قال المصنف    - رحمه الله تعالى - ( ولا يجوز بيع العين الغائبة  إذا جهل جنسها أو نوعها لحديث  أبي هريرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الغرر   } وفي بيع ما لا يعرف جنسه أو نوعه غرر كبير ، فإن علم الجنس والنوع بأن قال : بعتك الثوب المروي الذي في كمي ، أو العبد الزنجي الذي في داري ، أو الفرس الأدهم الذي في إصطبلي ففيه قولان قال في القديم والصرف : يصح ويثبت له الخيار إذا رآه ، لما روى  ابن أبي مليكة    " أن عثمان  رضي الله عنه ابتاع من  طلحة  أرضا بالمدينة  ناقله بأرض له بالكوفة  فقال عثمان    : بعتك ما لم أره ، فقال  طلحة    : إنما النظر لي لأني ابتعت مغيبا وأنت قد رأيت ما ابتعت فتحاكما إلى  جبير بن مطعم  فقضى على عثمان  أن البيع جائز ، وأن النظر  لطلحة  لأنه ابتاع مغيبا . ولأنه عقد على عين فجاز مع الجهل بصفته كالنكاح ( وقال ) في الجديد : لا يصح لحديث  أبي هريرة    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الغرر   } وفي هذا البيع غرر ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم ( فإذا قلنا ) بقوله القديم فهل تفتقر صحة البيع إلى ذكر الصفات أم لا ؟ فيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) أنه لا يصح حتى تذكر جميع الصفات كالمسلم فيه ( والثاني ) لا يصح ، حتى تذكر  [ ص: 349 ] الصفات المقصودة ( والثالث ) أنه لا يفتقر إلى ذكر شيء من الصفات ، وهو المنصوص في الصرف لأن الاعتماد على الرؤية ، ويثبت له الخيار إذا رآه فلا يحتاج إلى ذكر الصفات فإن وصفه ثم وجده على خلاف ما وصف ثبت له الخيار ، وإن وجده على ما وصف أو أعلا ، ففيه وجهان ( أحدهما ) لا خيار له لأنه وجده على ما وصف فلم يكن له خيار كالمسلم فيه ( والثاني ) أن له الخيار ، لأنه يعرف ببيع خيار الرؤية فلا يجوز أن يخلو من الخيار . 
وهل يكون الخيار على الفور أم لا ؟ فيه وجهان ( قال )  ابن أبي هريرة    : هو على الفور لأنه خيار تعلق بالرؤية ، فكان على الفور وخيار الرد بالعيب ( وقال )  أبو إسحاق    : يتقدر الخيار بالمجلس لأن العقد إنما يتم بالرؤية فيصير كأنه عقد عند الرؤية ، فيثبت له خيار كخيار المجلس ( وأما ) إذا رأى المبيع قبل العقد ثم غاب عنه ثم اشتراه ، فإن كان مما لا يتغير كالعقار وغيره جاز بيعه ، وقال أبو القاسم الأنماطي    : لا يجوز في قوله الجديد ، لأن الرؤية شرط في العقد ، فاعتبر وجودها في حال العقد كالشهادة في النكاح ، والمذهب : الأول ، لأن الرؤية تراد للعلم بالمبيع وقد حصل العلم بالرؤية المتقدمة ، فعلى هذا إذا اشتراه ثم وجده على الصفة الأولى أخذه ، وإن وجده ناقصا فله الرد ; لأنه ما التزم العقد فيه إلا على تلك الصفة ، وإن اختلفا فقال البائع لم يتغير ، وقال المشتري : تغير . فالقول قول المشتري ، لأنه يؤخذ منه الثمن فلا يجوز من غير رضاه وإن كان مما يجوز أن يتغير ويجوز أن لا يتغير أو يجوز أن يبقى ويجوز أن لا يبقى ، ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه لا يصح ، لأنه مشكوك في بقائه على صفته ( والثاني ) يصح ، وهو المذهب ، لأن الأصل بقاؤه على صفته فصح بيعه قياسا على ما لا يتغير ) . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					