قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن كان تطوعا فهو باق على ملكه وتصرفه إلى أن ينحر ، وإن كان نذرا زال ملكه عنه وصار للمساكين ، فلا يجوز له بيعه ولا إبداله بغيره ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال { يا رسول الله أهديت نجيبة وأعطيت بها ثلاثمائة دينار أفأبيعها وأبتاع بثمنها بدنا وأنحرها : قال : لا ، ولكن انحرها إياها } فإن كان مما يركب جاز له أن يركبه بالمعروف إذا احتاج ، لقوله تعالى { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى } وسئل جابر رضي الله عنه عن ركوب الهدي فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها } ، فإن نقصت بالركوب ضمن النقصان ، وإن نتجت تبعها الولد وينحره معها سواء حدث بعد النذر أو قبله ، لما روي أن عليا رضي الله عنه { رأى رجلا يسوق بدنة ومعها ولدها فقال : لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها } ولأنه معنى يزيل الملك فاستتبع الولد كالبيع أو العتق ، فإن لم يمكنه أن يمشي حمله على ظهر الأم لما روى ابن عمر كان يحمل ولد البدنة إلى أن يضحي عليها ولا يشرب لبنها إلا ما لا يحتاج إليه الولد ، ولقول علي كرم الله وجهه . ولأن اللبن غذاء الولد ، والولد كالأم . فإذا لم يجز أن يمنع الأم علفها لم يجز أن يمنع الولد غذاءه ، وإن فضل عن الولد شيء فله أن يشربه لقوله عز وجل { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى } ولقول علي رضي الله عنه . والأولى أن يتصدق به . وإن كان لها صوف - نظرت فإن كان في تركه صلاح بأن يكون في الشتاء ، وتحتاج إليه للدفء - لم يجزه ; لأنه ينتفع به الحيوان في دفع البرد عنه ، [ ص: 328 ] وينتفع به المساكين عند الذبح ، وإن كان الصلاح في جزه أن يكون في وقت الصيف وقد بقي إلى وقت النحر مدة طويلة جزه لأنه يترفه به الهدي ويستمر فتنتفع به المساكين فإن أحصر نحره حيث أحصر كما قلنا في هدي المحصر ، وإن تلف من غير تفريط لم يضمنه لأنه أمانة عنده ، فإذا هلكت من غير تفريط لم تضمن كالوديعة . وإن أصابه عيب ذبحه وأجزأه ، لأن ابن الزبير أتى في هداياه بناقة عوراء فقال " إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فأمضوها : وإن كان أصابها قبل أن تشتروها فأبدلوها " ولأنه لو هلك جميعه لم يضمنه ، فإذا نقص بعضه لم يضمنه كالوديعة ) .


