الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 78 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن باع أرضا وفيها نبات غير الشجر - فإن كان مما له أصل يحمل مرة بعد أخرى كالرطبة والبنفسج والنرجس والنعنع والهندبا والبطيخ والقثاء دخل الأصل في البيع ، وما ظهر منه فهو للبائع ، وما لم يظهر فهو للمشتري كالأشجار وإن كان مما لا يحمل إلا مرة كالحنطة والشعير لم يدخل في بيع الأصل ; لأنه نماء ظاهر لا يراد للبقاء فلم يدخل في بيع الأصل كالطلع المؤبر ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) الرطبة - بفتح الراء - وفي كتاب ابن البردي عن شيخه أبي الغنائم - بضم الراء - وهو غلط ، وهو القضب وهو القت . ( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : الزرع والنبات اسم لكل ما ينبت من الأرض ، وينقسم إلى قسمين : ، أصل وغير أصل ، فالأصل ضربان شجر وغير شجر ، فغير الأصل هو الزرع ، وبعبارة أخرى النبات ضربان شجر وغير شجر ، فالشجر على ثلاثة أضرب : ما يقصد منه الورد ، أو الورق ، أو الثمر ، وقد مضى حكمها وأقسامها ، والنخل والكرسف داخلان في التقسيم ، وإن كان المصنف أفردهما بالذكر أولا ، وغير الشجر ضربان : أصل وغير أصل ولهذين الضربين عقد المصنف هذا الفصل .

                                      فالضرب ( الأول ) الأصل وهو ما يحمل مرة بعد أخرى ( والثاني ) هو الزرع ، هكذا قسم الشيخ أبو حامد ، وهو يقتضي أن اسم الزرع مخصوص بما لا يحمل إلا مرة ، وهو ظاهر ، وكذلك يقتضيه إيراد جماعة ، وجعل الرافعي رحمه الله الزرع ضربين ، فجعل ما له ثمرة يحمل مرة بعد أخرى ضربا من الزرع كالبنفسج والنرجس ، وجعل الرطبة والنعنع والهندبا خارجا عن الزرع داخلا تحت اسم الأصول حيث قال الغزالي : وأصول البقول كالأشجار ، وجعل صاحب التهذيب اسم الزرع صادقا على الثلاثة الأضرب ما يثمر مرارا كالنرجس وما يجذ مرارا كالنعنع ، وما لا يجذ مرارا وليست له ثمرة بعد ثمرة كالحنطة ، وكلام الشافعي رضي الله عنه في المختصر يشهد لذلك ، [ ص: 79 ] فإنه أطلق الزرع على الضربين الأولين فهو أقرب مما سلكه الرافعي في إطلاقه الزرع على الضرب الأول دون الثاني ، فإنه بحسب الحقيقة صادق على الجميع وبحسب العرف قد يقال : إنه لا يصدق عند الإطلاق إلا على الأخير والأمر في ذلك قريب ، أو هو راجع إلى اللفظ .

                                      ( وأما ) المعنى والأحكام فالأضرب الثلاثة فيه مختلفة والمصنف لم يذكر لفظ الزرع وإنما ذكر لفظ النبات ولا شك أنه شامل للجميع لكنه جعلها في الحكم قسمين وجعل الرطبة والبنفسج من القسم الأول ، وأشعر كلامه بأن حكمها متحد ، فأما في دخول الأصل فصحيح على ما سيأتي تفصيله ، وأما في كون ما ظهر منه للبائع وما لم يظهر للمشتري فإن ذلك مختلف فالبنفسج ما ظهر من ثمرته للبائع وما لم يظهر من ثمرته للمشتري وأما أصله فحكمه حكم الشجر ، والرطبة ليس لها ثمرة فما ظهر منها نفسها يكون للبائع ، وما لم يظهر للمشتري ولم يبين فلذلك يتعين أن يقسم القسم الأول في كلام المصنف إلى قسمين فيكون مجموع الأقسام ثلاثة ، كما ذكرها البغوي والرافعي ، وإن كنا نحن لم نطلق اسم الزرع على جميعها .

                                      ( القسم الأول ) : الأصل الذي له ثمرة بعد ثمرة كالبنفسج والنرجس والبطيخ والقثاء والباذنجان وعد صاحب التهذيب من ذلك الموز والكرسف الحجازي فأما الكرسف الحجازي فقد أفرده المصنف بالذكر فيما مضى وأما الموز فذكره المصنف أيضا في القسم الثاني من أقسام الشجر فيما تقدم ، وهو الأقرب فإنه شجر لغة وعرفا ، والكلام الآن في النبات الذي لا يسمى شجرا فلا يحسن عد الموز فيه ، إذا عرفت ذلك فحكم هذا القسم أن ثمرته الظاهرة حال البيع تبقى للبائع والأمثلة المذكورة مختلفة ، فمنها ما لا تخرج ثمرته إلا ظاهرة كالبنفسج ، فإن ورده أشبه الأشياء بالياسمين ، ليس في كمام ، فإن كان قد ظهر من ورده شيء فورد تلك السنة للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، هكذا صرح به الشيخ أبو حامد ، وفي معنى ذلك البطيخ والقثاء والباذنجان ; إذ لا فرق بينهما . وأما النرجس فإنه كالورد الأبيض والأحمر يخرج عنه أوراق خضر لا يظهر منه شيء ثم يتفتح ، فإن كان قد تفتح منه شيء فإن [ ص: 80 ] ثمرة هذا العام للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، وأما أصوله ففيها الطرق السابقة في الأشجار حرفا بحرف ، سواء في ذلك ما ظهر منها على وجه الأرض وما بطن ، فحينئذ حكم هذا القسم في تبعية الأصول للأرض ، وفي حكم الثمار حكم سائر الأشجار ، هذا هو المشهور .

                                      وحكى الرافعي وجها في النرجس والبنفسج أنهما كالحنطة والشعير ، وحكاه الروياني في البنفسج ، وعن الشيخ أبي حامد أنه ضعف الوجه المذكور في النرجس ، وقال : هذا كلام من لم يعرف النرجس ، فإن النرجس له أصل يبقى عشرين سنة وإنما يحول من موضع إلى موضع في كل سبع سنين لمصلحته ولا خلاف في هذا القسم والذي بعده أن بيع الأرض صحيح وليس كبيع الأرض المزروعة زرعا يحصد مرة واحدة كما سيأتي في القسم الثالث ، وممن صرح بنفي الخلاف صاحب التتمة



                                      ( القسم الثاني ) وهو بعض القسم الأول في كلام المصنف ، الأصل الذي ليست له ثمرة بعد ثمرة ، ولكنه يجذ مرة بعد أخرى كالسذاب والكراث والنعنع والهندبا والطرخون والكرفس والقصب الفارسي ، وأشجار الخلاف التي تقطع من الأرض كل مرة ، والرطب وهي القضب ويسميها أهل الشام الغصة بالصاد المهملة والقت بالتاء المثناة - وهو القرط قال الأزهري : هو القت الذي تسميه أهل البوادي الصفصافة وقد عطف المصنف القضب على القت فيقتضي أنهما متغايران ، وكلام النووي يدل على أن القضب والقت والقرط والرطبة شيء واحد ، ولذلك صرح به القاضي أبو الطيب ، ولكنه بلغة العراق الرطبة ، وبلغة أهل بلادنا القرط ، وبلغة الشام الغصة والصواب أن القت والرطبة شيء واحد ، وأن القرط الذي ببلادنا شيء آخر ، والرطبة توجد أيضا في صعيد بلادنا والله أعلم ففي هذا القسم إذا باع الأرض وفيها شيء من ذلك ظاهر على الأرض فالجذة الظاهرة عند البيع للبائع ، لا خلاف في ذلك ; لأنها ظاهرة في الحال لا تراد للبقاء ، فلم تدخل في البيع إلا بالشرط كالثمرة [ ص: 81 ] المؤبرة ، وفي دخول أصولها الكامنة في الأرض في بيع الأرض الخلاف الذي في الأشجار .

                                      هكذا ذكره العراقيون والصيدلاني وغيرهم ، وعن الشيخ أبي محمد الجويني القطع بالدخول هنا ، والفرق بينها وبين الشجر أن هذه كامنة في الأرض نازلة منزلة أجزائها بخلاف الأشجار ، فإنها بادية ظاهرة مفارقة للأرض في صفتها ، هكذا حكي عنه في النهاية والبسيط والشرح ووقع في الوسيط أن الشيخ أبا محمد قطع بأنه كالزرع يعني فلا يدخل ، وذلك خلاف المشهور عن الشيخ أبي محمد قال ابن الرفعة : ولو صح ذلك عن الشيخ لأمكن أن يقال في الفرق بينه وبين الشجر إن مدة إبقائه في الأرض قد تعلم ، فلا يكون مرادا للدوام بخلاف الشجر ، وأيد ذلك بالوجه الذي حكاه الرافعي في البنفسج والنرجس أنهما كالحنطة والشعير ; إذ لا يظهر فرق بين هذين وبطريقة حكاها الماوردي في البطيخ ، وما يوجد مرة بعد أخرى لكن في عام واحد ، أنه كالزرع فيكون للبائع ، قال : فقد يحصل لما في المسألة ثلاثة أوجه . ( قلت ) يعني ثلاث طرق القطع بالدخول ، والقطع بعدم الدخول ، وإجراء الخلاف والله أعلم لكن شرط إثبات هذه الطرق أن تتحقق نسبة الطريقة التي في الوسيط إلى قائل ، والأظهر أن ذلك وهم ناسخ لمخالفتها ما في البسيط والنهاية ، وقد رأى الإمام أن القياس طريقة إجراء القولين ، وخالف ما نقله عن والده ، قال : إذ لا يلوح فرق بينها وبين الغراس والأبنية ، وقول ابن الرفعة بأن مدة بقاء أصولها قد تعلم - إن سلم معارض بأن بعض الأشجار قد يكون كذلك ، ولكن تارة تطول مدته وتارة تقصر ، نعم مقتضى الوجه الذي نقله الرافعي في البنفسج والنرجس أنه يثبت ثلاثة أوجه بذلك ، وإن لم يثبت ما عندي إلى الشيخ أبي محمد من جعلها كالزرع .

                                      ( فإن قلنا ) بأن الأصول لا تدخل في بيع الأرض ; فهي باقية على ملك البائع ، والخيرات كلها على ملكه الموجودة عند العقد والحادثة والكلام في وجوب تبقيتها كما تقدم في الأشجار ( وإن قلنا ) بظاهر المذهب ، وأن الأصول داخلة قال صاحب التهذيب : فلا يجوز حتى يشترط البائع على نفسه قطع ما هو ظاهر منه ; لأنه يزيد فيختلط [ ص: 82 ] المبيع بغير المبيع ، وتبعه على ذلك الرافعي ولم يذكر فيه خلافا والذي ذكره الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والمتولي والقاضي حسين أن البائع يطالب بجذها في الحال وليس له أن يتركها حتى تبلغ أوان الجذاذ ; لأن تركها يؤدي إلى الاختلاط وسكتوا عن وجوب اشتراط القطع في العقد بل زاد الماوردي على ذلك فحكى وجهين في أنه هل ينتظر به تناهي جذاذه ؟ . ( أحدهما ) : ينظر فإذا بلغ الحد الذي جرت العادة بجذاذه عليه فقد انتهى ملك البائع ما بعد تلك الجذة بكمالها للمشتري ، قال : وهذا قول من زعم أن ما أطلع من ثمار النخل بعد العقد للبائع تبعا لما أطلع منها وأبر .

                                      ( والوجه الثاني ) : أنه لا ينظر به كمال جذاذه ، بل يكون للبائع ما ظهر منه وقت العقد وليس له حق في غيره ، وبه قال أبو إسحاق المروزي ويمر بجذاذه ، وإن لم يستكمل ، ويكون الأصل الباقي وما يستخلف طلوعه بعد العقد تابعا للأصل ، وهذا قول من زعم أن ما أطلع من ثمار النخل من بعد العقد يكون للمشتري ولا يكون تبعا لما أطلع منها وأبر ، وهذا البناء الذي أشار إليه الماوردي يقتضي أن يكون الصحيح على طريقة أبي حامد الإسفراييني والرافعي أن القلع لا يجب عقيب العقد حتى تتكامل تلك الجذة ; لأن الصحيح عندنا أن ما أطلع بعد البيع تابع لما أبر قبل البيع ، فيكون للبائع ، وإن كان الأصح عند الماوردي أنه للمشتري ولا يلزم الشيخ أبا حامد أن يقول بأنه لا يجب القطع إلا أن يسلم البناء المذكور ، ويفرق بين الصورتين بأن للطلع حدا ، وهو نهاية ذلك الحمل الذي أطلع بعضه وأبر ، وجرت العادة بالتلاحق فيه ، بخلاف الرطبة فإنها كلها كالحمل الواحد ، وقد نص أبو حامد في تعليقه على هذا الفرق ، لكن في التبعية فقال : إن للطلع حدا ينتهي إليه ، وليس للرطبة حد ، هذا فرق الأصحاب ، وفرق من عند نفسه بفرق آخر ، وهو أن لا منفعة للمشتري في قطع الثمرة ، وللبائع منفعة في قطعها ، والرطبة في قطعها فائدة للمشتري ، وفي تركها فائدة للبائع ; لأنها تزيد ، انتهى .

                                      وما قاله أبو حامد وصاحب التهذيب والرافعي لم يلاحظوا فيه الوجه الذي نقله الماوردي من أنه ينتظر به تناهي جذاذه ، فإن [ ص: 83 ] قلنا به فلا يجب القطع أصلا هو بتعليله مصادم لقول أبي حامد : إنه ليس للرطبة جذ توجد عليه ( وإن قلنا : ) إنه ليس للبائع إلا ما كان ظاهرا فيجب القطع ، وأما كونه يشترط شرطه في العقد فقد يقال : إنه لا حاجة إلى ذلك ; لأنه إذا كان القطع واجبا بمقتضى العقد فلا حاجة إلى شرطه فإنه إنما يشترط القطع في الثمار ; لأن مقتضى الإطلاق فيها الإبقاء ، وهذا هو الأقرب إلى كلام الروياني ، فإنه قال : إذا باع الأرض مطلقا وهناك بيت ظاهر فهو للبائع بإطلاق العقد وعلى البائع نقله في الحال وهكذا عبارة صاحب التتمة وغيره .

                                      ويحتمل أن يقال : لا بد من شرط القطع ، كما أنه لا بد من شرط القطع في بيع الثمرة التي يعلم أنها تتلاحق وتختلط على ما سيأتي ، ولا يفرق بين اختلاط المبيع بغيره ، وبين اختلاط ثمرة المبيع ، بدليل أن الحكم مطرد فيما إذا باع شجرة عليها ثمرة مؤبرة واختلطت بغيرها على الطريقة الصحيحة إلا أن يقال : إن الثمرة هي المقصود الأعظم من الشجر ، أو كل المقصود ، وأما أصل الرطبة الموجود في الأرض فليس هو كل المقصود من الأرض ولا معظمه . وسأجمع إن شاء الله تعالى هذه المسائل جملة في آخر الباب عند الكلام فيما إذا باع ثمرة يعلم اختلاطها بغيرها وقد انتظم في هذه المسألة ثلاثة أوجه : ( أحدها ) أنه يجب شرط القطع في العقد ، وهو ما قاله البغوي والرافعي ( والثاني ) : لا يجب ولا يكلف به إلا أن تتكامل الجذة ، فتكون كلها للبائع ( والثالث ) : أن البائع يكلف القطع حال العقد ، ولا نقول : إن شرط ذلك واجب في العقد ، وهو مقتضى كلام أبي حامد وأبي الطيب والمتولي والروياني ، فإن لم يجذ البائع حتى زادت في ملك المشتري واختلطت ، فيخرج على القولين في الاختلاط ، قاله الفوراني ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) بنى الماوردي على الوجهين اللذين ذكرهما ما إذا كان الزرع بذرا لم يظهر بعد ، قال : فمن انتظر بها تناهي الجذاذ جعل ما ينبت من هذا البذر أول جذة للبائع ، ومن لم ينتظر به التناهي وجعل حق البائع مقصورا على ما ظهر جعل البذر وجميع ما يظهر من نباته للمشتري ، ولك أن تقول : الموجب لانتظار تناهي [ ص: 84 ] الجذاذ كونه ملك الظاهر وتبعية الباطن من تلك الجذة للظاهر منها ، وهذا المعنى مفقود فيما إذا لم يكن ظهر منها ، فينبني الجزم بأنها تكون للمشتري كالثمرة غير المؤبرة ، لكن هذا الوجه مع بعده وغرابته هو مقتضى كلام الشافعي في الأم إذ قال : " وإن كان البائع قد أعلم المشتري أن له في الأرض التي ابتاعها بذرا سماه لا يدخل في بيعه ، فاشترى على ذلك ، فلا خيار للمشتري ، وعليه أن يدعه حتى يصرم ، فإن كان مما ينبت من الزرع ; تركه حتى تصرمه ، ثم كان للمشتري أصله ولم يكن للبائع قلعه ولا قطعه ، وإن عجل البائع ففعله قبل بلوغ مثله لم يكن له أن يدعه يستخلف ، وهو لمن وجد ثمرة غضة ، فليس له أن ينتظر أخرى ، حتى يبلغ ; لأنه لم يكن له مما خرج منه إلا مرة واحدة ، فيعجلها ولا يتحول حقه في غيرها بحال " . ولذلك إطلاق صاحب التنبيه في قوله : والجذة الأولى للبائع ، يشمل بعمومه ما إذا كان منها شيء ظاهر ، وما إذا لم يكن ، وظن ابن الرفعة أنه لا قائل بذلك من الأصحاب بعد حكايته نص الشافعي ، كأنه لم يقف على الخلاف الذي حكاه الماوردي فإذن نص الشافعي وإطلاق صاحب التهذيب موافق للوجه الذي حكاه الماوردي وليس لقائل أن يحمل النص المذكور على ما إذا اشترط البائع واستثنى ذلك لنفسه كما دل عليه أول كلام الشافعي ; لأنه لو كان كذلك واشترط البائع البذر لنفسه كانت الأصول وكل جذة تحصل له ، وقد صرح الشافعي بعدم ذلك وأنه ليس له إلا الجذة الأولى . فإن تعسف متعسف وحمله على ما إذا اشترط البائع أن الجذة الأولى له ففيه نظر ، يحتمل أن يقال بالصحة ، كما لو استثنى الثمرة غير المؤبرة ، ويحتمل أن يقال بالفساد ، فإنه قد لا يتميز حق البائع من حق المشتري بخلاف الشجر مع الثمر ، فإنهما متميزان ، وبالجملة فالوجه المذكور ضعيف غريب ، والصحيح المشهور أن البذر وجميع ما يظهر من المشترى ، ومن الواضح أن صورة المسألة فيما تتكرر ثمرته ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) باع الأرض وفيها البقول المذكور بعد جذها ، فليس على الأرض منها شيء ظاهر يقال : إنه للبائع ، وما في بطنها من العروق [ ص: 85 ] جزم القاضي أبو الطيب بدخوله في البيع ، وذلك بناء منه على أن الشجر يدخل في البيع ، فالطرق الجارية فيه وفي أصول البقول إذا كان منها شيء ظاهر جارية هنا من غير فرق ، وأما الوجهان اللذان ذكرهما الماوردي في البذر وتكلمت عليهما آنفا فالقياس إجراؤهما هنا أيضا ، وإن كان الأصلح أن ذلك للمشتري ; لأنه ليس ثم شيء ظاهر يستتبع ما ليس بظاهر .

                                      ( فرع ) إذا كان في الأرض أشجار خلاف يقطع من وجه الأرض كل مدة ، قال صاحب التهذيب : حكمها حكم القصب الفارسي ، وقال الرافعي : حكمها حكم القصب ، والمراد واحد ، وهو أن حكمها حكم القسم الثاني الذي فرغنا منه . ( أما ) إذا كان فيها جذوع خلاف ، عليها قوائم ، فهي بمنزلة أغصان سائر الأشجار .

                                      ( فرع ) إذا قلنا بوجوب القطع فيما كان ظاهرا عند العقد من البقول ( أما ) على ما اختاره الرافعي رضي الله عنه من وجوب شرط القطع ( أما ) على الوجه الثالث ، قال صاحب التتمة ، ثم الرافعي عنه أنه لا فرق بين أن يكون ما ظهر قد بلغ أوان الجذ أو لم يكن ، وأطلقا ذلك الحكم من غير تفريع ; لأنهما لم يذكرا الوجه الثاني الذي ذكره الماوردي ، واستثنيا من ذلك القصب ، فإنه لا يكلف قطعه إلا أن يكون ما ظهر قدرا ينتفع به ، وكذلك قال الشيخ أبو حامد : القصب الفارسي إذا كان للبائع لم يلزمه نقله وتحويله إلى وقت قطعه في العادة ، وهو زمان الشتاء فإنه إن قطع قبل ذلك الوقت تلف ، ولا يصلح لشيء ، وكذلك الروياني والجرجاني قالا : إن البائع يمكن حتى يقطعه إذا جاء وقته ; لأن له وقتا يقطع فيه ولك أن تقول إشكالا على الرافعي : إنه إذا كان البيع يجب فيه شرط القطع ، فإما أن يكون ذلك عاما فيما ينتفع به وما لا ينتفع به أو لا ، فإن كان عاما فيجب الوفاء به ، وإن كان محله فيما ينتفع به فلا وجه لاستثناء القصب وحده بل كل ما لا ينتفع به ، والقول بوجوب شرط القطع [ ص: 86 ] فيما لا ينتفع به بعيد ، ألا ترى أن بيع الثمرة قبل بدو الصلاح إنما يجوز بيعها بشرط القطع إذا كان المقطوع مما ينتفع به .

                                      ( فإن قلت : ) ذاك ; لأن المنفعة شرط في البيع والمقطوع هنا غير مبيع ( قلت : ) لكنه فيه إضاعة مال فيمتنع شرطه لذلك ، نعم قد يقال إن هذا يجب قطعه وإن لم يشترط ; لأنه يصير في ملك المشتري على أصله فلا يلزمه إبقاؤه وإذا لم يلزم فيجوز اشتراط قطعه وفوات ماليته مقابل لما يحصل للبائع من ثمن المبيع ، فقد يكون له غرض في اغتفار ذلك بإزائه ، وهذا الإشكال الثاني بعينه لازم لصاحب التتمة والشيخ أبي حامد ، ولكن الشيخ أبا حامد ليس في كلامه تصريح بقصر ذلك على القصب ، فلعله يقول به في كل ما لا ينتفع به إذا قطع ، بخلاف صاحب التتمة ، فإن ظاهر كلامه الفرق بينه وبين الزرع في ذلك وقد يؤخذ من كلام أبي حامد المتقدم جواب على ذلك من قوله : إن للقصب وقتا يقطع فيه ، فإن ذلك يقتضي تشبيهه بالزرع الذي يجب إبقاؤه لما قدمه الروياني في الفرق من المعنى ، أن له وقت نهاية ، والرطبة ليس لها وقت نهاية ، لكن ذلك بعيد ; لأن كلا من الرطبة والقصب الفارسي له وقت يؤخذ فيه في العادة ، ويزيد بعده بخلاف الزروع التي بعد وقت أخذها لا تزيد شيئا ، والله تعالى أعلم .

                                      ( فرع ) من البقول ما يبقى أصله سنين وهو الذي تجري فيه الأحكام المتقدمة ، ومنه ما يبقى سنة واحدة يجيء مدة بعد مدة في السنة ، قال الشيخ أبو حامد : حكم هذا عندي حكم الزرع ، كله للبائع ، إلا أن يشترط المبتاع ، فهذا ذكره الشيخ أبو حامد في هذا القسم الثاني ، وهو ما يجذ مرة بعد أخرى ، وذكر الماوردي في نظيره من القسم الأول وهو ما يثمر مرة بعد أخرى ، لكن في عام واحد كالبطيخ والخيار والقثاء ذكر فيها وجهين : ( أحدهما ) وهو قول البغداديين أنه في حكم الشجر ، فيكون للبائع من ثمرته ما قد ظهر ، وللمشتري الأصل وما يظهر ( والوجه الثاني ) وهو قول البصريين أنه في حكم الزرع ، فيكون للبائع أصله وثمره ; لأنه زرع عام واحد ، وإن تفرق لقاط ثمره ، والشجر ما بقي أعواما وألحق به ما بقي أعواما كالعلف ، ولم يلحق به ما بقي عاما واحدا ، والروياني جزم القول فيما يجذ دفعة بعد أخرى بالتسوية بين ما يبقى مدة يسيرة كالهندبا والجرجير ، وما يبقى [ ص: 87 ] سنين ومقتضى كلامه أن ذلك منصوص عليه في الأم ، وحكى مع ذلك ما نقله الماوردي . ( فرع ) ظهر لك مما تقدم أن الأقسام فيما لا يؤخذ مرة بعد أخرى أربعة : ( الأول ) أصل له ثمرة بعد ثمرة وأصله يبقى سنين في الأرض ( والثاني ) أصل له ثمرة بعد ثمرة يبقى عاما واحدا ( الثالث ) أصل له ثمرة لكنه يجذ مرة بعد أخرى ويبقى أصله سنين في الأرض .

                                      ( الرابع ) أصل يجذ مرة بعد أخرى في عام واحد وهذا هو الذي نقلته فيما تقدم عن الشيخ أبي حامد ، وما ذكره الماوردي في القسم الثالث من الخلاف يأتي فيه إذ لا فرق بينهما ، والله أعلم . وهذه الأقسام الأربعة كلها في القسم الأول من القسمين اللذين ذكرهما المصنف ، وبذلك تعرف مراتب الأمثلة التي ذكرها ، فالبنفسج والنرجس من القسم الأول ، والبطيخ والقثاء من القسم الثاني ، والنعنع والهندبا والرطبة منه ما يبقى سنين في الأرض ، فهو من القسم الثالث ، ومنه ما يبقى سنة واحدة كقرط بلادنا وكثير من بقولها ، فهو من القسم الرابع ، والله عز وجل أعلم .

                                      ( فرع ) الموز أصله لا يحمل إلا سنة واحدة ، ثم يموت بعد أن يستخلف مكانه فرخا يحمل بعد ذلك ، فإذا باع الأرض وفيها شجر موز فلا شك أنه إذا كان عليه ثمر يكون الثمر للبائع ، فقد مر ذلك في كلام المصنف ، والكلام ههنا في أن أصل الموز نفسه هل يدخل في بيع الأرض ؟ كما يدخل الشجر أو لا ؟ وقد تقدم عن صاحب التهذيب أنه عده في القسم الأول وأن الأصول تدرج على أصح الطرق كالشجر ، وكأنه رأى أن اسم الشجر يطلق عليه فلذلك أجرى عليه حكمه ، والذي قاله الماوردي أن الأصل الموجود وقت العقد لا يدخل في البيع كالزرع ; لأنه لا يبقى بعد سنة ، والفرخ الذي يستخلف كالشجر يدخل في البيع ( قلت : ) وقوله : إن الفرخ يدخل في البيع ، إن فرض في فرخ يحدث بعد البيع فلا معنى لتشبيهه بالشجر ، ولا يقال : إنه دخل [ ص: 88 ] في عقد البيع ، بل ذلك كسائر ما يحدث ، يستحقه المشتري بحكم الملك لا بحكم الدخول في العقد ، وإن فرض في فرخ يكون حاصلا عند العقد فقد يقال : ينبغي على قوله أن لا يدخل ; لأنه لا يبقى لأنه ليس له أكثر من ثمرة واحدة كالزرع ، وقد قال الشافعي في الأم بعد ذكر بيع الأرض وفيها القصب : إذا باع أرضا وفيها موز قد خرج ، فله ما خرج من الموز قبل بيعه ، وليس له ما خرج مرة أخرى من الشجر الذي تحت الموز ، وذلك أن شجر الموز عندنا يحمل مرة وينبت إلى جنبها أربع ، فيقطع ويخرج في الذي حولها ، وهذا الكلام محتمل لأن يكون المراد به أن ثمر الموز الموجود عند العقد للبائع ، وما يحدث بعده للمشتري ، وهذا صحيح لا إشكال فيه ، وليس فيه ما يشهد لما قاله الماوردي ، ولا لما قاله صاحب التهذيب ، فإن سألت عن حكم الشجرة نفسها على هذا التفسير ، ويحتمل أن يكون مراده به الشجرة نفسها ، وإن كان خارجا منها يكون للبائع ، وما نبت من فراخها يكون للمشتري ، فيوافق كلام الماوردي وهو الذي فهمه ابن الرفعة .

                                      ولم يترجح عندي هذا الاحتمال على الذي قبله لكنه يؤخذ من كلام الشافعي أن الفرخ الحادث بعد البيع للمشتري ، لقوله : إن ما خرج مرة أخرى ليس للبائع ، فإن كان مراده الفرخ فذاك ، وإن كان المراد ثمرته فيلزم من كون الثمرة للمشتري أن يكون الأصل له ، وهذا لا شك فيه في أن الفرخ الحادث بعد البيع للمشتري ، وإذا ثبت ذلك دل على أن أصل شجر الموز الذي هو مستقر في الأرض يدخل في بيعها ; لأن الفرخ الذي حكمنا بكونه للمشتري ينبت منه . ( وأما ) الفرخ الموجود وقت العقد وهو ينبني على الاحتمالين اللذين ذكرتهما في كلام الشافعي رضي الله عنه في قوله : فله ما خرج من الموز قبل بيعه إن كان مراده الثمرة ; فلا دلالة فيه ، وإن كان مراده الشجرة نفسها فيشمل الأم وفراخها ، وكلام الجوري يشهد للتفسير الأول فإنه قال في معرض نقل كلام الشافعي : فإن باعه أرضا وفيها موز فللبائع ما خرج من الموز ، وليس له ما يخرج بعد ذلك ، ولا ما لا تخرج أولاده التي إلى جنبه ، فقوله : ولا ما تخرج أولاده يدل على أن الكلام في الثمرة فإن ألحقنا ذلك بالرطبة اقتضى [ ص: 89 ] أن لا يدخل شيء مما ظهر في البيع لا الأم ولا فراخها ، كما ذلك مقتضى هذا الاحتمال ولذلك لا تجوز المساقاة عليه جزما كما يقتضيه كلام الماوردي في باب المساقاة ، وإن ألحقناه بالشجر اقتضى دخولهما .

                                      وقد يقال : تلحق الأم بالرطبة لقرب قطعها ، وأما الفرخ فإنه يقصد بقاؤه حتى تقطع الأم ، ويكبر وتحدث ثمرته بعد ذلك فكذلك يقول : إن الفرخ يدخل لشبهه بالشجر في كونه مقصود البقاء ، والأم لا تدخل كما يقتضي ذلك كلام الماوردي ، فنظرت في هذه الاحتمالات الثلاثة أيها أرجح ، فوجدت أرجحها على مقتضى المذهب أنهما يدخلان - الأم والفراخ - كما قاله صاحب التهذيب ، فإن الذي بلغني من حال الموز ممن له فيه معرفة يخالف حال الرطبة ، فإن شجرة الموز ينبت إلى جانبها من أصلها فراخ فإذا تكامل حمل الشجرة الأصلية قطع عرجون الموز مع شيء من رأس الشجرة ، ويبقى بقيتها لأجل تربية الفرخ ، وإنه متى قطعت كلها يموت الفرخ ، فتبقى لأجله حتى يتكامل الفرخ وتجف هي ، وتتساقط بنفسها إلى الأرض ، فيخلفها ذلك الفرخ ويطرح الموز ، وهكذا على الترتيب لا بد من بقاء الأم لتربية أولادها ، ولا يكون من أولادها إلا واحد ويقطع الباقي لئلا يضر بأمه ويشرب ماءها .

                                      فإذا علمت أن شجرة الموز لا يمكن قطعها من أصلها لإفساد فرخها ، وأن فرخها لا ينتج بدونها ، ظهر لك الفرق بينها وبين الرطبة ، فإنه لو قلنا للبائع : أن يقطع ما ظهر من الموز ويبقي الجذر في الأرض وحده ، لم ينبت بعد ذلك منه شيء لم ينتفع به المشتري فلا يمكن القول بعدم دخولها في البيع لذلك ، ولذلك لا يمكن القول بعدم دخولها في الأم ودخول الفرخ ، لأنه كأن يكون للبائع قطع الأم فيتلف الفرخ ، فلا بد من إبقائهما ، وهو قول صاحب التهذيب ، والله أعلم . والظاهر أن مراد الماوردي بالفرخ الذي يكون للمشتري ، ما حدث بعد البيع ، وقد يطلق على مثل ذلك أنه داخل في العقد توسعا في العبارة ، ووقع في كلام الماوردي أن الفرخ يحمل في العام القابل ، وقد أخبرني بعض أهل المعرفة بذلك أنه لا يقيم سنة بل تارة تكون [ ص: 90 ] إقامته شهرين ، وتارة أكثر من ذلك ، فلعل مراد الماوردي بالسنة المدة التي تبقى فيها كما يقال سنة الزرع ، وإن كان لا يراد حول كامل ، وقد ظهر أن الموز نوع غريب لم يشمله التقسيم ، لأن له أصلا ثابتا ، ولا يحمل إلا مرة ، ويستمر جذره في الأرض سنين ولا يجذ كالرطبة ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) لو كان في الأرض جزر أو سلق أو ثوم أو فجل أو بصل ، قال صاحب التهذيب : لا يدخل شيء منها في بيع الأرض ، يعني ويكون ذلك من حكم التقسيم الذي سيأتي ، وهو الزرع الذي لا يحمل إلا مرة ، وكذلك الرافعي ، إلا أنه لم يذكر البصل ، ولو باع أرضا فيها جزر أو فجل بجزرها وفجلها نقل الماوردي عن الإفصاح وجهين ( أحدهما ) لا يجوز ( والثاني ) يجوز تبعا .

                                      ( فرع ) هذه الأحكام التي تقدمت كلها فيما إذا أطلق البيع ، أما لو باع الأرض وشرط ذلك للمشتري ما يحصد مرة بعد أخرى كالبقول ، فللمشتري الفروع والعروق ، قاله صاحب التتمة ، وفرق بين هذه حيث يقول عند الإطلاق : لا يدخل ما ظهر منها ، وبين الشجر ، بأن هذه لا ترد للدوام ، وهي نماء ظاهر ، فصارت كالثمرة المؤبرة ، والشجرة تراد للدوام فاستوى فرعها وأصلها ، وصار الجميع للمشتري .

                                      ( القسم الثاني ) من كلام المصنف . وهو الثالث من التقسيم الذي ذكرته أولا . ما لا يحمل إلا مرة كالحنطة والشعير والباقلا والكتان فلا خلاف أنه لم يدخل في الأرض إلا بالشرط لما ذكره المصنف . والطلع المؤبر الذي جعله مقيسا عليه ثبت حكمه بالحديث المتقدم : " { من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع } " . وقوله نماء ( ظاهر ) احتراز من الطلع الذي لم يؤبر ( وقوله ) لا يراد للبقاء احتراز من الغراس إذا قلنا يدخل في بيع الأرض على ظاهر المذهب ، والرافعي - رحمه الله - اقتصر على التعليل بعدم الدوام والثبات قال الماوردي : ( فإن قيل ) الثمرة قبل التأبير مستبقاة [ ص: 91 ] لكامل المنفعة لم تجن وهي داخلة في البيع ؟ فهلا كان الزرع مثلها ؟ ( قيل : ) الفرق بينهما أن الثمرة حادثة من خلقة الأصل المبيع ، والزرع مستودع في الأرض بفعل الآدمي ، ألا ترى أن الأرض يدخل فيها المعدن لأنه خلقة في الأرض ، ولا يدخل فيها الركاز لأنه مستودع فيها واعلم أن الترجمة عن هذا القسم تشمل الموز لأنه نبات لا يحمل إلا مرة واحدة ، لكن لا قائل بأن جذره الثابت في الأرض لا يدخل ، بخلاف الحنطة والشعير ، فالمراد حينئذ بهذا القسم ما لا يحمل إلا مرة ، وليس له أصل ثابت في الأرض ، وبذلك يخرج الموز ، فإن له أصلا ثابتا ، منه تنبت الفراخ ، وعلى هذا ينبغي أن يقال في القسم الحاضر : النبات إما أن يكون له أصل ثابت في الأرض أو لا ، فالأول إما أن يكون يحمل مرة واحدة كالموز ، أو مرات ، فأما في عام واحد كالبطيخ ، أو في أكثر كالرطبة ، وسائر ما يجذ ويثمر مرات ، والذي لا بقاء لأصله هو الزرع ، فالحنطة والشعير وشبههما . أو نقول : النابت إما أن يثمر ويجذ مرات . أو مرة واحدة فالأول إما في عام واحد أو في أعوام ، والثاني إما أن يبقى أصله كالموز أو لا يبقى كالحنطة والشعير .




                                      الخدمات العلمية