قال المصنف رحمه الله تعالى ( عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، والدليل عليه ما روى والكفارة رضي الله عنه { أبو هريرة أن يعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : صم شهرين متتابعين ، قال : لا أستطيع ، قال : أطعم ستين مسكينا ، قال : لا أجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعا قال : خذه وتصدق به ، قال : على أفقر من أهلي ، والله ما بين لابتي وقع على امرأته في يوم من شهر رمضان المدينة أحوج من أهلي ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجزه قال : خذه ، واستغفر الله تعالى وأطعم أهلك } فإن قلنا : يجب عليه دونها اعتبر حاله فإن كان من أهل العتق أعتق ، وإن كان من أهل الصوم صام وإن كان من أهل الإطعام [ ص: 364 ] أطعم ( وإن قلنا ) يجب على كل واحد منهما كفارة اعتبر حال كل واحد منهما بنفسه ، فمن كان من أهل العتق أعتق ، ومن كان من أهل الصوم صام ، ومن كان من أهل الإطعام أطعم كرجلين أفطرا بالجماع . أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي
( فإن قلنا ) يجب عليه كفارة عنه وعنها اعتبر حالهما ، فإن كان من أهل العتق أعتق ، وإن كان من أهل الإطعام أطعم ، وإن كان من أهل الصيام وجب على كل واحد منهما صوم شهرين متتابعين ; لأن الصوم لا يحتمل ، وإن اختلف حالهما نظرت - فإن كان الرجل من أهل العتق وهي من أهل الصوم - أعتق رقبة ويجزئ عنهما ; لأن من فرضه الصوم إذا أعتق أجزأه ، وكان ذلك أفضل من الصوم ، وإن كان من أهل الصوم وهي من أهل الإطعام لزمه أن يصوم شهرين ويطعم عنها ستين مسكينا ; لأن النيابة تصح في الإطعام ، وإنما أوجبنا كفارتين ; لأن الكفارة لا تتبعض ، فوجب تكميل نصف كل واحد ، منهما وإن كان الرجل من أهل الصوم وهي من أهل العتق صام عن نفسه شهرين ، وأعتق عنها رقبة ، وإن كان من أهل الإطعام وهي من أهل الصوم أطعم عن نفسه ولم يصم عنها ; لأن الصوم ، لا تدخله النيابة ، وإن كانت المرأة أمة وقلنا : إن الأمة لا تملك المال فهي من أهل الصوم ولا يجزئ عنها عتق ( فإن قلنا ) : إنها تملك المال أجزأ عنها العتق كالحرة المعسرة . وإن قدم الرجل من السفر وهو مفطر وهي صائمة فقالت : أنا مفطرة فوطئها ، فإن قلنا : إن الكفارة عليه ، لم يلزمه ولم يلزمها ، وإن قلنا : إن الكفارة عنه وعنها ، وجب عليها الكفارة في مالها ، لأنها غرته بقولها : إني مفطرة . وإن أخبرته بصومها فوطئها وهي مطاوعة ، فإن قلنا : إن الكفارة عنه دونها لم يجب عليه شيء ، وإن قلنا : إن الكفارة عنه وعنها ، لزمه أن يكفر عنها إن كانت من أهل العتق أو الإطعام ، وإن كانت من أهل الصيام لزمها أن تصوم .
وإن وطئ المجنون زوجته وهي صائمة مختارة - فإن قلنا : إن الكفارة عنه دونها - لم تجب ، وإن قلنا : تجب عنه وعنها ، فهل يتحمل الزوج ؟ فيه وجهان . قال أبو العباس : لا يتحمل ; لأنه لا فعل له ، وقال : يتحمل ; لأنها وجبت بوطئه ، والوطء كالجناية وجناية المجنون مضمونة في ماله ، وإن كان الزوج نائما فاستدخلت المرأة ذكره فإن قلنا : الكفارة عنه دونها [ ص: 365 ] فلا شيء عليه ، وإن قلنا : عنهما ، لم يلزمه كفارة ; لأنه لم يفطر ويجب عليها أن تكفر ولا يتحمل الزوج ; لأنه لم يكن من جهته فعل ، وإن زنى بها في رمضان فإن قلنا : إن الكفارة عنه دونها وجبت عليه كفارة ، وإن قلنا : عنه وعنها ، وجب عليهما كفارتان ، ولا يتحمل الرجل كفارتها ، لأن الكفارة إنما تتحمل بالملك ولا ملك ههنا ) . أبو إسحاق