قال المصنف رحمه الله تعالى ( ثم يحلق لما روى أنس قال { لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة وفرغ من نسكه ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم أعطاه شقه الأيسر فحلقه } فإن لم يحلق وقصر جاز ، لما روى جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحلقوا أو يقصروا } والحلق أفضل لما روى ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { رحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين . قالوا : يا رسول الله والمقصرين . قال في الرابعة : والمقصرين } وأقل ما يحلق ثلاث شعرات . لأنه يقع عليه اسم الجمع المطلق فأشبه الجمع . والأفضل أن يحلق الجميع لحديث أنس . وإن كان أصلع فالمستحب أن يمر الموسى على رأسه . لما روى ابن عمر رضي الله عنه أنه " قال في الأصلع : يمر الموسى على رأسه " ولا يجب ذلك لأنه قربة تتعلق بمحل فسقطت بفواته كغسل اليد إذا قطعت وإن كانت امرأة قصرت ولم تحلق لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير } ولأن الحلق في النساء مثلة فلم يفعل وهل الحلاق نسك أو استباحه محظور فيه قولان ( أحدهما ) أنه ليس بنسك لأنه محرم في الإحرام فلم يكن نسكا كالطيب .
( والثاني ) أنه نسك وهو الصحيح { لقوله صلى الله عليه وسلم رحم الله المحلقين } فإن حلق قبل الذبح جاز ; لما روى عبد الله بن عمر قال { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى فجاءه رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت رأسي قبل أن أذبح فقال : اذبح ولا حرج . فجاءه آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج . فما سئل عن شيء قدم أو أخر إلا قال : افعل ولا حرج } فإن حلق قبل الرمي ( فإن قلنا ) إن الحلق نسك جاز ; لما روى ابن عباس قال : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل حلق قبل أن يذبح أو قبل أن يرمي فكان يقول : لا حرج ، لا حرج } " ( وإن قلنا ) إنه استباحة محظور لم يجز لأنه فعل محظور فلم يجز قبل الرمي من غير عذر كالطيب ) .
[ ص: 183 ]


