فصل .
كونه مكلفا مسلما وثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة ، فقيه النفس ، سليم الذهن ، رصين الفكر ، صحيح التصرف والاستنباط ، متيقظا سواء فيه الحر والعبد والمرأة والأعمى ، والأخرس إذا كتب أو فهمت إشارته . قال الشيخ شرط المفتي : وينبغي أن يكون كالراوي في أنه لا يؤثر فيه قرابة وعداوة ، وجر نفع ودفع ضر ، لأن المفتي في حكم مخبر عن الشرع بما لا اختصاص له بشخص ، فكان كالراوي لا كالشاهد ، وفتواه لا يرتبط بها إلزام بخلاف حكم القاضي . قال : وذكر صاحب الحاوي أن المفتي إذا نابذ في فتواه شخصا معينا صار خصما حكما معاندا ، فترد فتواه على من عاداه كما ترد شهادته عليه ، واتفقوا على أن أبو عمرو بن الصلاح ، ونقل الفاسق لا تصح فتواه فيه إجماع المسلمين . ويجب عليه إذا وقعت له واقعة أن يعمل باجتهاد نفسه ، وأما المستور وهو الذي ظاهره العدالة ولم تختبر عدالته باطنا ، ففيه وجهان : أصحهما : جواز فتواه ; لأن العدالة الباطنة يعسر معرفتها على غير القضاة ، والثاني : لا يجوز كالشهادة ، والخلاف كالخلاف في صحة النكاح بحضور المستورين . قال الخطيب : وتصح الصيمري والخوارج ومن لا نكفره ببدعته ولا نفسقه ، ونقل فتاوى أهل الأهواء هذا ثم قال : وأما الخطيب والرافضة الذين يسبون السلف الصالح ففتاويهم مردودة وأقوالهم ساقطة . الشرار بلا كراهة ، هذا هو الصحيح المشهور من مذهبنا ، قال الشيخ : ورأيت في بعض تعاليق والقاضي كغيره في جواز الفتيا أن له الفتوى في العبادات ، [ ص: 75 ] وما لا يتعلق بالقضاء ، وفي القضاء وجهان لأصحابنا : أحدهما : الجواز ; لأنه أهل ، والثاني : لا ; لأنه موضع تهمة ، وقال الشيخ أبي حامد تكره الفتوى في مسائل الأحكام الشرعية وقال ابن المنذر : : أنا أقضي ولا أفتي . شريح