( الشرح ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم صحيح رواه
أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة وقال
الترمذي : وهو حديث
[ ص: 312 ] حسن ، وقول
المصنف ( من غير إذن ) يريد من غير إذن شرعي ، فيدخل فيه الوكيل والولي والوصي وقيم القاضي في بيع مال المحجور عليه والقاضي ونائبه في بيع مال من توجه عليه أداء دين لو امتنع عن بيع ماله في وفائه ، فكل هذه الصور يصح فيها البيع لوجود الإذن الشرعي ، ويخرج منه إذن المحجور عليه لصغر أو فلس أو سفه أو رهن ، فإنه لو أذن لأجنبي في البيع لم يصح ، مع أنه مالك ، وجملة القول في هذا الفصل أنه سبق أن شروط المبيع خمسة . منها أن يكون مملوكا لمن يقع العقد له ، فإن باشر العقد لنفسه فشرطه كونه مالكا للعين ، وإن باشره لغيره بولاية أو وكالة فشرطه أن يكون لذلك الغير ، فلو باع مال غيره بغير إذن ولا ولاية فقولان ( الصحيح ) أن العقد باطل ، وهذا نصه في الجديد وبه قطع
المصنف وجماهير العراقيين وكثيرون أو الأكثرون من الخراسانيين لما ذكره
المصنف وسنزيده دلالة في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى .
( والقول الثاني ) وهو القديم إنه ينعقد موقوفا على إجازة المالك إن أجاز صح البيع وإلا لغا ، وهذا القول حكاه الخراسانيين وجماعة من العراقيين منهم
المحاملي في اللباب
والشاشي وصاحب البيان وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى في فرع مذاهب العلماء .
( وأما ) قول
إمام الحرمين : أن العراقيين لم يعرفوا هذا القول ، وقطعوا بالبطلان ، فمراده متقدموهم ، ثم إن كل من حكاه إنما حكاه عن القديم خاصة ، وهو نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في
البويطي ، وهو من الجديد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في آخر باب الغصب من
البويطي : إن صح حديث
عروة البارقي فكل من باع أو أعتق ملك غيره بغير إذنه ثم رضي : فالبيع والعتق جائزان هذا نصه ، وقد صح حديث
عروة البارقي كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى في فرع مذاهب العلماء ، فصار
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي قولان في الجديد أحدهما موافق للقديم ، والله تعالى أعلم
[ ص: 313 ] قال الخراسانيون : ويجري القولان فيما لو
nindex.php?page=treesubj&link=4513_11279_6128_7396زوج أمة غيره أو ابنته أو طلق منكوحته أو أعتق مملوكه أو أجر داره أو وهبها بغير إذنه ، قال
إمام الحرمين يطرد هذا القول في كل عقد يقبل الاستنابة كالبيوع والإجارات والهبات والعتق والنكاح والطلاق وغيرها ، ويسمى هذا بيع الفضولي وقال
إمام الحرمين والغزالي في البسيط
والمحاملي وخلائق لا يحصون : القولان في بيع الفضولي جاريان في شرائه لغيره بغير إذن ، قال أصحابنا فإذا اشترى الفضولي لغيره - نظر إن اشترى بعين مال ذات الغير - ففيه هذان القولان ( الجديد ) بطلانه ( والقديم ) وقفه على الإجازة ، وإن اشترى في الذمة نظر إن أطلق لفظ العقد ونوى كونه للغير فعلى الجديد يقع للمباشر ، وعلى القديم يقف على الإجازة ، فإن أجاز نفذ للمجيز ، وإلا نفذ للمباشر ، وإن قال : اشتريت لفلان بألف في ذمته ، فهو كاشترائه بعين مال الغير ، ففيه القولان ( الجديد ) بطلانه ( والقديم ) وقفه على الإجازة ، وإن اقتصر على قوله : اشتريت لفلان بألف ولم يضف الثمن إلى ذمته فعلى الجديد فيه وجهان حكاهما
إمام الحرمين والغزالي وغيرهما ( أحدهما ) يلغو العقد ( والثاني ) يقع على المباشر ، وعلى القديم يقف على الإجازة فإن أجاز نفذ للمجيز وإلا ففيه الوجهان في وقوعه للمباشر ( أما ) إذا اشترى شيئا لغيره بمال نفسه فإن لم يسمه في العقد وقع العقد للمباشر بلا خلاف ، سواء كان ذلك الغير أذن له أم لا ، وإن سماه - نظر إن لم يأذن له لغت التسمية ، وهل يقع للمباشر أم يبطل ؟
فيه الوجهان ، فإن أذن له فهل تلغو التسمية ؟ فيه وجهان فإن قلنا تلغو ، فهل يبطل العقد من أصله ؟ أم يقع عن المباشر ؟ فيه الوجهان ( وإن قلنا : ) لا تلغو وقع عن الإذن ، وهل يكون الثمن المدفوع قرضا ؟ أم هبة ؟ وجهان .
[ ص: 314 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد الجويني : وحيث قلنا بالقديم فشرطه أن يكون للعقد مجيز في الحال مالكا كان أو غيره ، حتى لو أعتق عبد الصبي أو طلق امرأته لا يتوقف على إجازته بعد البلوغ بلا خلاف ، والمعتبر إجازة من يملك التصرف عند العقد حتى لو باع مال الطفل فبلغ وأجاز لم ينفذ ، وكذا لو باع ملك الغير ثم ملكه البائع وأجاز لم ينفذ قطعا ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) لو
nindex.php?page=treesubj&link=4458_4513_4523غصب أموالا وباعها وتصرف في أثمانها مرة بعد أخرى بحيث يعسر أو يتعذر تتبع ملك التصرفات بالنقض وقلنا بالجديد فقولان ، حكاهما
إمام الحرمين والغزالي وغيرهما ( أصحهما ) بطلان التصرفات كلها ، كما لو كان تصرفا واحدا لأنه ممنوع من كل تصرف منها ( والثاني ) للمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل من أثمانها لعسر تتبعها بالنقض ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) لو
nindex.php?page=treesubj&link=4458_4520_4513_28262_4484باع مال مورثه على ظن أنه حي وأنه فضولي فبان ميتا حينئذ وأنه ملك العاقد فقولان ، وقيل : وجهان مشهوران ( أصحهما ) أن العقد صحيح لصدوره من مالك ( والثاني ) البطلان لأنه في معنى المعلق بموته ولأنه كالغائب قال
الرافعي : ولا يبعد تشبيه هذا الخلاف ببيع الهازل ، هل ينفذ أم لا ؟ وفيه وجهان . والخلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=4572_4777_4868_10937_27655بيع التلجئة وصورته أن يخاف غصب ماله أو الإكراه على بيعه ، فيبيعه لإنسان بيعا مطلقا ، وقد توافقا قبله على أنه لدفع الشر ، لا على صفة البيع ، والصحيح صحته ، لأن الاعتبار عندنا بظاهر العقود ، لا بما ينويه العاقدان ولهذا يصح بيع العينة ونكاح من قصد التحليل ونظائره .
[ ص: 315 ] قال أصحابنا : ويجري الخلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=4459_4513بيع العبد على ظن أنه آبق أو مكاتب فبان أنه رفع ، وأنه فسخ الكتابة قالوا : ويجري فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=11044_11279زوج أمة أبيه على ظن حياته ، فبان ميتا ، هل يصح النكاح ؟ والأصح صحته . قال
الرافعي : فإن صح فقد نقلوا فيه وجهين فيمن قال : إن مات أبي فقد زوجتك هذه الجارية (
قلت : ) الأصح هنا البطلان ، ويجري القولان فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=4513_4520باع واشترى لغيره على ظن أنه فضولي ، فبان أنه قد وكله في ذلك والأصح صحة تصرفه ، والله سبحانه وتعالى أعلم . هذان القولان في بيع الفضولي ، وفي الفرعين بعده يعبر عنهما بقولي وقف العقود ، وحيث قال أصحابنا الخراسانيون : فيه قولا وقف العقود أرادوا هذين وسميا بذلك لأن الخلاف راجع إلى العقد هل ينعقد على التوقف ؟ أم لا ينعقد بل يكون باطلا من أصله ؟ قال
إمام الحرمين : والصحة على قول الوقف وهو القديم ناجز ولكن الملك لا يحصل إلا عند الإجازة ، والله أعلم .
( فرع ) في مذاهب العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=4513_11279تصرف الفضولي بالبيع وغيره في مال غيره بغير إذنه ، قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور بطلانه ، ولا نقف على الإجازة ، وكذا الوقف والنكاح وسائر العقود ، وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في أصح الروايتين عنه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : يقف البيع والشراء والنكاح على الإجازة ، فإن أجازه من عقد له صح ، وإلا بطل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إيجاب النكاح وقبوله يقفان على الإجازة ، ويقف البيع على الإجازة ولا يقف الشراء ، وأوقفه
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه في البيع واحتج لهم بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وتعاونوا على البر والتقوى } وفي هذا إعانة لأخيه المسلم ، لأنه لا يكفيه نعت البيع إذا كان مختارا له ، وبحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18163 nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به أضحية فاشترى به أضحية وباعها بدينارين ، واشترى أضحية بدينار ، وجاءه بأضحية ودينار [ ص: 316 ] فتصدق النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار ودعا له بالبركة } رواه
أبو داود والترمذي وبحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21570عروة البارقي قال : دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا لأشتري له شاة ، فاشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار ، وجئت بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما كان من أمره ، فقال : بارك الله لك في صفقة يمينك ، فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم ، فكان من أكثر أهل الكوفة مالا } رواه
أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، هذا لفظ
الترمذي ، وإسناد
الترمذي صحيح وإسناد الآخرين حسن ، فهو حديث صحيح . وبحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في قصة الثلاثة أصحاب الغار {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3671أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الثالث اللهم استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب ، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال : يا عبد الله أد إلي أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ، فقلت : لا أستهزئ فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا } وفي رواية " استأجرت أجيرا بفرق أرز " وذكر ما سبق رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . قالوا : ولأنه عقد له مجيز حال وقوعه فجاز أن يقف على الإجازة كالوصية بأكثر من الثلث ، ولأن البيع بشرط خيار ثلاثة أيام يجوز بالاتفاق ، وهو بيع موقوف على الإجازة ، قالوا : ولأن إذن المالك لو كان شرطا في انعقاد البيع لم يجز أن يتقدم على البيع ، لأن ما كان شرطا للبيع لا يجوز تقدمه عليه ، ولهذا لما كانت الشهادة شرطا في النكاح اشترط مقارنتها العقد ، فلما أجمعنا على أن الإذن في البيع يجوز تقدمه دل على أنه ليس بشرط في صحة انعقاده . واحتج أصحابنا بحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18164 nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق [ ص: 317 ] ثم أبيعه منه ؟ قال لا تبع ما ليس عندك } وهو حديث صحيح سبق بيانه أول هذا الفصل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30920لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك ، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك } حديث حسن أو صحيح رواه
أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم من طرق كثيرة بأسانيد حسنة ، ومجموعها يرتفع عن كونه حسنا . ويقتضي أنه صحيح وقال
الترمذي : هو حديث حسن .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5435أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة أن أبلغهم عني أربع خصال : أنه لا يصلح شرطان في بيع ، ولا بيع وسلف ، ولا تبع ما لم تملك ، ولا ربح ما لم تضمن } رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بأسانيد صحيحة ، ولأنه أحد طرفي البيع فلم يقف على الإجازة كالقبول ولأنه باع ما لا يقدر على تسليمه فلم يصح ، كبيع الآبق ، والسمك في الماء ، والطير في الهواء .
( وأما ) احتجاجهم بالآية الكريمة ، فقال أصحابنا : ليس هذا من البر والتقوى ، بل هو من الإثم والعدوان ( وأما ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم فأجاب أصحابنا عنه بجوابين ( أحدهما ) أنه حديث ضعيف ( أما ) إسناد
أبي داود فيه ففيه شيخ مجهول ، وأما إسناد
الترمذي ففيه انقطاع بين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12482ابن أبي ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام ( الجواب الثاني ) أنه محمول على أنه كان وكيلا للنبي صلى الله عليه وسلم وكالة مطلقة ، يدل عليه أنه باع الشاة وسلمها واشترى وعند المخالف لا يجوز التسليم إلا بإذن مالكها ، ولا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة شراء الثانية موقوفا على الإجازة وهذا الجواب الثاني هو الجواب عن حديث
عروة البارقي ( وأما ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر حديث الغار فجوابه أن هذا شرع لمن قبلنا ، وفي كونه شرعا لنا خلاف مشهور ( فإن قلنا : ) ليس بشرع لنا لم يكن فيه حجة وإلا فهو محمول على أنه استأجره بأرز في الذمة ولم يسلمه إليه . بل عينه له فلم يتعين من غير قبض ، فبقي على ملك المستأجر ، لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح ، ثم إن المستأجر
[ ص: 318 ] تصرف فيه وهو ملكه فيصح تصرفه سواء اعتقده له أو للأجير ، ثم تبرع بما اجتمع منه على الأجر بتراضيهما .
( والجواب ) عن قياسهم على الوصية أنها تحتمل الغرر وتصح بالمجهول والمعدوم ، بخلاف البيع ( والجواب ) عن شرط الخيار أن البيع مجزوم به منعقد في الحال ، وإنما المنتظر فسخه ، ولهذا إذا مضت المدة ولم يفسخ لزم البيع ( والجواب ) عن القياس الأخير أنه ينتقض بالصوم ، فإن النية شرط لصحته ، وتتقدم عليه ، ولأن الإذن ليس متقدما على العقد ، وإنما الشرط كونه مأذونا له حالة العقد ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( الشَّرْحُ ) حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمٍ صَحِيحٌ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : وَهُوَ حَدِيثٌ
[ ص: 312 ] حَسَنٌ ، وَقَوْلُ
الْمُصَنِّفِ ( مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ) يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَقَيِّمُ الْقَاضِي فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ فِي بَيْعِ مَالِ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَدَاءُ دَيْنٍ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِ مَالِهِ فِي وَفَائِهِ ، فَكُلُّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَصِحُّ فِيهَا الْبَيْعُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ إذْنُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ رَهْنٍ ، فَإِنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِأَجْنَبِيٍّ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ ، مَعَ أَنَّهُ مَالِكٌ ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ سَبَقَ أَنَّ شُرُوطَ الْمَبِيعِ خَمْسَةٌ . مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِمَنْ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ ، فَإِنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ فَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلْعَيْنِ ، وَإِنْ بَاشَرَهُ لِغَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا وِلَايَةٍ فَقَوْلَانِ ( الصَّحِيحُ ) أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ ، وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْجَدِيدِ وَبِهِ قَطَعَ
الْمُصَنِّفُ وَجَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ لِمَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ وَسَنَزِيدُهُ دَلَالَةً فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) وَهُوَ الْقَدِيمُ إنَّهُ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ إنْ أَجَازَ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا لَغَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ
الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ
وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَسَيَأْتِي دَلِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ .
( وَأَمَّا ) قَوْلُ
إمَامِ الْحَرَمَيْنِ : أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا الْقَوْلَ ، وَقَطَعُوا بِالْبُطْلَانِ ، فَمُرَادُهُ مُتَقَدِّمُوهُمْ ، ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ حَكَاهُ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ الْقَدِيمِ خَاصَّةً ، وَهُوَ نَصٌّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ فِي
الْبُوَيْطِيِّ ، وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْغَصْبِ مِنْ
الْبُوَيْطِيِّ : إنْ صَحَّ حَدِيثُ
عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ فَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ رَضِيَ : فَالْبَيْعُ وَالْعِتْقُ جَائِزَانِ هَذَا نَصُّهُ ، وَقَدْ صَحَّ حَدِيثُ
عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ ، فَصَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي الْجَدِيدِ أَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[ ص: 313 ] قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ : وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4513_11279_6128_7396زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ أَوْ ابْنَتَهُ أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ أَوْ أَجَّرَ دَارِهِ أَوْ وَهَبَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ، قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَطَّرِدُ هَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ عَقْدٍ يَقْبَلُ الِاسْتِنَابَةَ كَالْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا ، وَيُسَمَّى هَذَا بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَقَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ
وَالْمَحَامِلِيُّ وَخَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ : الْقَوْلَانِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ جَارِيَانِ فِي شِرَائِهِ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ ، قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا اشْتَرَى الْفُضُولِيُّ لِغَيْرِهِ - نُظِرَ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ ذَاتِ الْغَيْرِ - فَفِيهِ هَذَانِ الْقَوْلَانِ ( الْجَدِيدُ ) بُطْلَانُهُ ( وَالْقَدِيمُ ) وَقْفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ نُظِرَ إنْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْعَقْدِ وَنَوَى كَوْنَهُ لِلْغَيْرِ فَعَلَى الْجَدِيدِ يَقَعُ لِلْمُبَاشِرِ ، وَعَلَى الْقَدِيمِ يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ لِلْمُجِيزِ ، وَإِلَّا نَفَذَ لِلْمُبَاشِرِ ، وَإِنْ قَالَ : اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ ، فَهُوَ كَاشْتِرَائِهِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ ( الْجَدِيدُ ) بُطْلَانُهُ ( وَالْقَدِيمُ ) وَقْفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ : اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُضِفْ الثَّمَنَ إلَى ذِمَّتِهِ فَعَلَى الْجَدِيدِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( أَحَدُهُمَا ) يَلْغُو الْعَقْدُ ( وَالثَّانِي ) يَقَعُ عَلَى الْمُبَاشِرِ ، وَعَلَى الْقَدِيم يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ لِلْمُجِيزِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي وُقُوعِهِ لِلْمُبَاشِرِ ( أَمَّا ) إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْمُبَاشِرِ بِلَا خِلَافٍ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَذِنَ لَهُ أَمْ لَا ، وَإِنْ سَمَّاهُ - نُظِرَ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَغَتْ التَّسْمِيَةُ ، وَهَلْ يَقَعُ لِلْمُبَاشِرِ أَمْ يَبْطُلُ ؟
فِيهِ الْوَجْهَانِ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَهَلْ تَلْغُو التَّسْمِيَةُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا تَلْغُو ، فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ ؟ أَمْ يَقَعُ عَنْ الْمُبَاشِرِ ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ ( وَإِنْ قُلْنَا : ) لَا تَلْغُو وَقَعَ عَنْ الْإِذْنِ ، وَهَلْ يَكُونُ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا ؟ أَمْ هِبَةً ؟ وَجْهَانِ .
[ ص: 314 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14048الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ : وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَقْدِ مُجِيزٌ فِي الْحَالِ مَالِكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ الصَّبِيِّ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِلَا خِلَافٍ ، وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مِلْكَ الْغَيْرِ ثُمَّ مَلَكَهُ الْبَائِعُ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ قَطْعًا ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4458_4513_4523غَصَبَ أَمْوَالًا وَبَاعَهَا وَتَصَرَّفَ فِي أَثْمَانِهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ يَعْسُرُ أَوْ يَتَعَذَّرُ تَتَبُّعُ مِلْكِ التَّصَرُّفَاتِ بِالنَّقْضِ وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ فَقَوْلَانِ ، حَكَاهُمَا
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( أَصَحُّهُمَا ) بُطْلَانُ التَّصَرُّفَاتِ كُلِّهَا ، كَمَا لَوْ كَانَ تَصَرُّفًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ كُلِّ تَصَرُّفٍ مِنْهَا ( وَالثَّانِي ) لِلْمَالِكِ أَنْ يُجِيزَهَا وَيَأْخُذَ الْحَاصِلَ مِنْ أَثْمَانِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِهَا بِالنَّقْضِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4458_4520_4513_28262_4484بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ وَأَنَّهُ فُضُولِيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْعَاقِدِ فَقَوْلَانِ ، وَقِيلَ : وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ( أَصَحُّهُمَا ) أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ مِنْ مَالِكٍ ( وَالثَّانِي ) الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَلَّقِ بِمَوْتِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْغَائِبِ قَالَ
الرَّافِعِيُّ : وَلَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ هَذَا الْخِلَافِ بِبَيْعِ الْهَازِلِ ، هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ . وَالْخِلَافُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=4572_4777_4868_10937_27655بَيْعِ التَّلْجِئَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَخَافَ غَصْبَ مَالِهِ أَوْ الْإِكْرَاهَ عَلَى بَيْعِهِ ، فَيَبِيعَهُ لِإِنْسَانٍ بَيْعًا مُطْلَقًا ، وَقَدْ تَوَافَقَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لِدَفْعِ الشَّرِّ ، لَا عَلَى صِفَةِ الْبَيْعِ ، وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ ، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ عِنْدَنَا بِظَاهِرِ الْعُقُودِ ، لَا بِمَا يَنْوِيهِ الْعَاقِدَانِ وَلِهَذَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَيِّنَةِ وَنِكَاحُ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ وَنَظَائِرُهُ .
[ ص: 315 ] قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=4459_4513بَيْعِ الْعَبْدِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ آبِقٌ أَوْ مُكَاتَبٌ فَبَانَ أَنَّهُ رَفَعَ ، وَأَنَّهُ فَسَخَ الْكِتَابَةَ قَالُوا : وَيَجْرِي فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11044_11279زَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ ، فَبَانَ مَيِّتًا ، هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ ؟ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ . قَالَ
الرَّافِعِيُّ : فَإِنْ صَحَّ فَقَدْ نَقَلُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ فِيمَنْ قَالَ : إنْ مَاتَ أَبِي فَقَدْ زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ (
قُلْتُ : ) الْأَصَحُّ هُنَا الْبُطْلَانُ ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=4513_4520بَاعَ وَاشْتَرَى لِغَيْرِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ ، فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ . هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ ، وَفِي الْفَرْعَيْنِ بَعْدَهُ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ وَقْفِ الْعُقُودِ ، وَحَيْثُ قَالَ أَصْحَابُنَا الْخُرَاسَانِيُّونَ : فِيهِ قَوْلَا وَقْفِ الْعُقُودِ أَرَادُوا هَذَيْنِ وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ إلَى الْعَقْدِ هَلْ يَنْعَقِدُ عَلَى التَّوَقُّفِ ؟ أَمْ لَا يَنْعَقِدُ بَلْ يَكُونُ بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ ؟ قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَالصِّحَّةُ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ وَهُوَ الْقَدِيمُ نَاجِزٌ وَلَكِنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا عِنْدَ الْإِجَازَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَرْعٌ ) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=4513_11279تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا الْمَشْهُورَ بُطْلَانُهُ ، وَلَا نَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَكَذَا الْوَقْفُ وَالنِّكَاحُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ ، وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبُو ثَوْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=0016867مَالِكٌ : يَقِفُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالنِّكَاحُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، فَإِنْ أَجَازَهُ مَنْ عُقِدَ لَهُ صَحَّ ، وَإِلَّا بَطَلَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ إيجَابُ النِّكَاحِ وَقَبُولُهُ يَقِفَانِ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَيَقِفُ الْبَيْعُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَا يَقِفُ الشِّرَاءُ ، وَأَوْقَفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } وَفِي هَذَا إعَانَةٌ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، لِأَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ نَعْتُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ مُخْتَارًا لَهُ ، وَبِحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18163 nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِهِ أُضْحِيَّةً وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ ، وَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ ، وَجَاءَهُ بِأُضْحِيَّةٍ وَدِينَارٍ [ ص: 316 ] فَتَصَدَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّينَارِ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَبِحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21570عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ : دَفَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً ، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ شَاتَيْنِ فَبِعْتُ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ ، وَجِئْتُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ ، فَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ الْعَظِيمَ ، فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، هَذَا لَفْظُ
التِّرْمِذِيِّ ، وَإِسْنَادُ
التِّرْمِذِيِّ صَحِيحٌ وَإِسْنَادُ الْآخَرِينَ حَسَنٌ ، فَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَبِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ أَصْحَابِ الْغَارِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3671أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ ، فَثَمَرْت أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إلَيَّ أَجْرِي ، فَقُلْتُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئْ بِي ، فَقُلْتُ : لَا أَسْتَهْزِئُ فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا } وَفِي رِوَايَةٍ " اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ " وَذَكَرَ مَا سَبَقَ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ . قَالُوا : وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ فَجَازَ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْإِجَازَةِ كَالْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَهُوَ بَيْعٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ إذْنَ الْمَالِكِ لَوْ كَانَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْبَيْعِ ، لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا لِلْبَيْعِ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ شَرْطًا فِي النِّكَاحِ اُشْتُرِطَ مُقَارَنَتُهَا الْعَقْدَ ، فَلَمَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْبَيْعِ يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ انْعِقَادِهِ . وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18164 nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت : يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ [ ص: 317 ] ثُمَّ أَبِيعُهُ مِنْهُ ؟ قَالَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ } وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ سَبَقَ بَيَانُهُ أَوَّلَ هَذَا الْفَصْلِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30920لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ، وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ، وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ } حَدِيثٌ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ ، وَمَجْمُوعُهَا يَرْتَفِعُ عَنْ كَوْنِهِ حَسَنًا . وَيَقْتَضِي أَنَّهُ صَحِيحٌ وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5435أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ أَبْلِغْهُمْ عَنِّي أَرْبَعَ خِصَالٍ : أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ ، وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ ، وَلَا تَبِعْ مَا لَمْ تَمْلِكْ ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ } رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيْ الْبَيْعِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى الْإِجَازَةِ كَالْقَبُولِ وَلِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَمْ يَصِحَّ ، كَبَيْعِ الْآبِقِ ، وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ .
( وَأَمَّا ) احْتِجَاجُهُمْ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَيْسَ هَذَا مِنْ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، بَلْ هُوَ مِنْ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ( وَأَمَّا ) حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمٍ فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ( أَمَّا ) إسْنَادُ
أَبِي دَاوُد فِيهِ فَفِيهِ شَيْخٌ مَجْهُولٌ ، وَأَمَّا إسْنَادُ
التِّرْمِذِيِّ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12482ابْنِ أَبِي ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ( الْجَوَابُ الثَّانِي ) أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا وَاشْتَرَى وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهَا ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ شِرَاءُ الثَّانِيَةِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي هُوَ الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ
عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ ( وَأَمَّا ) حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ حَدِيثُ الْغَارِ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا شَرْعٌ لِمَنْ قَبْلَنَا ، وَفِي كَوْنِهِ شَرْعًا لَنَا خِلَافٌ مَشْهُورٌ ( فَإِنْ قُلْنَا : ) لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِأَرُزٍّ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ . بَلْ عَيَّنَهُ لَهُ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ ، فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ ، لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ
[ ص: 318 ] تَصَرَّفَ فِيهِ وَهُوَ مِلْكُهُ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَهُ لَهُ أَوْ لِلْأَجِيرِ ، ثُمَّ تَبَرَّعَ بِمَا اجْتَمَعَ مِنْهُ عَلَى الْأَجْرِ بِتَرَاضِيهِمَا .
( وَالْجَوَابُ ) عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْغَرَرَ وَتَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( وَالْجَوَابُ ) عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ أَنَّ الْبَيْعَ مَجْزُومٌ بِهِ مُنْعَقِدٌ فِي الْحَالِ ، وَإِنَّمَا الْمُنْتَظَرُ فَسْخُهُ ، وَلِهَذَا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَزِمَ الْبَيْعُ ( وَالْجَوَابُ ) عَنْ الْقِيَاسِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ ، وَتَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ كَوْنُهُ مَأْذُونًا لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .