قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن أخذ منه مع شاتين أو عشرين درهما ، وإن وجب عليه بنت مخاض أو بنت لبون أو حقة وليس عنده إلا ما هو أعلى منه بسنة أخذ منه ، ودفع إليه المصدق شاتين أو عشرين درهما ، لما روى وجبت عليه جذعة أو حقة أو بنت لبون ، وليس عنده إلا ما هو أسفل منه بسنة رضي الله عنه أن أنس رضي الله عنه كتب له لما وجهه إلى أبا بكر الصديق البحرين كتابا وفيه " ومن بلغت صدقته من الإبل الجذعة وليست عنده وعنده حقة ، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة ، وليس عنده إلا بنت لبون ، فإنها تقبل منه بنت لبون ، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده ، وعنده بنت مخاض ، فإنها تقبل منه بنت مخاض ، ويعطى معها عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت صدقته بنت مخاض ، وليست عنده ، وعنده بنت لبون ، فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين . فأما إذا وجبت عليه جذعة وليست عنده ، وعنده ثنية فإن أعطاها ولم يطلب جبرانا قبلت ; لأنها أعلى من الفرض بسنة ، وإن طلب الجبران فالمنصوص أنه يدفع إليه ; لأنها أعلى من الفرض بسنة ، فهي كالجذعة مع الحقة ، ومن أصحابنا من قال : لا يدفع الجبران ; لأن الجذعة تساوي الثنية في القوة والمنفعة ، فلا معنى لدفع الجبران ، وإن وجبت عليه بنت مخاض ، وليس عنده إلا فصيل ، وأراد أن يعطي ويعطى معه الجبران لم يجز ; لأن الفصيل ليس بفرض مقدر ، وإن كان معه نصاب مراض ، فأراد أن يصعد إلى فرض مريض ، ويأخذ معه الجبران لم يجز ; لأن الشاتين أو العشرين درهما جعل جبرانا لما بين الصحيحين ، فإذا كانا مريضين كان الجبران أقل من الشاتين أو العشرين الدرهم . فإن أراد أن ينزل إلى فرض دونه ويعطى معه شاتين أو عشرين درهما جاز ; لأنه متطوع بالزيادة . ومن وجبت عليه الشاتان أو العشرون درهما كان الخيار إليه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 370 ] جعل الخيار فيه إلى من يعطي في حديث ، فإن اختار أن يعطي شاة وعشرة دراهم لم يجز ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم خيره بين شيئين ، فلو جوزنا أن يعطي شاة وعشرة دراهم خيرناه بين ثلاثة أشياء ، ومن وجب عليه فرض ، ووجد فوقه فرضا وأسفل منه فرضا ، فالخيار في الصعود والنزول إلى رب المال ; لأنه هو الذي يعطي ، فكان كالخيار في الشاتين والعشرين الدرهم . ومن أصحابنا من قال : الخيار إلى المصدق وهو المنصوص ; لأنه يلزمه أن يختار ما هو أنفع للمساكين ولهذا إذا اجتمع الصحاح والمراض لم يأخذ المراض ، فلو جعلنا الخيار إلى رب المال أعطى ما ليس بنافع ، ويخالف الخيار في الشاتين والعشرين الدرهم ، فإن ذلك جعل جبرانا على سبيل التخفيف ، فكان ذلك إلى من يعطى وهذا تخيير في الفرض ، فكان إلى المصدق . ومن وجب عليه فرض ولم يجد إلا ما هو أعلى منه بسنتين أخذ منه وأعطي أربع شياه أو أربعين درهما وإن لم يجد إلا ما هو أسفل منه بسنتين أخذ منه أربع شياه أو أربعون درهما ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما بين السنين بشاتين أو عشرين درهما فدل على أن كل ما زاد في السن سنة زاد في الجبران بقدرها ، فإن أراد من وجب عليه أربعون درهما أو أربع شياه أن يعطي شاتين عن أحد الجبرانين وعشرين درهما عن الجبران الآخر جاز ; لأنهما جبرانان ، فجاز أن يختار في أحدهما شيئا ، وفي الآخر غيره ككفارتي يمينين ، يجوز أن يخرج في إحداهما الطعام وفي الأخرى الكسوة ، وإن وجب عليه الفرض ، ووجد سنا أعلى منه بسنة وسنا أعلى منه بسنتين ، فترك الأقرب وانتقل إلى الأبعد ، ففيه وجهان : ( أحدهما ) : أنه يجوز ; لأنه قد عرف ما بينهما من الجبران . أنس
( والثاني ) : لا يجوز ، وهو الصحيح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الأقرب مقام الفرض ، ثم لو وجد الفرض لم ينتقل إلى الأقرب ، فكذلك إذا وجد الأقرب لم ينتقل إلى الأبعد ) .