قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا ففيه طريقان ( أحدهما ) وهو قول باع عينا بشرط البراءة من العيب : أن المسألة على ثلاثة أقوال ( أحدها ) أنه يبرأ من كل عيب ; لأنه عيب رضي به المشتري فبرئ منه البائع كما لو أوقفه عليه . ( والثاني ) لا يبرأ من شيء من العيوب ; لأنه شرط يرتفق به أحد المتبايعين فلم يصح مع الجهالة كالأجل المجهول [ ص: 608 ] والرهن المجهول . ( والثالث ) أنه لا يبرأ إلا من عيب واحد وهو العيب الباطن في الحيوان الذي لا يعلم به البائع لما روى أبي سعيد الإصطخري سالم أن أباه باع غلاما بثمانمائة بالبراءة من كل آفة فوجد الرجل به عيبا فخاصمه إلى رضي الله عنه فقال عثمان عثمان : احلف لقد بعته وما به داء تعلمه ، فأبى لابن عمر أن يحلف وقبل الغلام فباعه بعد ذلك بألف وخمسمائة " فدل على أنه يبرأ مما لم يعلم ولا يبرأ مما علمه . قال ابن عمر رحمه الله : ولأن الحيوان يفارق ما سواه ; لأنه يغتدي بالصحة والسقم وتحول طبائعه ، وقلما يبرأ من عيب يظهر أو يخفى ، فدعت الحاجة إلى التبري من العيب الباطن فيه ; لأنه لا سبيل إلى معرفته ، وتوقيف المشتري عليه وهذا المعنى لا يوجد في العيب الظاهر ولا في العيب الباطن في غير الحيوان . فلم يجز التبري منه مع الجهالة . ( والطريق الثاني ) أن المسألة على قول واحد ، وهو أنه يبرأ من عيب باطن في الحيوان لم يعلم به ولا يبرأ من غيره ، وتأول هذا القائل ما أشار إليه الشافعي من القولين الآخرين على أنه حكى ذلك عن غيره ولم يختره لنفسه . فإن قلنا ) إن الشرط باطل فهل يبطل البيع ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يبطل البيع ويرد المبيع لحديث الشافعي رضي الله عنه فإنه أمضى البيع ( والثاني ) أنه يبطل البيع ; لأن هذا الشرط يقتضي جزءا من الثمن تركه البائع لأجل الشرط ، فإذا سقط وجب أن يرد الجزء الذي تركه بسبب الشرط وذلك مجهول والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا ، فيصير الثمن مجهولا ففسد العقد . والله أعلم عثمان