[ ص: 222 ] قال المصنف رحمه الله تعالى " ( ويبيت بمنى ليالي الرمي " لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك " وهل يجب ذلك أو يستحب ؟ فيه قولان ( أحدهما ) أنه مستحب لأنه مبيت فلم يجب كالمبيت ليلة عرفة ( والثاني ) أنه يجب { لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس في ترك المبيت لأجل السقاية } فدل على أنه لا يجوز لغيره تركه . فإن قلنا إنه يستحب لم يجب بتركه دم . وإن قلنا : يجب ، وجب بتركه الدم ، فعلى هذا إذا ترك المبيت في الليالي الثلاث وجب دم ، وإن ترك ليلة ففيه ثلاثة أقوال على ما ذكرناه في الحصاة ويجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس رضي الله عنه أن يدعوا المبيت ليالي منى ويرموا يوما ويدعوا يوما ثم يرموا ما فاتهم ( والدليل عليه ) ما روى ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته } وروى عاصم بن عدي { أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في ترك البيتوتة يرمون يوم النحر ، ثم يرمون يوم النفر } فإن أقام الرعاة إلى أن تغرب الشمس لم يجز لهم ترك المبيت . وإن أقام أهل السقاية إلى أن تغرب الشمس جاز لهم ترك المبيت ، لأن حاجة أهل السقاية بالليل موجودة ، وحاجة الرعاة لا توجد بالليل ، لأن الرعي لا يكون بالليل ومن أبق له عبد ومضى في طلبه أو خاف أمرا يفوته ، ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه لا يجوز له ما يجوز للرعاة وأهل سقاية العباس { لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعي وأهل السقاية } ( والثاني ) أنه يجوز ; لأنه صاحب عذر . فأشبه الرعاة وأهل السقاية ) .


