في نوادر من حكم ، وأحواله أذكرها إن شاء الله تعالى رموزا للاختصار قال رحمه الله : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة ، وقال : من أراد الدنيا فعليه بالعلم ، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ، وقال : ما تقرب إلى الله تعالى بشيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ، وقال : ما أفلح في العلم إلا من طلبه بالقلة ، وقال رحمه الله : الناس في غفلة عن هذه السورة { الشافعي : والعصر إن الإنسان لفي خسر } ، وكان قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء : الثلث الأول يكتب ، والثاني يصلي ، والثالث ينام ، وقال الربيع : نمت في منزل ليالي فلم يكن ينام من الليل إلا أيسره ، وقال الشافعي : ما رأيت ، ولا سمعت كان في عصر بحر بن نصر أتقى لله ، ولا أورع ، ولا أحسن صوتا بالقرآن منه ، وقال الشافعي الحميدي كان يختم في كل شهر ستين ختمة . الشافعي
وقال حرملة سمعت يقول : وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أؤجر عليه ، ولا يحمدونني ، وقال الشافعي رحمه الله : كأن الله تعالى قد جمع في أحمد بن حنبل كل خير ، وقال الشافعي رحمه الله : الظرف الوقوف مع الحق حيث وقف ، وقال : ما كذبت قط ، ولا حلفت بالله تعالى صادقا ، ولا كاذبا ، وقال : ما تركت غسل الجمعة في برد ، ولا سفر ، ولا غيره ، وقال : ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها من ساعتي ، وفي رواية : من عشرين سنة ، وقال : من لم تعزه التقوى فلا عز له ، وقال : ما فزعت من فقر قط ، وقال : طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد ، وقيل الشافعي : مالك تدمن إمساك العصا ، ولست بضعيف ؟ فقال : لأذكر أني مسافر يعني في الدنيا ، وقال : من شهد الضعف من نفسه نال الاستقامة ، وقال : من غلبته [ ص: 31 ] شدة الشهوة للدنيا لزمته العبودية لأهلها ، ومن رضي بالقنوع زال عنه الخضوع ، وقال : خير الدنيا ، والآخرة في خمس خصال : غنى النفس ، وكف الأذى ، وكسب الحلال ، ولباس التقوى ، والثقة بالله تعالى على كل حال ، وقال للشافعي للربيع : " عليك بالزهد " وقال : أنفع الذخائر التقوى ، وأضرها العدوان . وقال : من أحب أن يفتح الله قلبه أو ينوره ، فعليه بترك الكلام فيما لا يعنيه ، واجتناب المعاصي ، ويكون له خبيئة فيما بينه ، وبين الله تعالى من عمل ، وفي رواية : فعليه بالخلوة ، وقلة الأكل ، وترك مخالطة السفهاء ، وبغض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب " ، وقال : " يا ربيع لا تتكلم فيما لا يعنيك ، فإنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك ، ولم تملكها " ، وقال ليونس بن عبد الأعلى : " لو اجتهدت كل الجهد على أن ترضي الناس كلهم فلا سبيل ، فأخلص عملك ، ونيتك لله عز وجل " وقال : " لا يعرف الرياء مخلص " ، وقال : لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف إلى الزهاد ، وقال : سياسة الناس أشد من سياسة الدواب وقال : " العاقل من عقله عقله عن كل مذموم " ، وقال : " لو علمت أن شرب الماء البارد ينقص من مروءتي ما شربته " .
وقال : " للمروءة أربعة أركان : حسن الخلق ، والسخاء ، والتواضع ، والنسك " ، وقال : " المروءة عفة الجوارح عما لا يعنيها " ، وقال : " أصحاب المروآت في جهد " ، وقال : " من أحب أن يقضي الله له بالخير فليحسن الظن بالناس " ، وقال : " لا يكمل الرجال في الدنيا إلا بأربع بالديانة ، والأمانة ، والصيانة ، والرزانة " ، وقال : أقمت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا عن أحوالهم في تزوجهم فما منهم أحد قال " إنه رأى خيرا " ، وقال : " ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته " ، وقال : " من صدق في أخوة أخيه قبل علله ، وسد خلله ، وغفر زلله " ، وقال : " من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا " .
وقال : ليس سرور يعدل صحبة الإخوان ، ولا غم يعدل فراقهم " ، وقال : " لا تقصر في حق أخيك اعتمادا على مودته " ، وقال : " لا تبذل ، وجهك إلى من يهون عليه ردك " ، وقال : من برك فقد أوثقك ، ومن جفاك فقد أطلقك " ، وقال : " من نم لك نم بك " ، " ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيك ، وإذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك " ، وقال : " الكيس العاقل هو الفطن المتغافل " ، وقال : " من وعظ أخاه سرا فقد نصحه ، وزانه ، ومن ، وعظه علانية فقد فضحه ، وشانه " ، وقال : " من سام بنفسه فوق ما يساوي ، رده الله إلى [ ص: 32 ] قيمته " وقال : " الفتوة حلي الأحرار " وقال : " من تزين بباطل هتك ستره " وقال : " التواضع من أخلاق الكرام ، والتكبر من شيم اللئام " وقال : " التواضع يورث المحبة ، والقناعة تورث الراحة " وقال : " أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره ، وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله " وقال : " إذا كثرت الحوائج فابدأ بأهمها " وقال : " من كتم سره كانت الخيرة في يده " وقال : " الشفاعات زكاة المروآت " ، وقال : " ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه " . وهذا الباب ، واسع جدا لكن نبهت بهذه الأحرف على ما سواها . فصل .
قد أشرت في هذه الفصول إلى طرف من حال رضي الله عنه وبيان رجحان نفسه ، وطريقته ، ومذهبه ، ومن أراد تحقيق ذلك فليطالع كتب المناقب التي ذكرتها ، ومن أهمها : كتاب الشافعي رحمه الله وقد رأيت أن أقتصر على هذه الكلمات ، لئلا أخرج عن حد هذا الكتاب ، وأرجو بما أذكره ، وأشيعه من محاسن البيهقي رضي الله عنه وأدعو له في كتابتي ، وغيرها من أحوالي ، أن أكون موفيا لحقه أو بعض حقه علي لما ، وصلني من كلامه ، وعلمه ، وانتفعت به ، وغير ذلك من وجوه إحسانه إلي رضي الله عنه وأرضاه ، وأكرم نزله ، ومثواه ، وجمع بيني ، وبينه مع أحبابنا في دار كرامته ، ونفعني بانتسابي إليه ، وانتمائي إلى صحبته الشافعي