قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب أن يكثر من التلبية ، ويلبي عند اجتماع الرفاق ، وفي كل صعود وهبوط ، وفي أدبار الصلوات وإقبال الليل والنهار ، لما روى جابر رضي الله عنه قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي إذا رأى ركبا أو صعد أكمة أو هبط واديا ، وفي أدبار المكتوبة وآخر الليل } ولأن في هذه المواضع ترتفع الأصوات ويكثر الضجيج ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أفضل الحج العج والثج } ويستحب في مسجد مكة ومنى وعرفات ، وفيما عداها من المساجد ، ( قال ) في القديم : لا يلبي ، ( وقال ) في الجديد : يلبي لأنه مسجد بني للصلاة فاستحب فيه التلبية كالمساجد الثلاثة . وفي حال الطواف ( قال ) في القديم : يلبي ويخفض صوته ( وقال ) في الجديد : لا يلبي ; لأن للطواف ذكرا يختص به ، فكان الاشتغال به أولى ، ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية لما روى زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { جاءني جبريل عليه السلام فقال : يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنها من شعائر الحاج } " وإن كانت امرأة لم ترفع الصوت بالتلبية ; لأنه يخاف عليها الافتتان . [ ص: 254 ] والتلبية أن يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما ، { أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك } قال الشافعي - رحمه الله - : فإن زاد على هذا فلا بأس ، لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يزيد فيها : " لبيك وسعديك ، والخير كله بيديك ، والرغبة إليك والعمل " وإذا رأى شيئا يعجبه قال : لبيك إن العيش عيش الآخرة . لما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هم فيه فقال : لبيك إن العيش عيش الآخرة } والمستحب إذا فرغ من التلبية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موضع شرع فيه ذكر الله - سبحانه وتعالى - ، فشرع فيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأذان ، ثم يسأل الله - تعالى - رضوانه والجنة ، ويستعيذ برحمته من النار ، لما روى خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة سأل الله - تعالى - رضوانه والجنة ، واستعاذ برحمته من النار ، ثم يدعو بما أحب } ) .


