قال المصنف رحمه الله تعالى ( وأما صوم التطوع فإنه يجوز بنية قبل الزوال ، وقال المزني : لا يجوز إلا بنية من الليل كالفرض ، والدليل على جوازه ما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أصبح اليوم عندكم شيء تطعمون ؟ فقالت : لا ، فقال : إني إذن صائم } ويخالف الفرض ; لأن النفل أخف من الفرض ، والدليل عليه أنه يجوز ترك الصيام واستقبال القبلة في النفل مع القدرة ، ولا يجوز في الفرض ، وهل يجوز بنية بعد الزوال ؟ وفيه قولان : روى حرملة أنه يجوز ; لأنه جزء من النهار ، فجازت نية النفل فيه ، كالنصف الأول ( وقال ) في القديم والجديد : لا يجوز ; لأن النية لم تصحب معظم العبادة فأشبه إذا نوى مع غروب الشمس ، ويخالف النصف الأول ، فإن النية هناك صحبت معظم العبادة ومعظم الشيء يجوز أن يقوم مقام كل الشيء ، ولهذا لو أدرك معظم الركعة مع الإمام جعل مدركا للركعة ، ولو أدرك دون المعظم لم يجعل مدركا لها ، فإن صام التطوع بنية من النهار فهل يكون صائما من أول النهار أم من وقت النية ؟ فيه وجهان . قال أبو إسحاق : يكون صائما من وقت النية ، لأن ما قبل النية لم يوجد فيه قصد القربة ، فلم يجعل صائما فيه ، وقال أكثر أصحابنا : إنه صائم من أول النهار لأنه لو كان صائما من وقت النية لم يضره الأكل قبلها ) .
[ ص: 306 ]


