَ رَدْغَهُ فَأُسْقِطَ فِي يَدَيِ الرَّجُلِ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَهُوَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَجَلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبِي الْقِصَّةَ ، فَقَالَ : أَخَطَأً أَصَبْتَهُ ، أَمْ عَمْدًا ؟ قَالَ : تَعَمَّدْتُ رَمْيَهُ وَمَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ ، فَقَالَ : لَقَدْ شَرَّكْتَ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ ، قَالَ : ثُمَّ اجْتَنَحَ إِلَى رَجُلٍ يَلِيهِ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ قَلْبًا ، فَسَارَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَاحِبِي ، فَقَالَ : عَلَيْكَ شَاةٌ تَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا وَتُبْقِي إِهَابَهَا سَقْيًا ، فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِصَاحِبِي : إِنَّ فُتْيَا
ابْنِ الْخَطَّابِ لَا تُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، انْحَرْ نَاقَتَكَ وَعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ، فَذَهَبَ ذُو الْعَيْنَيْنِ فَنَمَا ذَلِكَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَاحِبِي صُفُوقًا بِالدِّرَّةِ ، وَقَالَ : قَاتَلَكَ تَقْتُلُ الْحَرَامَ وَتُعَدِّي الْفُتْيَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ
[ ص: 293 ] عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِي ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ مِنِّي شَيْءٌ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ إِنِّي أُرَاكَ شَابًّا فَصِيحَ اللِّسَانِ فَسِيحَ الصَّدْرِ ، أَوَمَا تَقْرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ثُمَّ قَالَ : قَدْ يَكُونُ فِي الرَّجُلِ عَشَرَةُ أَخْلَاقٍ ، تِسْعَةٌ مِنْهُنَّ حَسَنَةٌ وَوَاحِدَةٌ سَيِّئَةٌ ، فَتُفْسِدُ الْوَاحِدَةُ التِّسْعَ ، فَاتَّقِ طَيْرَتَ الشَّبَابِ " .
وَأَمَّا الثَّعْلَبُ : فَفِيهِ شَاةٌ . هَذَا لَفْظُهُ وَلَفْظُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ، وَلَفْظُ
أَبِي الْخَطَّابِ عَنْزٌ ، وَالنُّصُوصُ عَنْهُ فِي عَامَّةِ كَلَامِهِ : أَنَّهُ يُؤَدِّي ، وَصَرَّحَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُؤَدِّي مَعَ الْمَنْعِ مِنْ أَكْلِهِ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ
الْخَلَّالِ وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا
أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا : فَجَعَلُوا جَزَاءَهُ مُبَيَّنًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَكْلِهِ ، وَقَدْ دَلَّ كَلَامُ
أَحْمَدَ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَاخْتَارَ الْقَاضِي : أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ ، وَصَرَّحَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى [ ص: 294 ] فِيهِ بِنَقْلِ الرِّوَايَتَيْنِ ؛ قَالَ : فِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ صَيْدٌ وَفِيهِ شَاةٌ ، وَالْأُخْرَى : لَيْسَ بِصَيْدٍ وَلَا شَيْءَ فِيهِ .
وَبِالْجُمْلَةِ : فَمَنْ وَدَاهُ لَا بُدَّ أَنْ يَلْتَزِمَ أَحَدَ شَيْئَيْنِ ؛ إِمَّا أَنَّهُ مُبَاحٌ ، وَإِمَّا أَنَّ بَعْضَ مَا لَا يَحْكُمُ بِإِبَاحَتِهِ يُؤَدِّي .
وَفِي الْأَرْنَبِ : شَاةٌ هَذَا لَفْظُ
أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ . وَلَفْظُهُ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي طَالِبٍ - : فِيهَا جَفْرَةٌ ؛ وَالْجَفْرَةُ عَنَاقٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ . وَقَالَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى : فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ وَقِيلَ : جَفْرَةٌ ، وَقَالَ :.... فِيهَا عَنَاقٌ وَهِيَ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ جَذَعَةً ؛ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ حَكَمَ فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ .
وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : " كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي طَيْرِ حَمَامِ
مَكَّةَ : شَاةٌ ، وَفِي الْأَرْنَبِ حَمَلٌ ، وَفِي الْيَرْبُوعِ حَمَلٌ ، وَفِي الْجَرَادَةِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ تَمْرَةٌ جَلْدَةٌ " . رَوَاهُ
سَعِيدٌ .
[ ص: 295 ] وَأَمَّا الْيَرْبُوعُ ؛ وَهُوَ دَابَّةٌ بَيْضَاءُ أَكْبَرُ مِنَ الْفَأْرَةِ يَمْشِي بِرِجْلَيْنِ ، فَقَدْ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ - : فِيهِ جَفْرَةٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْغَنَمِ ، وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّ فِيهِ جَفْرَةٌ .
وَعَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ : " أَنَّ رَجُلًا أَلْقَى جَوَالِقَ عَلَى يَرْبُوعٍ فَقَتَلَهُ ، فَحَكَمَ فِيهِ
عَبْدُ اللَّهِ جَفْرَةٌ " رَوَاهُ
سَعِيدٌ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي طَالِبٍ - : فِي الْيَرْبُوعِ جَدْيٌ .
وَقَدْ حَكَاهَا
ابْنُ أَبِي مُوسَى عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافِ مَعْنًى ، فَإِنَّ الْجَفْرَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ : مَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَجَفَرَ جَنْبَاهُ وَفُصِلَ عَنْ أُمِّهِ . هَذَا قَوْلُ
الْجَوْهَرِيِّ ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْبَاعِ جَوْفِهِ بِمَا يُغَذِّيهِ مِنْ غَيْرِ
[ ص: 296 ] اللَّبَنِ ، وَمِنْهُ الْجَفْرُ وَهُوَ الْبِئْرُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ ، وَيُقَالُ لِلْجَوْفِ : جَفْرَةٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي : الْجَفْرَةُ الَّتِي فُطِمَتْ عَنِ اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ قَالَ
أَبُو الْخَطَّابِ : الْجَفْرَةُ الْجَدْيُ حِينَ يُفْطَمُ .
وَفِي حِلِّ الْيَرْبُوعِ : رِوَايَتَانِ ، فَيَكُونُ فِي جَزَائِهِ بِالْإِحْرَامِ مِثْلَ مَا فِي الثَّعْلَبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا الضَّبُّ : فَيُؤَدِّي قَوْلًا وَاحِدًا ، وَهَلْ فِيهِ شَاةٌ ، أَوْ جَدْيٌ - وَهُوَ مَا دُونَ الْجَذَعِ - عَلَى وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا : شَاةٌ . وَالثَّانِي : جَدْيٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، ذَكَرَهُ
ابْنُ أَبِي مُوسَى لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ - هُوَ
وَأَرْبَدُ - بِجَدْيٍ قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ ، يَعْنِي اسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ بِالرَّعْيِ وَالشُّرْبِ .
وَفِي الْوَبْرِ : جَدْيٌ قَالَهُ أَصْحَابُنَا ؛ قَالُوا : وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ أَكْبَرُ مِنَ الْيَرْبُوعِ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّعْلَبِ ، لِأَنَّ فِي حِلِّهِ رِوَايَتَانِ .
[ ص: 297 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ : " فِي الْوَبْرِ شَاةٌ " وَذَكَرَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْوَبْرِ شَاةٌ وَفِي الْيَرْبُوعِ جَدْيٌ ، وَقِيلَ : عَنْهُ جَفْرَةٌ .
وَفِي النُّسُورِ حُكُومَةٌ .
وَفِي الثَّعْلَبِ : رِوَايَتَانِ ، وَأَمَّا السِّنَّوْرُ فَقَدْ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
الْكَوْسَجِ - فِي السِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ ، وَغَيْرِ الْأَهْلِيِّ حُكُومَةٌ ، أَمَّا السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ : فَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ ، وَأَمَّا الْوَحْشِيُّ : فَفِي حِلِّهِ رِوَايَتَانِ فَهُوَ كَالثَّعْلَبِ فِي الضَّمَانِ فَإِذَا قُلْنَا : يُضْمَنُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ مِنَ السَّلَفِ فِيهِ حُكْمٌ .
وَالْحُكُومَةُ : أَنْ يُحْكَمَ بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ .