[ ص: 454 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن نظرت فإن سماه كالثوب والعبد والدار لزمه ما سماه ، وإن أطلق الهدي ففيه قولان ، قال في الإملاء والقديم : يهدي ما شاء ; لأن اسم الهدي يقع عليه ، ولهذا يقال : أهديت له دارا وأهدى لي ثوبا ، ولأن الجميع يسمى قربانا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الجمعة { نذر هديا } فإذا سمي قربانا وجب أن يسمى هديا ، وقال في الجديد : لا يجزئه إلا الجذعة من الضأن والثنية من المعز والإبل والبقر ; لأن الهدي المعهود في الشرع ما ذكرناه فحمل مطلق النذر عليه . وإن نذر بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن قلنا بالقول الأول أجزأه من ذلك ما يقع عليه الاسم ، وإن قلنا بالقول الثاني لم يجزه إلا ما يجزئ في الأضحية ، وإن نذر شاة فأهدى بدنة أجزأه ; لأن البدنة بسبع من الغنم ، وهل يجب الجميع ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) أن الجميع واجب ; لأنه مخير بين الشاة والبدنة فأيهما فعل كان واجبا ، كما نقول في العتق والإطعام في كفارة اليمين ( والثاني ) أن الواجب هو السبع ; لأن كل سبع منها بشاة ، فكان الواجب هو السبع . وإن نذر بدنة وهو واجد البدنة ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه مخير بين البدنة والبقرة والسبع من الغنم ; لأن كل واحد من الثلاثة قائم مقام الآخر ( والثاني ) أنه لا يجزئه غير البدنة ; لأنه عينها بالنذر ، وإن كان عادما للبدنة انتقل إلى البقرة ، فإن لم يجد بقرة انتقل إلى سبع من الغنم . من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة
ومن أصحابنا من قال : لا يجزئه غير البدنة فإن لم يجد ثبتت في ذمته إلى أن يجد ; لأنه التزم ذلك بالنذر ، والمذهب الأول ، ; لأنه فرض له بدل فانتقل عند العجز إلى بدله كالوضوء . وإن نذر الهدي للحرم لزمه في الحرم ، وإن نذر لبلد آخر لزمه في البلد الذي سماه ، لما روى عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب } فإن نذر لأفضل بلد لزمه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا ، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية ، قال : لصنم ؟ قالت : لا ؟ قال : لوثن ؟ قالت : لا قال : أوفي بنذرك بمكة ; لأنها أفضل البلاد ، والدليل عليه ما روى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته { جابر } ولأن مسجدها أفضل المساجد فدل على أنها أفضل البلاد . وإن أطلق النذر ففيه وجهان ( أحدهما ) يجوز حيث شاء ; لأن الاسم يقع عليه ( والثاني ) لا يجوز إلا في أي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : بلدنا هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، [ ص: 455 ] كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الحرم ; لأن الهدي المعهود في الشرع هو الهدي في الحرم ، والدليل عليه قوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } وقال تعالى { ثم محلها إلى البيت العتيق } فحمل مطلق النذر عليه فإن كان قد نذر الهدي لرتاج الكعبة أو عمارة مسجد ، لزمه صرفه فيما نذر ، فإن أطلق ففيه وجهان ( أحدهما ) أن له أن يصرفه فيما شاء من وجوه القرب ، في ذلك البلد الذي نذر الهدي فيه ; لأن الاسم يقع عليه ، ( والثاني ) أنه يفرقه على مساكين البلد الذي نذر أن يهدي إليه ; لأن الهدي المعهود في الشرع ما يفرق على المساكين فحمل مطلق النذر عليه .
وإن كان ما نذره مما لا يمكن نقله كالدار ، باعه ونقل ثمنه إلى حيث نذر وإن نذر النحر في الحرم ففيه وجهان ( أحدهما ) يلزمه النحر دون التفرقة ; لأنه نذر أحد مقصودي الهدي ، فلم يلزمه الآخر ، كما لو نذر التفرقة ( والثاني ) يلزمه النحر والتفرقة ، وهو الصحيح ; لأن نحر الهدي في الحرم في عرف الشرع ما يتبعه التفرقة فحمل مطلق النذر عليه ، وإن نذر النحر في بلد غير الحرم ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يصح ، ; لأن النحر في غير الحرم ليس بقربة فلم يلزمه بالنذر ، ( والثاني ) يلزم النحر والتفرقة ، ; لأن النحر على وجه القربة لا يكون إلا للتفرقة فإذا نذر النحر تضمن التفرقة ) .