قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإذا غربت الشمس دفع إلى المزدلفة ، لحديث علي - كرم الله وجهه - ويمشي وعليه السكينة لما روى الفضل بن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للناس عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا : عليكم بالسكينة } فإذا وجد فرجة أسرع لما روى أسامة رضي الله عنه " { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص ، ويجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة } على ما بيناه في كتاب الصلاة ، فإن صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز ; لأن الجمع رخصة لأجل السفر فجاز له تركه . ويثبت بها إلى أن يطلع الفجر الثاني ، لما روى جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء ، واضطجع حتى إذا طلع الفجر صلى الفجر } وفي أي موضع من المزدلفة بات أجزأه ، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { المزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر } وهل يجب المبيت بمزدلفة أم لا ؟ فيه قولان ( أحدهما ) يجب لأنه نسك مقصود في موضع فكان واجبا كالرمي ( والثاني ) أنه سنة لأنه مبيت فكان سنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة ، فإن قلنا إنه يجب وجب بتركه الدم وإن قلنا إنه سنة لم يجب بتركه الدم .
ويستحب أن يؤخذ منها حصى جمرة العقبة لما روى الفضل بن العباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال غداة يوم النحر القط لي حصى ، فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف } ولأن السنة إذا أتى منى لا يعرج على غير الرمي ، فاستحب أن يأخذ الحصى حتى لا يشتغل عن الرمي ، وإن أخذ الحصى من غيرها جاز لأن الاسم يقع عليه . ويصلي الصبح بالمزدلفة في أول الوقت وتقديمها أفضل ، لما روى [ ص: 144 ] عبد الله قال { ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا المغرب والعشاء بجمع ، وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها } ولأنه يستحب الدعاء بعدها فاستحب تقديمها ليكثر الدعاء . فإذا صلى وقف على قزح وهو المشعر الحرام ويستقبل القبلة ويدعو الله تعالى ، لما روى جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب القصواء حتى رقي على المشعر الحرام واستقبل القبلة فدعا الله عز وجل وكبر وهلل ووحد ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ثم دفع قبل أن تطلع الشمس } والمستحب أن يدفع قبل طلوع الشمس لحديث جابر ، فإن أخر الدفع حتى طلعت الشمس كره لما روى المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { كانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس على رءوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم ، وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس ليخالف هدينا هدي أهل الأوثان والشرك } فإن قدم الدفع بعد نصف الليل وقبل طلوع الفجر جاز لما روت عائشة رضي الله عنها { أن سودة رضي الله عنها كانت امرأة ثبطة ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل الإفاضة ليلا في ليلة المزدلفة فأذن لها } " والمستحب إذا دفع من المزدلفة أن يمشي وعليه السكينة ، لما ذكرناه من حديث الفضل بن عباس ، وإذا وجد فرجة أسرع كما يفعل في الدفع من عرفة .
والمستحب إذا بلغ وادي محسر أن يسرع إذا كان ماشيا أو يحرك دابته إذا كان راكبا بقدر رمية حجر ، لما روى جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم حرك قليلا في وادي محسر } )


