قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويحرم عليه فلا يجوز له أخذه لقوله تعالى : { الصيد المأكول من الوحش والطير حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } فإن أخذه لم يملكه بالأخذ ; لأن ما منع من أخذه لحق الغير لم يملكه بالأخذ من غير إذنه كما لو غصب مال غيره فإن كان الصيد لآدمي وجب رده إلى مالكه وإن كان من المباح وجب إرساله في موضع يمتنع على من يأخذه ; لأن ما حرم أخذه لحق الغير إذا أخذه وجب رده إلى مالكه كالمغصوب وإن هلك عنده وجب عليه الجزاء ; لأنه مال حرام أخذه لحق الغير فضمنه بالبدل كمال الآدمي فإن خلص صيدا من فم سبع فداواه فمات في يده لم يضمنه ; لأنه قصد الصلاح .
قال - رحمه الله - ولو قيل : يضمن لأن تلفه في يده كان محتملا ويحرم عليه قتله فإن قتله عمدا وجب عليه الجزاء - لقوله تعالى : { الشافعي لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } وإن قتله خطأ وجب عليه الجزاء ; لأن ما ضمن عمده بالمال ضمن خطؤه كمال الآدمي ولأنه كفارة تجب بالقتل فاستوى فيه الخطأ والعمد ككفارة القتل وإن كان الصيد مملوكا لآدمي وجب عليه الجزاء والقيمة وقال : لا يجب الجزاء في صيد المملوك ; لأنه يؤدي إلى إيجاب بدلين عن متلف واحد والدليل على أنه يجب أنه كفارة تجب بالقتل فوجبت بقتل المملوك ككفارة القتل ويحرم عليه جرحه ; لأن ما منع من إتلافه لحق الغير منع من إتلاف أجزائه كالآدمي فإن أتلف جزءا منه ضمنه بالجزاء ; لأن ما ضمن جميعه بالبدل ضمنت أجزاؤه كالآدمي ويحرم عليه تنفير الصيد { المزني مكة : لا ينفر صيدها } وإذا حرم ذلك في صيد الحرم وجب أن يحرم في الإحرام فإن نفره فوقع في بئر فهلك أو نهشته حية أو أكله سبع وجب عليه الضمان لما روي عن لقوله صلى الله عليه وسلم في رضي الله عنه أنه دخل عمر دار الندوة فعلق رداءه فوقع عليه طائر فخاف أن ينجسه [ ص: 308 ] فطيره فنهشته حية فقال : طير طردته حتى نهشته الحية فسأل من كان معه أن يحكموا عليه بشاة " ولأنه هلك بسبب من جهته فأشبه إذا حفر له بئرا أو نصب أحبولة فهلك بها ويحرم عليه أن يعين على قتله بدلالة أو إعارة آلة ; لأن ما حرم قتله حرمت الإعانة على قتله كالآدمي وإن أعان على قتله بدلالة أو إعانة آلة فقتل لم يجب عليه الجزاء ; لأن ما لا يلزمه حفظه لا يضمنه بالدلالة على إتلافه كمال الغير ) .