قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى البيع بأن ، أو باع دارا بشرط أن يسكنها مدة ، أو ثوبا [ ص: 452 ] بشرط أن يخيطه له أو فلعة بشرط أن يحذوها له بطل البيع ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { باع عبدا بشرط أن لا يبيعه أو لا يعتقه } وروي " أن أنه نهى عن بيع وشرط اشترى جارية من امرأته عبد الله بن مسعود زينب الثقفية وشرطت عليه : أنك إن بعتها فهي لي بالثمن ، فاستفتى رضي الله عنهما فقال : لا تقربها ، وفيها شرط لأحد " . وروي أن عبد الله بن عمر اشترى جارية واشترط خدمتها ، فقال له عبد الله رضي الله عنه : لا تقربها وفيها مثنوية ، ولأنه شرط لم يبن على التغليب ولا هو من مقتضى العقد ولا من مصلحته ، فأفسد العقد . كما لو شرط أن لا يسلم إليه المبيع فإن قبض المبيع لم يملكه ، لأنه قبض في عقد فاسد ، فلا يوجب الملك كالوطء في النكاح الفاسد ، فإن كان باقيا وجب رده وإن هلك ضمنه بقيمته أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف ، ومن أصحابنا من قال : يضمن قيمته يوم التلف ; لأنه مأذون في إمساكه فضمن قيمته يوم التلف كالعارية ، وليس بشيء ; لأنه قبض مضمون في عين يجب ردها فإن هلكت ضمنها بأكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف ، كقبض الغاصب . ويخالف العارية فإن العارية مأذون في إتلاف منافعها ، ولأن في العارية لو رد العين ناقصة بالاستعمال لم يضمن ، ولو رد المبيع ناقصا ضمن النقصان . وإن حدث في عينها زيادة بأن سمنت ثم هزلت ضمن ما نقص ، لأن ما ضمن عينه ضمن نقصانه كالمغصوب ، ومن أصحابنا من قال : لا يضمن ; لأن البائع دخل في العقد ليأخذ بدل العين دون الزيادة ، والمنصوص هو الأول ، وما قاله هذا القائل يبطل بالمنافع ، فإنه لم يدخل في العقد ليأخذ بدلها ثم تستحق . عمر
فإن كان لمثله أجرة لزمه الأجرة للمدة التي أقام في يده ; لأنه مضمون عليه غير مأذون في الانتفاع به فضمن أجرته كالمغصوب . فإن كانت جارية فوطئها لم يلزمه الحد ، لأنه وطء بشبهة ; لأنه اعتقد أنها ملكه ، ويجب عليه المهر لأنه وطء بشبهة فوجب به المهر كالوطء في النكاح الفاسد ، وإن كانت بكرا وجب عليه أرش البكارة لأن البكارة جزء من أجزائها وأجزاؤها مضمونة عليه فكذلك البكارة ، وإن أتت منه بولد فهو حر لأنه اعتقد أنها جاريته ويلزمه قيمة الولد لأنه أتلف عليه رقه باعتقاده ويقوم بعد الانفصال لأنه لا يمكن تقويمه قبل الانفصال ، ولأنه يضمن قيمة الولد للحيلولة وذلك لا يحصل إلا بعد الانفصال ، فإن ألقت الولد ميتا لم يضمنه ; لأنه لا قيمة له قبل الانفصال ولا توجد الحيلولة إلا بعد الانفصال ، فإن ماتت الجارية من الولادة لزمه قيمتها لأنها هلكت بسبب من جهته ، ولا تصير الجارية أم ولد في الحال ، لأنها علقت منه في غير ملكه ، وهل تصير أم ولد إذا ملكها ؟ فيه قولان ) .