قال المصنف رحمه الله تعالى ( وأما الوتر فهو سنة لما روى أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الوتر حق ، وليس بواجب ، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل } وأكثره إحدى عشرة ركعة لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها بواحدة } وأقله ركعة لما ذكرناه من حديث أبي أيوب ، وأدنى الكمال ثلاث ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } وفي الثالثة { قل هو الله أحد } والمعوذتين لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ذلك . والسنة لمن أوتر بما زاد على ركعة أن يسلم من كل ركعتين ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفصل بين الشفع والوتر } ، ولأنه يجهر في الثالثة ، ولو كانت موصولة بالركعتين لما جهر فيها كالثالثة من المغرب . ويجوز أن يجمعها بتسليمة لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسلم في ركعتي الوتر ، والسنة أن يقنت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " السنة إذا انتصف الشهر من رمضان أن تلعن الكفرة في الوتر بعدما يقول سمع الله لمن حمده ، ثم يقول : اللهم قاتل الكفرة . قال أبو عبد الله الزبيري يقنت في جميع السنة لما روى أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يوتر [ ص: 506 ] بثلاث ركعات ويقنت قبل الركوع } والمذهب الأول ، وحديث أبي بن كعب غير ثابت عند أهل النقل .
ومحل القنوت في الوتر بعد الرفع من الركوع ، ومن أصحابنا من قال : محله في الوتر قبل الركوع لحديث أبي بن كعب ، والصحيح هو الأول لما ذكرت من حديث عمر رضي الله عنه ولأنه في الصبح يقنت بعد الركوع فكذلك الوتر ، ووقت الوتر ما بين أن يصلي العشاء إلى طلوع الفجر الثاني ، لقوله عليه الصلاة والسلام { إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر } فإن كان ممن له تهجد فالأولى أن يؤخره حتى يصليه بعد التهجد ، وإن لم يكن له تهجد فالأولى أن يصليه بعد سنة العشاء لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من خاف منكم أن لا يستيقظ من آخر الليل فليوتر من أول الليل ثم ليرقد ، ومن طمع منكم أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل } )


